يبدو أن قوات النظام السوري والمليشيات المتحالفة معها؛ لم تكتف بنهب محتويات
المنازل التي تركها السكان بعد تهجيرهم عن أحياء شرق
حلب، بل تتبع أسلوب
مصادرة المنازل ذاتها، بحجة أن أصحابها من معارضي هذا النظام.
وفي أحده هذه الحالات، أقدم فرع الأمن العسكري في حلب؛ على مصادرة الطابق الأول من منزل مديرة جمعية "نساء
سوريا"، هناء قصاب، علما بأن البناء مكون من طابقين ويقع في حي صلاح الدين.
وبحسب شهود، فقد طلب عناصر الفرع من أحد جيران المنزل الذي هجرته قصاب بموجب اتفاق إجلاء السكان والمقاتلين عن شرق حلب الشهر الماضي؛ إبلاغ الفرع حال قدم أحدهم للسؤال عن المنزل، بهدف اعتقاله والتحقيق معه، بحجة أنه قد يكون على صلة بقصاب.
وأوضحت قصاب لـ"عربي21"، أن هذه المعلومات وصلتها بعد أن طلبت من إحدى قريباتها في مدينة حلب؛ الذهاب إلى منزلها لتفقده، معبرة عن سعادتها بعودة قريبتها سالمة من هذه المهمة التي وصفتها بـ"الانتحارية". وأضافت: " لقد حمدت الله على عودتها، فهي كان معرضة للخطر، إلا أن لطف الله وتقديره، حال دون تعرضها للاعتقال"، على حد وصفها.
وبيّنت قصاب، بعد أن زودت "عربي21" بصور خاصة للمحادثة التي دارت بينها وبين قريبتها، عبر "واتساب"، أن جارها في المنزل طلب منها عدم السؤال مجدداً عن المنزل خوفاً من اعتقالها.
وعن سبب مصادرة منزلها، قالت قصاب: "التهمة هي الانتماء للمعارضة، علماً بأن الجمعية التي كنت أديرها، هي جمعية مخصصة لدعم النساء الأرامل والمطلقات في مدينة حلب"، مشيرة إلى أنها كانت تقوم "بمساعدة هؤلاء النسوة على تجاوز الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تحيق بهن، جراء ما كانت تتعرض له المدينة من حملات إبادة جماعية"، كما قالت.
وتساءلت قصاب: "هل هذه تصرفات نظام يسعى العالم إلى المحافظة عليه تحت ذريعة الحفاظ على مؤسسات الدولة، أم هي تصرفات عصابات ومليشيات". وقالت إنه "ليس مستغرباً أن يتم إعطاء منزلي للشبيحة، أو لأفراد المليشيات الطائفية التي أتى بهم النظام من إيران أو من أفغانستان".
غير أن قصاب بدت غير عابئة بما جرى لمنزلها، حيث قالت: "عندما بدأنا هذه الثورة، كنا على يقين بأن الضرر سيأتينا من كل جانب، وقررنا المضي في هذه الثورة رغم خذلان كل العالم لنا"، رغم أنها في الوقت ذاته؛ لم تخف حزنها على فراقها لمدينتها حلب.
وأكدت مصادر محلية من داخل الأحياء الشرقية لحلب، أن قوات النظام واليليشيات الموالية لها، بدأت بالبحث عما تبقى من منازل غير مهدمة تعود ملكيتها لمعارضين للنظام، معتمدة في ذلك على المعلومات التي يقدمها بعض الموالين للنظام في تلك الأحياء.
وأوضحت المصادر أن هذا يأتي بعد أن أنهت قوات النظام ومليشياتها حملات "تعفيش" محتويات المنازل، من الأثاث والأدوات المنزلية.
أما الناشط الإعلامي محمد أسود، فقد تحدث عن قيام الأهالي من تلقاء أنفسهم بفتح البيوت التي تركها أصحابها أمام المهجرين الذين آثروا البقاء في المدينة، والذين فقدوا منازلهم بعد تعرضها للدمار، مبيناً أن هذه العملية تتم بعلم قوات النظام.
وأوضح أسود في حديث لـ"عربي21"؛ أن قوات النظام والمليشيات صادرت بعض منازل الثوار، لكن القسم الأكبر منها تم تخصصيه للسكن من عائلات من داخل المدينة.
يذكر أن قوات النظام كانت قد سيطرت على كامل مدينة حلب، بعد إجلاء آخر دفعة من المقاتلين والسكان عن الأحياء الشرقية فيها، في 22 كانون الأول/ ديسمبر الماضي.