كان يمارس "فني التخدير" السوري وليد عياطة، عمله الطبي في
غوطة دمشق، ولكن وفاة زملائه جعلته يتحول إلى حمل السلاح ضد قوات النظام السوري، فأصيب بساقيه ورأسه، ليخوض رحلة علاج شاقة تلقى فيها 27 عملية جراحية لعلاج ساقيه، ليعود بعد الانتهاء من العلاج إلى الغوطة ويمارس عمله الطبي مجددا.
وكان عياطة الذي ينحدر من حي جوبر الدمشقي، أحد أركان تأسيس العمل الطبي في الغوطة الشرقية مع مطلع
الثورة السورية في 2011، وفي كانون الثاني/ يناير2013 قضى ثلاثة أشخاص من أكثر المقربين إليه على يد النظام السوري خلال يومين، وعندما قتل ثالثهم في مدينة عربين الواقعة في الشمال الشرقي للعاصمة دمشق؛ طلب عياطة إجازة طبية للقيام بدفن صديقه في حي جوبر، وبعدها عاد إلى الغوطة الشرقية مقررا الالتحاق بالجبهات العسكرية والقتال، كما قال لـ"
عربي21".
وأضاف أنه "في 1 شباط/ فبراير 2013، شاركت بإحدى المعارك ضد قوات النظام، ونجحنا في تحرير عدة مبان بالغوطة الشرقية، وأثناء ذلك؛ التقيت مع دبابة للنظام وجها لوجه، فأطلقت نحوي قذيفة ذهبت معها معظم ساقي اليسرى، وأصيبت اليمنى، بالإضافة إلى إصابة رأسي ببعض الشظايا".
وعقب إصابته؛ خضع عياطة لعمل جراحي في المشفى الذي كان هو أحد مؤسسيه في الغوطة؛ استمر لمدة ست ساعات، أجري له فيها وصل للأوعية الدموية، في محاولة لتجنب بتر ساقه من خلال تثبيت العظام المفتتة، لكن إصابته تعرضت للإنتان، فقرر الأطباء بتر الساق، إلا أنهم تراجعوا عن ذلك مقترحين إخراجه من
سوريا لتلقي العلاج في دولة عربية، بمساعدة أحد فصائل الثورة بالغوطة.
ويقول عياطة: "خرجت من الغوطة برفقة شاب في رحلة وعرة للغاية نحو
لبنان، ولكننا في الطريق وقعنا في كمين محكم لقوات النظام، حيث أطلقوا علينا النار من مدافع عيار 23 مم، فأصيب الشاب المرافق لي، وازدادت الأمور صعوبة، لكننا أصررنا على المتابعة والهروب من احتمالية الوقوع بالاعتقال، حتى وصلنا إلى منطقة القريتين التابعة لمحافظة حمص، وهناك أجرى المشفى الطبي إسعافات أولية للمرافق، وبتر ساقه لإيقاف نزيف دمه، وأعطاه سبع وحدات دم لتعويض النقص الدموي الذي حصل معه".
وأضاف أنه "بعد ذلك؛ أكملنا المسير نحو بلدة يبرود في القلمون، وبقينا في المشفى هناك عدة أيام، أجريت ثلاث عمليات فيها لساقي بهدف منع الإنتان، ومن ثم قرر الأطباء هناك بتر ساقي، ولكنني أصررت على إبقائها".
وتابع
الطبيب المصاب مسيره نحو لبنان، ودخل مشفى قرية شتورة اللبنانية بمحافظة البقاع، وأجريت فيه عمليتان لساقه، وقال له أطباء المشفى إنه يجب بتر ساقه، فرفض، وبعد بعض المراسلات والتواصل، تم تحوله من مشفى شتورة إلى مشفى الجامعة الأمريكية في العاصمة بيروت، حيث خضع فيها لعدة عمليات جراحية، تكللت بالمحافظة على ساقه بلا قطع، ولكن من دون مفصل الركبة، بمعنى أنها أصبحت "ساقا ثابتة".
وقال عياطة إن "المشفى أجرى لي بعد ذلك عدة عمليات؛ لتعويض الجلد المفقود، ثم عدت إلى يبرود، وحينها وردتني عدة عروض من قبل المجلس الوطني السوري للسفر إلى أي دولة بهدف العلاج، ولكنني قررت العودة إلى الغوطة الشرقية، ودخلتها بالفعل بعد شهر ونصف وساقي فيها مثبتات حديدية".
وختم عياطة حديثه لـ"
عربي21" قائلا: "منذ ثلاث سنوات وإلى الآن؛ أتواجد في الغوطة الشرقية، حيث أجريت فيها عمليات متتابعة بسبب الإنتانات، لكنني بفضل الله؛ أمارس عملي الطبي، وأقدم الخدمات الطبية والإسعافات للأهالي والمصابين".