في خطوة غير مسبوقة في تاريخ
مصر؛ أعلنت وزارة أوقاف الانقلاب انتهاءها من إعداد خطة للدعوة الإسلامية في البلاد، وموضوعات خطب الجمعة لمدة خمس سنوات مقبلة، تمهيدا لإرسالها إلى قائد الانقلاب عبدالفتاح
السيسي لاعتمادها قبل البدء في إلقائها بالمساجد.
وقال بيان للوزارة، الخميس الماضي، إن لجانا علمية تابعة للجنة
تجديد الخطاب الديني التي أمر السيسي بتشكيلها أثناء الاحتفال بالمولد النبوي الشريف الشهر الماضي، كتبت موضوعات الخطب بمشاركة نخبة أساتذة وعلماء دين ونفس واجتماع، ستعرض قريبا على موقع الوزارة على الإنترنت لتلقي أية ملاحظات أو مقترحات بشأنها.
وأوضحت أوقاف الانقلاب أن موضوعات الخطب التي تم إعدادها شملت 13 محورا، من بينها الأخلاق والقيم الوطنية والتطرف والإرهاب والعمل وبناء الأسرة والشباب والمرأة والمناسبات الدينية، مشيرة إلى أنه في حالة حدوث أي مستجدات أو حوادث طارئة "سيتم تخصيص الجزء الثاني من الخطبة لمعالجتها في حدود ما تقتضيه طبيعة كل ظرف على حدة".
اعتراضات في البرلمان
وكانت الوزارة قد حذرت جميع الخطباء التابعين لها؛ من مغبة عدم الالتزام بنص الخطبة، أو بجوهرها على أقل تقدير، مع وضع ضابط زمني للخطبة مدته 20 دقيقة كحد أقصى، مشددة على أنه سيتم استبعاد أي خطيب لا يلتزم بموضوع الخطبة.
وأبدى بعض النواب في البرلمان اعتراضهم على خطة الأوقاف، حيث قال عضو لجنة الشؤون الدينية، النائب عبدالكريم محمد، في تصريحات صحفية، إن الأوقاف لم تعرض على البرلمان، الذي بيده القرار بشأن مشروع تجديد الخطاب الديني، فكرة تحديد موضوعات الخطب للسنوات الخمس المقبلة، موضحا أن هناك توصيات طلبتها اللجنة من جميع المؤسسات بشأن تجديد الخطاب الديني، من بينها عقد جلسات بحضور أئمة الأزهر والأوقاف؛ لوضع خطة عملية بهذا الشأن، بما في ذلك خطب الجمعة.
واقترح النائب شكرى الجندي، استبدال فكرة إعداد خطب مسبقة لمدة خمس سنوات؛ بإعداد موسوعة ثابتة للخطب عن طريق علماء الأزهر والأوقاف، يمكن لأي خطيب الرجوع إليها في أي وقت، والاهتداء بها في جميع المناسبات.
إحكام السيطرة التامة
من جهته؛ قال أستاذ العلوم السياسية، محمد شوقي، إن هذا القرار يهدف بشكل أساس وواضح إلى إحكام سيطرة الأوقاف على المساجد من منطلق أمني بحت، وهذا ما جعل الوزراة تضع القرار في يد "الرئيس عبدالفتاح السيسي" الذي أعلن أكثر من مرة رغبته في السيطرة على المساجد "حتى لا تنتشر أفكار متطرفة وإرهابية من خلالها"، على حد تعبيره.
وأضاف شوقي لـ"
عربي21" أن "السبب الذي تعلنه الأوقاف والرئيس لتبني خطة الخطبة الموحدة، وإعداد خطب لمدة خمس سنوات مقبلة؛ هو أن الأوقاف ترى أن بعض الشيوخ يسيطرون على مساجد كثيرة في مصر، ويغذون عقول الشباب بأفكار متطرفة يتم توظيفها في انضمام بعضهم للجماعات الإرهابية كتنظيم داعش، ومن ثم يشاركون في عمليات قتالية في سوريا وغيرها من المناطق".
وأوضح أن هذا الأمر لم يلق أي استحسان من كبار علماء الأزهر، ولا من شيخ الأزهر نفسه، لافتا إلى أن "الموضوع برمته ما زال يخضع للدراسة من قبل الأزهر؛ خوفا من تنفيذه بدون ضوابط أو آليات صحيحة".
الخطباء سيتحولون إلى آلات
من جانبه؛ قال عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أحمد معبد، إن توحيد الخطبة، أو إعداد خطب مسبقة لسنوات قادمة "سيؤثر على الخطاب الديني نفسه الذي من المفترض أن يواكب متغيرات العصر".
وأضاف معبد لـ"
عربي21" أن "ما يفعله
وزير الأوقاف ليس له علاقة بالدعوة الإسلامية، وسيؤدي إلى قتل فكرة الدعوة برمتها"، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تمثل "امتدادا لمشروع الخطبة المكتوبة التي تريد الحكومة تطبيقها، وللأسف هذه الأفكار ستحول الأئمة إلى آلات بدون عقل؛ تنفذ ما يُملى عليها من قبل وزير الأوقاف".
وأشار إلى أن هناك أحداثا متغيرة في الحياة اليومية للمسلمين، ولا يصح أن تقيد بكلمات مكتوبة يتم إملاؤها على خطباء المساجد، "فالدين الإسلامي الذي ارتضاه الله لنا يناسب كل العصور والأحوال"، متسائلا: "كيف تكون داعيا إلى دين الله بدون أن تستخدم عقلك، وتعلم الناس أن يفكروا ويتدبروا في شؤون حياتهم، وفي طاعتهم لله؟".
وبين أن الأحداث المتغيرة تقع في كل قرية ومدينة، وعلى كل إمام مسؤولية أن يضع حلولا دينية لهذه المشكلات، "فكيف نضع خطبة موحدة، أو خطبا على مدار خمس سنوات لكل هؤلاء؟".
وتابع: "لو عدنا لعصر النبي محمد صلى الله عليه وسلم؛ لرأينا أن الدعوة كانت متجددة بسبب الأحداث المتلاحقة، ولم تكن هناك خطبة موحدة مثلما يريد وزير الأوقاف".