انتشرت مؤخرا في الريف
المصري حالات السطو المسلح، وقطع الطرق، والاعتداء على المارة بالأسلحة النارية والبيضاء، في ظل حالة من الانفلات الأمني تشابه ما عاشه المصريون إبان ثورة يناير 2011، وأثناء فترة حكم الرئيس محمد مرسي، وهو ما عرف حينها بـ"تقاعس الشرطة"، حسب الأهالي.
ويرى محللون أن حالة الانفلات الأمني والسطو المسلح هذه المرة جاءت مقترنة بأزمات تعيشها مصر، من فرض الضرائب ورفع الدعم عن السلع الأساسية، إلى انتشار البطالة وزيادة معدلات الفقر وارتفاع الأسعار وزيادة أعداد الجائعين، ما دفع ببعض العاطلين إلى تكوين
عصابات سطو مسلح؛ لقطع الطرق، والاستيلاء على الممتلكات نهارا.
تراجع الاقتصاد وانتشار الجريمة
ورغم أن قوات أمن الانقلاب عادت للشارع المصري بشكل مكثف إثر
الانقلاب العسكري منتصف 2013، وانخفضت معدلات البلطجة مع بداية حكم عبدالفتاح السيسي، إلا أن جرائم السطو المسلح عادت بشكل أكبر مع التراجع الاقتصادي الذي يوفر بيئة خصبة لانتشار الجريمة، خاصة في ظل سوء توزيع الدخل.
ويرى المحللون أيضا أن أشكال السطو المسلح -التي تعج بها الصحف- بدأت بسرقة المصريين في الشوارع بالإكراه، وسرقة رجال أعمال وأثرياء ومهنيين، ثم طلب الفدية، وزاد الأمر ليشمل السطو على السيارات والبنوك وعربات نقل الأموال، ثم انتقلت الظاهرة إلى القرى، مع انشغال الأمن بمتابعة أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وترك العناصر الإجرامية.
"عربي 21" ترصد بعض الحالات التي تعرضت للسطو المسلح والاعتداء بالرصاص في منطقة منيا القمح بمحافظة الشرقية (شمال شرق القاهرة).
سطو في وضح النهار
كانت الساعة تقترب من التاسعة صباح الأربعاء، بينما يقود الموجه بالتربية والتعليم، رمضان محمد عبدالله، (47 عاما)، دراجته البخارية على طريق ميت سهيل منيا القمح، وإذ به يفاجأ بثلاثة ملثمين يحملون سلاحا آليا وخرطوشا وطبنجة 9 ملي، ويوجهونها نحوه، ويأمرونه بتسليم دراجته (بجاج) بقيمة 20 ألف جنيه مصري، ما يعادل (1100 دولار)، حسب شهود عيان.
صدمة الأستاذ رمضان، عضو نقابة المعلمين بالشرقية، جعلته يحاول الفرار، إلا أن الملثمين الثلاثة أطلقوا رصاصتين، اخترقت إحداهما جسده، وأصابت الثانية ذراعه اليمني، وفروا هاربين، فيما يرقد رمضان في مستشفى الأحرار بالزقازيق بعد استئصال جزء من أمعائه.
حاميها حراميها
بسام أحمد، عضو نقابة المعلمين بالشرقية وزميل المجني عليه، قال بصوت غاضب: "كل ما يحدث لنا بفعل الفقر والجوع الذي أصابنا على يد السيسي، والقادم سيكون أسوأ؛ بسبب تواطؤ الشرطة التي تعرف من هم الجناة. ومن الآخر؛ حاميها حراميها".
وأضاف أحمد لـ"عربي 21": "الكارثة أن الأهالي تتعرض بمعدل كل أسبوع لواقعة سرقة دراجة من نوع (بجاج) بالإكراه واعتداء بالسلاح، وهناك تشكيل عصابي تقوده امرأة زوجها أمين شرطة (درجة أقل من الضابط)، ورغم علم الأمن بجرائمها، إلا أنه لم يتم القبض عليها".
ثقة الجناة
سمير أيوب (55 عاما)، موظف يرتاد الطريق ذاته بشكل يومي، وفي موعد ثابت كل صباح، فتتبعته إحدى تلك العصابات وأوقفته، إلا أنه حاول الفرار، فأصابوه بجرح نافذ في رأسه، واستولوا على دراجته البخارية وهاتفه المحمول ومبلغ مالي.
يقول أيوب لـ"عربي 21": "حاولت منعهم حتي يلحق بي أحد المارة، واستسلمت في النهاية عندما رأيت ما لديهم من سلاح، وكيف أنهم يتحدثون بثقة، كما أن خروجهم للسطو نهارا يعني أن هناك من يحميهم".
محمدي آثر السلامة
"آثرت أن أترك دراجتي البخارية وهاتفي المحمول وما معي من نقود، حتى أنجو"، هذا ما يرويه مدرس اللغة الإنجليزية نادي محمدي (50).
وقال محمدي لـ"عربي 21": "بينما كنت أسير على طريق ميت سهيل البلاشون باتجاه مدينة بلبيس، الثامنة صباحا، فوجئت بمجموعة ملثمة تقطع طريقي. فكرت في الهروب أو المراوغة، ولكني وجدتهم يمسكون بي ومعهم أنواع مختلفة من السلاح، فتركت لهم هاتفي المحمول وما معي من نقود والدراجة التي ركبها أحدهم وغاب عن الأنظار".
لا أمان مع الجوع
حمادة نبيل، عامل، يقول: "بينما أركب سيارة نقل إلى منيا القمح، أوقف شابان صغيران السائق، ووضعا سكينا فوق رقبته، وأخذا منه ماله وهاتفه، إلا أن قلة خبرتهما أوقعتهما، حيث سيطر عليهما الأهالي، فظلا يبكيان، وقالا إنهما بلا مأوى، ويبحثان عن الطعام، فتركوهما".
ويضيف نبيل: "رأيت بعيني أطفالا ونساء ومسنين يبحثون في أكوام القمامة عن فضلات طعام، فلا تحدثني عن الأمن قبل توفير الطعام".
معدلات الجريمة
وكشف تقرير للأمن العام حول معدلات الجريمة في مصر، عام 2013، عن ارتفاع معدلات الجرائم، خاصة القتل والسرقة بالإكراه وسرقة السيارات، وكشف أن السرقة بالإكراه زادت بنسبة 350%، أما سرقة السيارات فقد زادت بنسبة 500%.
وأكدت إحصائيات رسمية صادرة عن وزارة الداخلية أن في مصر أكثر من 92 ألف بلطجي ومسجل خطر ارتكبوا جرائم قتل واغتصاب وخطف.