أثار إعلان الأمن العام الأردني إطلاق "دوريات إلكترونية" على
مواقع التواصل الاجتماعي لمراقبة ما وصفت بـ"المتعدين على حقوق وحريات المواطنين" مخاوف توسعها لخارج هذا الإطار ومسها بحرية الرأي والتعبير ومحاسبة المشاركين على مواقع التواصل على آرائهم.
وقال الأمن العام ببيان رسمي إن الدوريات الإلكترونية "من أجل حماية المواطنين من متسببي الجرائم المتمثلة بالاعتداء على كرامة المواطنين واغتيال الشخصية واستخدام الاساليب الاحتيالية".
أشار البيان إلى أن الدوريات ستلاحق أنواع الجرائم الالكترونية مثل الدخول غير المشروع على موقع الكتروني والتلاعب بالمحتوى الالكتروني وانتحال صفة موقع الكتروني أو شخصية مالكه واستخدام البرمجيات الخبيثة والاعتراض والتنصت على شبكة الانترنت او نظام المعلومات والحصول على معلومات وبيانات بطاقات الائتمان والمعلومات المصرفية عبر الانترنت والاستغلال الجنسي للاطفال وغير العاقلين عبر الانترنت" على حد قوله.
وكانت "عربي21" كشفت إبان تغطيتها لحادثة مقتل الكاتب الصحفي الأردني ناهض حتر قبل نحو شهرين عن توجه يطبخ في أروقة الحكومة الأردنية لسن قانون جديد لـ"مكافحة التمييز والكراهية" وسيشمل القانون ما ينشر على صفحات التواصل الاجتماعي الأمر الذي أثار تخوفات حقوقيين على واقع الحريات العامة للمعلقين على مواقع التواصل.
وأعلنت الجهات الأمنية الأردنية قبل أشهر في العديد من المناسبات تعقبها لعدد من المعلقين على مواقع التواصل الاجتماعي قالت إنهم أطلقوا تعليقات مسيئة وتم توقيف عدد منهم الأمر ما يشير إلى تشديد القبضة الأمنية على مواقع التواصل منذ بدء إقبال الأردنيين عليها بكثافة قبل سنوات.
تقييد للحريات
رئيس تحرير وناشر صحيفة "جو 24" المحلية باسل العكور قال إن الإعلان الجديد للرقابة على مواقع التواصل يندرج ضمن سلسلة خطوات قامت بها الحكومة منذ إعلانها الحرب على المواقع الإلكترونية قبل سنوات لخنقها ومنعها من الحديث بحرية.
وأوضح العكور لـ"
عربي21" أن الحكومة تفكر بشكل دائم في الآليات التي تخنق الإعلام الإلكتروني وحرية التعبير عبر مواقع التواصل التي أصبحت شكلا من أشكال الإعلام وباتت تبتكر النصوص من أجل منع المواطنين من إبداء آرائهم.
وشدد على أنه يؤيد متابعة التعليقات العنصرية والمسيئة للأديان والتي تفتت السلم الاجتماعي لكنه في الوقت ذاته عبر عن مخاوفه من التوسع في الرقابة لتطال الآراء الشخصية والسياسية ووضع أصحابها موضع مساءلة لمجرد التعبير عن رأيهم.
وأضاف: "نحن بحاجة الآن لتعريف الناس بمعنى الحرية والفرق بينها وبين الإساءة للأخرين لتكون الأمور أكثر وضوحا بعيدا عن استخدام النصوص الفضفاضة التي تجعل من حرية التعبير في قفص الاتهام بحجة الإساءة وبث الفتنة".
ودعا العكور إلى تقديم الحكومة لضمانات من أجل عدم ملاحقة أصحاب الرأي وحصر القوانين التي تصدرها لمتابعة الفضاء الإلكتروني جرائم محددة بعينها بعيدا عن التوسع في تفسير كل كلمة وتحميلها ما لا تحتمل.
ورأى أن ملاحقة المعلقين على مواقع التواصل الاجتماعي تجعل الناس في حالة قلق وخوف وتردد قبل كتابة أي تعليق مشيرا إلى أن موقعه قام بإلغاء خاصية التعليقات على الأخبار التي ينشرها خوفا من الملاحقة.
وأضاف: "حين سن قانون
الجرائم الإلكترونية فرض علينا الكشف عن أسماء اصحاب التعليقات التي لا تعجب الحكومة وبالتالي وضعنا أمام خيار صعب أن نخون المهنة ونفصح عن مصادرنا أو نرفض وعندها نحاكم ويتم إقفال الموقع فاخترنا رفض خيانة أخلاق المهنة وأزلنا التعليقات بالمطلق".
وتساءل العكور عن الجهة التي "ستحدد ما هي التعليقات المسيئة وما هو المرفوض والمقبول؟" مشيرا إلى أن "الوضع الحالي يشكل مصادرة لحق الناس في التعبير عن آرائهم".
يشار إلى أن قانون الجرائم الإلكترونية الذي أقر عام 2015 يعاقب كل من يدخل إلى نظام معلومات بأي وسيلة دون تصريح أو يتجاوز تصريح معطى له بالحبس مدة لا تقل عن أسبوع ولا تزيد عن ثلاثة أشهر أو بغرامة تتراوح بين 100 و 200 دينار أردني أو بكلتا العقوبتين.
في حين تُصبح العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد عن سنة مع غرامة مالية تتراوح بين 200 و 1000 دينار أردني في حال كان الدخول من أجل إلغاء أو حذف أو إضافة أو تدمير أو إفشاء أو إتلاف أو حجب أو تعديل أو تعطيل عمل الشبكة أو نظام معلومات الشبكة.
كما تكون نفس العقوبة لمن يُدخل أو ينشر أو يستخدم قصدا برنامج عن طريق الشبكة المعلوماتية لإلغاء او حذف أو إضافة أو تدمير او إفشاء أو إتلاف أو حجب أو تعديل أو تغيير أو نقل أو نسخ أو التقاط أو تمكين الآخرين من الاطلاع على بيانات أو معلومات أو إعاقة أو تشويش أو إيقاف أو تعطيل عمل نظام معلومات أو الوصول إليه أو تغيير موقع إلكتروني أو إلغائه او إتلافه أو تعديل محتوياته أو إشغال أو انتحال صفته أو انتحال شخصية مالكه دون تصريح أو بما يجاوز أو يخالف التصريح".