نشرت مجلة "جون أفريك" الفرنسية تقريرا؛ تحدثت فيه عن وصول رئيس
الحكومة المكلف بالمغرب، عبد الإله بن كيران، لطريق مسدود في تشكيل الحكومة الجديدة. في المقابل، تبرز عدة خيارات يمكن أن تكون مخرجا من هذا المأزق السياسي.
وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه مر حوالي 45 يوما على تكليف
ابن كيران بتشكيل حكومة جديدة، لكنه لم يتفق حتى الآن على تركيبتها مع أمين عام حزب التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش، الذي قدم شروطا يراها الإسلاميون "شديدة القسوة".
ومن السيناريوهات الممكنة للخروج من هذا الجمود؛ إجراء
انتخابات جديدة، لكن هذا السيناريو يعد غير مقبول.
ووفق المحلل السياسي مصطفى سهيمي، فإن "هذا السيناريو مستبعد، بسبب التكلفة المالية التي تستحقها الانتخابات الجديدة، فضلا عن إمكانية الدخول في أزمة سياسية أكبر من تلك التي تشهدها البلاد في الوقت الحالي". ويضيف الخبير أنه "يتطلب توفير حوالي مليار درهم من أجل دعم الأحزاب وتغطية التكاليف اللوجستية والتنظيمية".
وأشارت المجلة إلى أن فكرة إعادة الانتخابات من جديد، قد تعزز موقف قادة الحزب الإسلامي، وعلى رأسهم ابن كيران، الذي اتهم بعض الأحزاب اليسارية بتعطيل تأسيس الحكومة، فالانتخابات قد تخدم حزب
العدالة والتنمية.
أما السيناريو الثاني المحتمل، فهو أن يقوم العاهل
المغربي بسحب التكليف من ابن كيران ومنحه لشخص آخر من الحزب نفسه. ونظريا، ليس هناك مانع من اعتماد هذا الإجراء، استنادا للمادة 47 من الدستور المغربي.
وتنص هذا المادة على أنه للملك الحق في تسمية رئيس الحكومة من بين أعضاء الحزب الفائز في الانتخابات، ولم ينص الدستور على وجوب أن يكون رئيس الحكومة هو نفسه رئيس الحزب.
لكن المشكلة الحالية لا تكمن في شخص ابن كيران، بل في عملية تأسيس حكومة تقود المملكة، كما يمكن ألا يتقبل أعضاء حزب العدالة والتنمية فكرة اختيار أحد منهم غير ابن كيران.
والسيناريو الثالث، بحسب سهيمي، يتمثل في قيام العاهل المغربي بالبحث عن رئيس للحكومة بعيدا عن حزب العدالة والتنمية. لكن "هذا السيناريو غير مقبول أيضا، وذلك لأن الفصل 47 من الدستور المغربي، يجبر الملك على اختيار وزير للحكومة من بين أعضاء الحزب الفائز فقط. ولهذا السبب لا يمكن تجاهل نتائج الانتخابات التشريعية حتى في ظل وجود أزمة سياسية".
لكن السيناريو البديل هو أنه يمكن أن يصل حزب العدالة والتنمية وحزب التجمع الوطني للأحرار إلى تفاهم "رغم الصعوبات الحالية، حيث سيكون ذلك أفضل سيناريو للخروج من هذه الأزمة السياسية"، كما يقول سهيمي.
وما يزال ابن كيران يمد يده لعزيز أخنوش، رغم اتهامه له مؤخرا بتعطيل مسار تشكيل الحكومة. وهذا ما أكده ابن كيران في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر، عبر الموقع الإلكتروني المغربي "لو360"، عندما أعلن بأنه "ينتظر عودة العاهل المغربي من جولته الإفريقية، ليباشر المفاوضات مع حزب التجمع الوطني للأحرار ومع باقي الأحزاب".
في المقابل، قالت المجلة إن شرط حزب التجمع الوطني للأحرار للمشاركة في الحكومة يتمثل في استبعاد حزب الاستقلال، الذي يعتبر من أعرق الأحزاب السياسية في المملكة. لكن ابن كيران لم يبد رأيه حول هذا الموضوع، وإنما فضل إعطاء الكلمة لزعيم حزب الاستقلال، حميد شباط.
من جهة أخرى، تحدثت المجلة عن نجاح حزب العدالة والتنمية في الظفر بحوالي 183 مقعدا بعد تحالفه مع كل من حزب الاستقلال وحزب التقدم والاشتراكية، إلا أن هذه النسبة من المقاعد لم تصل إلى الرقم المطلوب، الذي يتمثل في الحصول على 193 مقعدا، ليمثل الأغلبية داخل البرلمان. لكن في حال تحالف الحزب الحاكم مع حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي حصل على 37 مقعدا في البرلمان، فإن ذلك سيكون بمنزلة الحل الأنسب لابن كيران.
في المقابل، اشترط حزب عزيز أخنوش إدخال حزب الاتحاد الدستوري معه، مع العلم أن هذا الحزب حصل على المركز السابع خلال الانتخابات الأخيرة. وبالتالي، سيجد ابن كيران نفسه أمام تشكيل حكومة مكونة من خمسة أحزاب بدلا من أربعة. والأسوأ من ذلك، أن هذه الأحزاب تمتاز بتباين بين أيديولوجياتها.