قال موقع "بوليتيكو" السياسي الأمريكي إن فريق إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب يتجهز من أجل إعادة
هيكلة وزارة
الخارجية لتركز على أولويات جديدة مختلفة عن أولوياتها في عهد أوباما.
وبحسب الموقع، فإن الخارجية ستركز بشكل أكبر على مكافحة الإرهاب واستخدام مصطلح "الإسلام الراديكالي" على حساب ملفات أخرى مثل معالجة التغير المناخي ونشر الديمقراطية في الخارج.
وأوضح الموقع الأمريكي نقلا عن مصادر مطلعة أن حوارات ومحادثات أجريت مع مسؤولي وزارة الخارجية ولدت قناعات لدى فريق
ترامب بأن الوزارة لا تعمل بكامل طاقتها ودورها غير واضح في ظل هيمنة وزارة الدفاع ومجلس الأمن القومي في البيت الأبيض.
وأوضحت أن البنتاغون والأمن القومي تتقدمان الصفوف في "الحرب على الإرهاب" وأن تكثيف الخارجية اهتمامها بالحديث عن الإرهاب سوف يتلاءم مع خطاب ترامب الحازم ووجهات النظر المناهضة للإسلام السياسي التي يبناها مساعدون لترامب.
وأشار "بوليتيكو" إلى أنه من المرجح لإعادة ترتيب الخارجية القيام بتعزيز وحدة الاستخبارات التابعة للوزارة وإلغاء عدة مواقع للمبعوثين الخاصين والترويج لاستخدام مصطلح "الإسلام الراديكالي" المثير للجدل.
وأضاف: "ستسعى الوزارة إلى تهميش السياسات التي تركز على بناء الأوطان في الخارج انسجاما مع شعار ترامب أمريكا أولا".
ونقلت "بوليتيكو" عن شخصية مطلعة على تفاصيل النقاشات الدائرة بخصوص عملية التحول فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب قولها: "إن وزارة الخارجية لم تكن ذات فائدة كبيرة كوسيلة يومية لممارسة السلطة والاستجابة للتحديات".
وأشار المصدر إلى إن الهدف ليس "عسكرة الخارجية بقدر ما هو توجيه جهودها الدبلوماسية لتنصب بشكل أكبر على الحد من انتشار الإيديولوجيا الإرهابية".
وعلى صعيد شغل عناصر فريق ترامب مواقع في وزارة الخارجية قالت "بوليتيكو" إن عددا قليلا من المناصب تسلمها فريق ترامب لكن من المتوقع أن يشهد الأسبوع المقبل تعيينات كبيرة واستبعادا لكل من عارض ترامب أثناء الانتخابات والحيلولة دون انضمامه لفريق عمل الوزارة.
ولفت إلى أن بعض الأوساط داخل الوزارة قد تبدي مقاومة لتحويل الموارد عنها بالإضافة لإمكانية معارضة وزارة الدفاع ووكالات الاستخبارات وجهات حكومية أخرى حصول الخارجية على دعم أكبر وصلاحيات تتعلق بتلك الجهات.
ووصف مطلع على نقاشات فريق ترامب أن "كثيرا مما كانت تقوم به الخارجية الأمريكية مثل الترويج للفنون ودعم الأقليات ما هو سوى نوع من التملق لأنصار وأتباع الحزب الديمقراطي داخل الولايات المتحدة ولا يعود بأي نفع أو فائدة ملموسة على المصالح الأمريكية المعروفة"، على حد قوله.
في حديثه أمام جلسة الاستماع التي نظمها مجلس الشيوخ لإقرار تعيينه في منصبه يوم الحادي عشر من يناير، خصص ريكس تيلرسون المرشح لمنصب وزير الخارجية والرئيس السابق لشركة إكسون موبيل جزءا كبيرا من ملاحظاته الافتتاحية للحرب ضد الإرهاب.
وقال تيلرسون إن إلحاق الهزيمة بالشبكة الإرهابية التابعة لتنظيم الدولة ينبغي أن يكون الأولوية الأولى للولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط.
وقال تيلرسون: "توجد في هذه المنطقة أولويات متنافسة ينبغي أن يتم التعامل معها ولكن لا يجوز بحال أن تشغلنا عن مهمتنا الأكبر ألا وهي إلحاق الهزيمة بداعش لأنه عندما يصبح كل شيء أولوية فلا تعود هناك أولوية".
وعلى صعيد الوظائف في الوزارة توقعت مصادر أن تلغى وظيفة المبعوث الخاص للقضايا المتعلقة بما بات يعرف بمجموعة إل جي بي تي (الشذوذ الجنسي بأنواعه) وإن كان يوجد ضمن عالم ترامب من قد يعارض الاقتراب من ذلك الموقع ويسعى إلى حمايته.
يقول جيرالد فيرستين الذي كان حتى تقاعده في العام الماضي يشغل منصب نائب مساعد وزير الخارجية: "لقد كان ولع فريق أوباما بتعيين مبعوث خاص لكل قضية أمرا لا يخدم ولا يساعد في أحسن الأحوال وضارا ومدمرا في أسوأ الأحوال".
وأوضح أن ذلك أدى إلى حرمان المكاتب التي تقوم بالجزء الأكبر من العمل المتعلق بالشؤون الخارجية من الموارد المادية والبشرية التي كانت في أمس الحاجة إليها وقدمت المواضيع الفردية على الأهداف الأشمل والأوسع للسياسة الخارجية مما ألحق أضرارا جسيمة بالتنفيذ المنظم والمرتب للسياسة الخارجية.
ويقول مسؤول ما يزال على رأس عمله في وزارة الخارجية لـ"بوليتيكو" إن حمل الوزارة على التركيز بشكل أكبر على مكافحة الإرهاب "قد يكون عملا مثمرا لأن هناك الكثير ممن يشعرون بأن وزارة الخارجية أرهقت واستنزفت مواردها بكثرة ما حمل على كاهلها من مهام".
ولكنه أشار في السياق نفسه إلى أن كثيرا مما تقوم به الوزارة لا يتعدى "القوة الناعمة"، مثل تشجيع الحوار بين الأديان من خلال برنامج مواجهة التطرف العنيف.
وأضاف: "عادة ما يوجه النقد إلى وزارة الخارجية لأننا لا تتوفر لدينا بتاتا إجابات حاسمة وواضحة، ولأننا دائما نؤثر التصريح بأن الأمور بالغة التعقيد".
وتوقع "بوليتيكو" أن يشهد برنامج إعادة توطين اللاجئين تغييرا كبيرا بعد أن زاد هذا القسم خلال العام ونصف العام المنصرمين من أعداد اللاجئين السوريين الذين أعيد توطينهم في الولايات المتحدة الأمريكية.
ويلفت الموقع إلى أن ترامب "يريد حظر وصول السوريين إلى شواطئ الولايات المتحدة وبإمكانه أن يعدل البرنامج بشكل سريع ويكيفه بحيث يقوم بمهمة منعهم من الدخول إلى البلاد بدلا من استيعابهم وإعادة توطينهم".
وأضاف: "كما يريد ترامب زيادة التدقيق في هويات وبيانات الزائرين إلى الولايات المتحدة الذين يتحدرون من بلاد أصابتها عدوى الإرهاب وهذه معظمها في الواقع بلاد تقطنها أغلبية مسلمة. ولذا، فقد يجد الموظفون العاملون في الشؤون القنصلية وفي إصدار التأشيرات أنفسهم عرضة لضغوط متزايدة لحملهم على رفض طلبات كثير ممن يتقدمون من هذه البلدان بطلبات تأشيرة لدخول الولايات المتحدة".
السؤال الكبير الذي يواجه العاملين في حي "فوغي بوتوم" (حيث تقع وزارة الخارجية الأمريكية) هو كيف سيوجه ترامب دبلوماسيي الخارجية الأمريكية للتعامل مع روسيا، وخاصة في ظل ما ساد من خصومة متصاعدة بين واشنطن وموسكو خلال السنوات القليلة الماضية.
وتثير تصريحات ترامب السابقة والتي ندد فيها برفض إدارة أوباما استخدام علامة "الإسلام" عند وصف الكثير من الأعمال الإرهابية خشية نشطاء مسلمين في أمريكا من توجهات البيت الأبيض.
وبلغ الأمر ببعض مساعدي ترامب بما في ذلك مايكل فلين المعين في منصب مستشار الأمن القومي وستيف بانون المعين في منصب كبير الاستراتيجيين في البيت الأبيض أن يروا في "التطرف الإسلامي" تهديدا وجوديا للغرب الأمر الذي أشاع الهلع وبث الرعب في نفوس النشطاء الأمريكيين المسلمين الذين باتوا يخشون بسبب هذا الخطاب من أن البيت الأبيض في عهد ترامب سوف يشن حملة ضد المسلمين بشكل عام وليس فقط ضد المتطرفين من المسلمين".
وكانت إدارة أوباما وحتى إدارة بوش تجنبتا الربط المباشر بين مصطلح "الإسلام" ومصطلح "الإرهاب" خشية أن يستغل ذلك من قبل "المتطرفين" ويؤدي إلى استعداء البلدان ذات الأغلبية المسلمة والتي تعتمد عليها الولايات المتحدة في جمع المعلومات الاستخباراتية وفي المساعدة العسكرية في الحرب التي تشنها ضد الجهاديين.
لكن على الطرف الآخر يبدو أن فريق ترامب متجه نحو استخدام المصطلح مرارا وتكرارا بما في ذلك في ساحة العمل الدبلوماسي.