"مردخاي" بديل السلطة في خدمة المواطنين الفلسطينيين

أثار قادة في حكومة الاحتلال موجة من التساؤلات حول أسباب امتلاكهم لحسابات باللغة العربية على مواقع التواصل الاجتماعي، كـ"تويتر" و"فيسبوك"، حيث يستخدمونها للترويج للشائعات كما يقول الفلسطينيون.

ويمتلك أوفير جيندلمان، الناطق باسم رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، حسابين باللغة العربية على "تويتر" و"فيسبوك"، ومثله الناطق باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، ومنسق شؤون المناطق في جيش الاحتلال يؤاف مرداخي.

ويوظف قادة الاحتلال، وسائل التواصل الاجتماعي، لبث الرسائل باللغة العربية للجمهور في العالم العربي بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص.

ومن أبرز هذه الأسماء والأكثر تواصلا وتفاعلا مع الفلسطينيين هو الجنرال مردخاي، وهو مسؤول وحدة تنسيق المناطق التابعة للإدارة المدنية الخاضعة لجيش الاحتلال.

ما هي الإدارة المدنية؟

وتعتبر الإدارة المدنية السلطة الفعلية في الضفة الغربية والتي تتحكم في أكثر من 60% من مساحة الضفة الغربية بشكل كامل، فيما تتدخل أحيانا في بقية المناطق بحسب الحاجة.

ووفقا لاتفاق أوسلو، فقد تم تقسيم المناطق الفلسطينية إلى ثلاثة وهي: "أ"، وهي منطقة خاضعة للسيطرة الأمنية والإدارية الفلسطينية؛ و"ب"، وهي منطقة خاضعة للسيطرة المدنية الفلسطينية والأمنية الإسرائيلية؛ و"ج"، وهي منطقة خاضعة للسيطرة المدنية والأمنية الإسرائيلية بشكل كامل، وتشكل المساحة الكبرى في الضفة الغربية.

وتقوم الإدارة المدنية ومقرها الرئيس في مستوطنة "بيت إيل" قرب مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، بإجراء جميع المعاملات من تراخيص بناء وبيع وشراء الأراضي والتسجيل والاعتراض على القرارات، إلى آخره من الأمور الإدارية الحياتية العادية.

من هو مردخاي؟

وبالعودة إلى الجنرال مردخاي؛ فهو ضابط في جيش الاحتلال ويعمل منذ عام 2014 كممثل للحكومة الإسرائيلية في ما يسمى بالمناطق، ويقصد بذلك الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو يسعى للتواصل مع الفلسطينيين ويتقن اللغة العربية.

الصحفي والباحث في الشأن الإسرائيلي عمر أبو عرقوب، قال في حديث مع "عربي21" إن مردخاي دائما يحاول التواصل مع الفلسطينيين بشكل مباشر.

وأضاف أبو عرقوب: "الحدث الأبرز خلال الأيام الماضية كان من خلال البث المباشر على "فيسبوك" من قبل مردخاي، للرد على تساؤلات المواطنين وفتح خط مباشر معهم للظهور أمامهم بمظهر أنه يحاول خدمتهم".

وحذر من خطورة تداعيات مثل هذا التواصل، حيث إنه شبهه بالمفاوضات، مع فارق أن السلطة الفلسطينية كانت تجريها بالسر، فيما تتم مع المسؤول الإسرائيلي اليوم بشكل علني.

وكان مردخاي، قال خلال البث المباشر إن هدفه التواصل المباشر مع الفلسطينيين لتسهيل حياتهم اليومية، وأعلن إطلاق مواقع إلكتروني باسم "المنسق"، سيتم من خلاله نشر الأخبار والتواصل مع الفلسطينيين.

بديل للسلطة

وعن الرسائل التي يريد الاحتلال إيصالها قال أبو عرقوب: "بهذه الطريقة يريد الاحتلال أن يقول للمواطن الفلسطيني إن سلطته ليست موجودة وهي لا تستطيع الحصول على تصريح له، وإنها فقط سلطة شكلية وهي التي تتحكم بوجودها وتدعم وجودها أو إزالتها".

وشدد أبو عرقوب أن ما يحصل هو عبارة عن تنفيذ عملي للسياسة الإسرائيلية الجديدة للتعاطي مع الضفة الغربية وغزة، من خلال إيجاد خط مفتوح للتواصل ما بين المواطن الفلسطيني والمسؤول الإسرائيلي وتحديدا الجيش، وحذر من تداعيات كبيرة وخطيرة كإيجاد العملاء والإبلاغ عن وجود عمليات ضد إسرائيل.

وكان أفغيدور ليبرمان، وزير حرب الاحتلال، أعلن عن خطة للتواصل المباشر مع الفلسطينيين، من خلال الاستغناء عن السلطة الفلسطينية ومحاولة إيجاد قيادات بديلة بإمكان الاحتلال التعامل معهم.

ومن خلال متابعة "عربي21" لصفحة "المنسق"، فإنها وجدت تفاعلا كبيرا بين رواد التواصل الاجتماعي، إضافة للردود المباشرة من قبل الجنرال الإسرائيلي على عدد كبير من التعليقات التي تأتي إليه من باب التساؤلات أو الطلبات، حيث إنها لاقت تفاعلا من قبل الجنرال الإسرائيلي بشكل مباشر.

سلاح استراتيجي

من جهة أخرى، قال الكاتب والمحلل السياسي خالد عودة الله، في حديث مع "عربي21"، إن الاحتلال الإسرائيلي يتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي كسلاح ضمن استراتيجية شاملة.

وأوضح عودة الله: "هذا التعامل يقع ضمن استراتيجية شاملة لقمع (تهدئة) المجتمع الفلسطيني، تزاوج ما بين الوسائل العنيفة وغير العنيفة، ومن ضمنها ما يسمى (كسب العقول والأفئدة) من خلال التواصل (الإنساني المباشر)، بهدف خلق حالة من التواطؤ مع الاستعمار الصهيوني تشكل حاجزا مجتمعيا لنمو مضاد للفعل المقاوم، وبالتالي فإننا نتحدث عن استراتيجية جادة لا عن فعل فردي لضابط ما".
 
وشدد عودة الله على أن ما يجري هو تطبيق لمفهوم الحرب النفسية والمعلوماتية ضد المجتمع الفلسطيني، كأحد أهم التوصيات لابتكار وسائل ناعمة وجديدة لقمع الهبة الشعبية.

وحول محاولة الاحتلال إيجاد بديل للسلطة الفلسطينية، قال عودة الله: "عادة ما يعتمد المستعمِرون في بسط سيطرتهم واختراقهم للمجتمعات الخاضعة للاستعمار، على تشكيلة من الشبكات الرسمية وغير الرسمية، وإسناد الدور الوظيفي للسلطة وتكميله من خلال بناء علاقات مجتمعية تقوم بدور وظيفي متواطئ مجتمعي على مستوى شعبي".

وأضاف: "من ثمّ يتم خلق حالة تنافس تدفع السلطة للقيام بالمزيد من الجهود للحفاظ على احتكارية الدور الوظيفي وأحاديته لأجل ابتزازها".

وحذر الكاتب عودة الله من التواصل مع الاحتلال، حتى وإن كان عبر الشتائم، لأن الأخيرة هي بداية ومقدمة لما قال إنها بناء علاقة والبدء بالتأثر بالحرب النفسية التي يخوضها العدو.

وختم قائلا: "هذه العملية بحد ذاتها تزيد من عدد المتابعين حيث إن كل شخص يتفاعل مع هذه الصفحات يشكل فرصة لتعرف أصدقائه عليها، ولهذا فإنه لا يتم حظر الشاتمين على هذه الصفحات".