نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا للكاتب ديفيد فهرنتهولد، يقول فيه إن المؤسسة الخيرية التي تحمل اسم الرئيس المنتخب "مؤسسة
ترامب" اعترفت لدائرة الإيرادات الداخلية بأنها اخترقت القوانين التي تمنع الأشخاص الذين يترأسون المؤسسات غير الربحية من الاستفادة من أموال المؤسسات الخيرية هم أو تجارتهم أو عائلاتهم.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن هذا الاعتراف جاء في تقرير حسابات مؤسسة ترامب، المقدم لدائرة الإيرادات الداخلية لعام 2015، الذي تم نشره على موقع مراقبة المؤسسات غير الربحية "غايد ستار"، وقال متحدث باسم "غايد ستار" إن شركة "مورغان ولويس وبوكيس" للمحاماة، التي تستخدمها مؤسسة ترامب، قامت بتحميل التقرير.
ولم تتمكن "واشنطن بوست" من التأكد مباشرة من أنه تم إرسال الاستمارة ذاتها لدائرة الإيرادات الداخلية فعلا.
ويبين الكاتب أنه في أحد أجزاء الاستمارة هناك سؤال عما إذا كانت المؤسسة حولت أموالا، سواء كانت "دخلا أو أصولا إلى شخص غير مؤهل"، مشيرا إلى أن الشخص غير المؤهل في هذا السياق قد يكون ترامب -رئيس المؤسسة- أو عضوا من عائلته أو لتجارة يملكها ترامب، وكان جواب المؤسسة على هذا السؤال "نعم".
وتلفت الصحيفة إلى أن المؤسسة أجابت بـ"نعم" عن سؤال آخر، يسأل عما إذا كانت المؤسسة شاركت في عمليات "تعامل ذاتي"، وهو استغلال المسؤولين لمناصبهم لتحقيق فائدة مادية أو تجارية من المؤسسة.
ويفيد التقرير بأن مثل هذه التجاوزات قد تؤدي إلى عقوبات، مثل فرض ضرائب على الأموال المستخدمة، ويمكن أن يطلب من رؤساء المؤسسات الخيرية رد الأموال التي دفعتها تلك المؤسسات لصالحهم.
وكانت "واشنطن بوست" قد نشرت تقارير خلال حملة الانتخابات الرئاسية، حيث بدا وكأن ترامب يستخدم أموال المؤسسة لشراء أشياء لنفسه، أو للاستفادة منها في أحد أعماله الربحية.
ويستدرك فهرنتهولد بأن "التقارير المقدمة من مؤسسة ترامب لدائرة الإيرادات الداخلية لا تعطي تفاصيل كثيرة، ولذلك ليس من الواضح إن كانت هذه الاعترافات تتعلق بحالات تم نشر تقارير حولها في (واشنطن بوست)، فلم يصف التقرير مثلا حالات (التعامل الذاتي)، ولم يوضح إن كان ترامب دفع غرامات، وتقدم مثل تلك التفاصيل على استمارة مختلفة للدائرة، ولم تكن موجودة مع الوثائق التي تم نشرها على موقع (غايد ستار)، ولم يستجب فريق ترامب لطلب التعليق يوم الثلاثاء".
وتذكر الصحيفة أن مكتب المدعي العام في نيويورك يقوم بالتحقيق في مؤسسة ترامب الخيرية، بعد تقارير نشرتها "واشنطن بوست"، تصف حالات "تعامل ذاتي" وقعت في تلك المؤسسة، بعضها يعود إلى عام 2007، مشيرة إلى أن المتحدث باسم المدعي العام إريك شنايدرمان رفض التعليق أكثر من قوله: "تحقيقنا جار".
وينوه التقرير إلى أنه لم يكن هناك رد مباشر من دائرة الإيرادات الداخلية، ولم تقل الدائرة إن كانت تحقق في المؤسسة الخيرية التابعة للرئيس المنتخب دونالد ترامب، لافتا إلى أن مؤسسة ترامب أنشئت منذ عام 1987، ويبدو أن هذه هي المرة الأولى التي تعترف فيها بأنها ارتكبت مثل هذا الخرق.
ويقول الكاتب إن "ما يريد أن يعرفه فيليب هاكني، الذي عمل سابقا مع دائرة الإيرادات الداخلية، ويعمل الآن أستاذا في جامعة لويزيانا، هو السبب وراء اعتراف مؤسسة ترامب الآن بالتعامل الذاتي، في الوقت الذي كانت تخبر فيه الإدارة في السنوات السابقة أنها لم تقترف ذنبا".
وتنقل الصحيفة عن هاكني، قوله: "ما هي المعاملات التي أدت إلى التعامل الذاتي؟ ولماذا لم يتمكنوا من التعرف عليها في السنوات السابقة"، وأضاف أن التقارير السابقة موقعة من ترامب، وهذا يعني أن الرئيس المنتخب عرضة للمساءلة حول ما لم يلاحظه ولماذا.
وكانت "واشنطن بوست" كشفت خلال حملة الانتخابات الرئاسية عدة حالات، تصل قيمتها إلى 300 ألف دولار، حيث يظهر أن ترامب استخدم مؤسسته الخيرية لأغراضه الشخصية، ومنذ عام 2009 حتى هذا العام، تم تمويل هذه المؤسسة الخيرية حصريا من أناس آخرين، وهو ترتيب يقول الخبراء إنه غير مسموح به في مؤسسة عائلية.
ونشرت "واشنطن بوست" عن حالتين يبدو أن مؤسسة ترامب دفعت فيهما التكاليف القانونية لقضايا تتعلق بأعمال ترامب الربحية، مشيرة إلى أن ترامب توصل في إحداها إلى حل مع بلدية بالم بيتش في فلوريدا، بخصوص سارية طويلة نصبها على نادي مارا لاغو، ووافقت البلدية أن تلغي غرامات قيمتها 120 ألف دولار عنه إن تبرع بمئة ألف دولار لمؤسسة "فيشر هاوس"، وهي مؤسسة خيرية تعنى بجرحى المقاتلين القدامى والعسكريين، ودفعت مؤسسة ترامب المبلغ بدلا عنه، فوفرت على أعماله 100 ألف دولار.
وبحسب التقرير، فإنه في الحالة الأخرى، تم رفع قضية على ملعب الغولف التابع لترامب من شخص ربح مليون دولار، لكنه رفض دفع الجائزة للرجل؛ بحجة أن المسافة للحفرة كانت أقل من أن يربح الجائزة، وتم التوصل إلى اتفاق، ولا أحد يعرف المبلغ الذي تم الاتفاق عليه، لكن في اليوم الذي أخبر فيه الطرفان المحكمة بأنهما توصلا إلى حل، دفعت مؤسسة ترامب 158 ألف دولار للمؤسسة الخيرية التابعة للاعب الغولف، ولم تدفع شركة ملعب الغولف التابعة لترامب شيئا.
ويورد فهرنتهولد أنه في ثلاث حالات أخرى دفعت مؤسسة ترامب ثمن أشياء اشتراها ترامب أو زوجته في مزادات خيرية، ففي 2012 دفع ترامب 12 ألف دولار لخوذة كرة قدم أمريكية موقعة من تيم تيبو، وفي عام 2007 اشترت زوجته ميلانيا صورة لترامب ارتفاعها 6 أقدام، قام برسمها مايكل إسرائيل بـ 20 ألف دولار، بالإضافة إلى أن ترامب اشترى في عام 2014 صورة له بارتفاع 4 أقدام، رسمها هافي ستشانز بـ 10 آلاف دولار في مزاد خيري، لافتا إلى أن مؤسسة ترامب دفعت في المرات الثلاث الفاتورة.
وتنقل الصحيفة عن خبراء الضرائب، قولهم إنه بحسب القانون، يجب أن تستخدم هذه الأشياء في العمل الخيري، مشيرة إلى أن ممثلي ترامب لم يوضحوا ماذا حصل للخوذة ولا للصورة، التي كلفت 20 ألف دولار، أما الصورة، التي كلفت 10 آلاف دولار، فقد كشف قراء "واشنطن بوست" موقعها بعد تغطية الصحيفة لأعمال مؤسسة ترامب، وقالوا إنها معلقة على واجهة البار الرياضي في دورال غولف ريزورت، خارج ميامي.
ويورد التقرير أن متحدثا باسم حملة ترامب رفض في أيلول/ سبتمبر، فكرة أن ترامب ارتكب أي خطأ عند استخدامه أموال المؤسسة الخيرية لشراء قطع فنيه لباره، مستدركا بأن المتحدث بوريس إيبشتين قال إن البار الرياضي يخدم المؤسسة الخيرية "بتخزينه" القطعة الفنية لها دون رسوم تخزين، وقال خبراء الضرائب إن هذه الحجة لن تقف في المحكمة.
وعلق في وقتها المحامي بريت كابل، الذي يقدم استشارات للشركات غير الربحية، قائلا: "من الصعب أن تجعل مدقق دائرة الواردات الداخلية أن يضحك .. لكن هذه الحجة ستفعل ذلك"، بحسب الصحيفة.
ويذكر الكاتب أنه في تقرير حسابات عام 2015، اعترفت المؤسسة لأول مرة بأنها تملك هذه القطع، لكنها سجلت قيمتها أقل بكثير من المبالغ التي دفعتها لشرائها، فسجلت قيمة الخوذة 475 دولارا، والصورة التي كان ثمنها 20 ألف دولار تم تسجيلها بقيمة 700 دولار، والصورة التي اشترتها بـ 10 آلاف دولار تم تسجيلها بقيمة 500 دولار، منوها إلى أن تقرير الحسابات لم يبين أين توجد هذه القطع، وما هو الاستخدام الخيري الذي يفكر فيه ترامب لهذه القطع الفنية.
وتكشف الصحيفة عن أن حسابات المؤسسة أظهرت -لأول مرة منذ ست سنوات- أنه وصلها تبرع من مؤسسة تابعة لترامب، حيث تظهر تبرعا بقيمة 566370 دولارا أمريكيا من شركة ترامب، وهي شركة يملكها ترامب 100%، بالإضافة إلى أنه ورد مبلغ 50 ألف هدية من شركة إنتاج تابعة لترامب.
وينوه التقرير إلى أن المؤسسة سجلت هدية قيمتها 150 ألف دولار من رجل الأعمال الأوكراني الكبير المتخصص في الفولاذ فيكتور بنتشك، وكانت تلك هي الأولى منه، مشيرا إلى أن بنتشك، الذي يدعم علاقات قوية بين أوكرانيا والغرب، وعد بتبرعات سخية لمؤسسة كلينتون الخيرية عندما كانت وزيرة للخارجية، ما أثار تساؤلات وقتها عما إذا كان ذلك يشكل تضاربا في المصالح.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى قول متحدث باسم مؤسسة بنتشك، إن التبرع كان جزءا من اتفاق مع ترامب بأن يتحدث عبر الفيديولينك في مؤتمر نظمه بنتشك في أيلول/ سبتمبر 2015، وفي الوقت الذي قدم فيه كلمته التي امتدت 20 دقيقة، كان ترامب قد أصبح مرشحا رئاسيا.