نشرت صحيفة "جيوبوليس" الفرنسية تقريرا؛ تحدثت فيه عن تحسن العلاقات الروسية
الإيرانية بعد رفع العقوبات الدولية على البلدين، حيث تتمحور طبيعة هذه العلاقات حول النفط وبيع الأسلحة والأزمة السورية، ما يؤكد إنشاء تحالف شيعي روسي.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن التدخل الروسي في الصراع السوري يهدف إلى المحافظة على النظام الحالي، حيث احتلت الطائرات الحربية سماء شرق مدينة حلب من أجل استرجاعها بالقوة. في المقابل، تقاتل إيران بمليشياتها الشيعية على الأرض؛ خدمة لنفس الهدف الذي تطمح له
روسيا، وهو بقاء بشار الأسد في سدة الحكم.
وتذكّر الصحيفة بتصريح الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأنه "إذا اتفقت كل من إيران وروسيا على قصف شرق مدينة حلب عن طريق حملة جوية وحشية دون الأخذ بعين الاعتبار وجود مدنيين داخلها، فلن تستطيع أية معارضة معتدلة، حتى وإن تلقت جملة من التدريبات، الدفاع عن أراضيها".
وأضافت الصحيفة أن الوضع الراهن يخدم روسيا، بما أن الدول الغربية المنخرطة في الحرب السورية والأزمة العراقية تعاني بدورها من أزمات سياسية، على غرار المملكة المتحدة المنشغلة بانسحابها من الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة التي انشغلت هي الأخرى بالحديث عن فوز رئيس مؤيد لروسيا، وفرنسا التي يطمح فيها مرشح يميني إلى بناء علاقات دبلوماسية أفضل مع موسكو وتغيير السياسة الفرنسية في
سوريا.
وبحسب الصحيفة، فإنه لا تعد سوريا فقط نقطة التلاقي الوحيدة بين طهران وموسكو، بل هناك أيضا نقاط مشتركة تجمع بين البلدين في مجال الطاقة، خاصة وأنهما يعتبران من كبار منتجي النفط في العالم، ويتفقان على إمكانية تخفيض إنتاج النفط بهدف إنعاش الأسعار من جديد.
وفي هذا السياق، أعلن كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني حسن روحاني، يوم 28 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي؛ دعمهما للتدابير التي اتخذتها منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) والمتمثلة أساسا في تخفيض إنتاج الذهب الأسود.
وأفادت الصحيفة أن المصالح المشتركة بين البلدين تجاوزت قطاع الطاقة لتدخل في مرحلة التقارب العسكري والاقتصادي، وهذا ما أكده وزير الدفاع الإيراني الذي صرح بأنه يمكن لروسيا أن تستغل القواعد العسكرية الإيرانية لتوجيه ضربات عسكرية في سوريا. وقد استعملت الطائرات الروسية، بالفعل، قاعدة إيرانية خلال شهر آب/ أغسطس الماضي.
في المقابل، أكدت طهران عزمها على شراء طائرات حربية روسية من نوع "سوخوي 30"، بهدف تطوير قواتها الجوية. لكن، إلى الآن لم يتم شراء الطائرات بصفة رسمية، نظرا لضرورة حصول هذه الصفقة على موافقة الأمم المتحدة أولا.
ورفض وزير الدفاع الإيراني الكشف عن حقيقة شراء بلاده أسلحة من روسيا بقيمة 10 مليارات دولار، لكنه لم ينكر شراء بلاده صواريخ "أس-300" الروسية.
ووفقا لموقع إعلامي روسي، فإن موسكو استغلت العلاقات المتوترة بين إيران والولايات المتحدة لتكون المزود الرسمي لطهران بالأسلحة المتطورة والحديثة. وعلى نطاق أوسع، قررت روسيا إنشاء محطات نووية في الأراضي الإيرانية. في المقابل، أكدت طهران على أن الاتفاق المتعلق باقتنائها طائرات مدنية، سواء من موسكو أو من بعض الدول الأوروبية أو حتى من الولايات المتحدة، أصبح وشيكا.
في سياق آخر، نقلت الصحيفة عن الصحفي الروسي، بيار لوران، الذي علق على التقارب الروسي الشيعي قائلا: "ليس بالأمر الغريب عندما نرى روسيا بوتين تتحالف مع نظام شيعي، بما أن النظامين يقاتلان العدو نفسه في الشرق الأوسط، وهو الجماعات المتطرفة المسلحة التي تهدد نظام بشار الأسد في سوريا".
أما بالنسبة للمختص في العلوم الجيوسياسية، جون سلفاستر مننغرونيي، فإن التحالف الروسي الإيراني مبني قبل كل شيء على مصالح مشتركة. وقال إن "النظام الروسي يطمح إلى الحفاظ على دعمه الاستراتيجي للنظام العلوي في سوريا، بهدف أن يصبح الساحل السوري المطل على البحر الأبيض المتوسط قاعدة حربية لروسيا في الشرق الأوسط. أما بالنسبة لإيران، فيعد النظام السوري حليفا عربيا مهما لطهران".
وأضافت الصحيفة أن العلاقات بين روسيا وإيران تتعدى كونها علاقات ثنائية، حيث لا يعني تقارب روسيا من إيران ابتعادها عن دول أخرى في المنطقة، خاصة "إسرائيل".
وعلى الرغم من الصراع السوري والتدخل الإيراني، إلا أن موسكو لم تغلق الأبواب في وجه السعودية، القوة الإقليمية السنية. كما حافظت روسيا على علاقتها الودية مع تركيا ذات الأغلبية السنية، على الرغم من توتر العلاقات بينهما، بعد إسقاط طائرة حربية روسية من قبل الجيش التركي، على الحدود السورية التركية.
وتنقل الصحيفة عن الباحث في موقع "إيريس"، جون بيار مولني، أن "الروس غالبا ما يميلون إلى الإيرانيين، أما الأمريكيون والأوروبيون فهم يفضلون السعودية. لكن ذلك لا يعني بالضرورة أن هذه العلاقات هي عبارة عن تحالفات كاملة؛ نظرا لأن الأمريكيين والأوروبيين يحظون بعلاقة دبلوماسية مع إيران، كما هو الأمر بالنسبة للروس مع السعودية".