نشرت صحيفة لوتون السويسرية، الناطقة بالفرنسية، تقريرا، سلطت من خلاله الضوء على الوضع الذي وصلت له المعارضة السورية، وقبولها بالمشاركة في الاجتماع المرتقب الذي تبنته موسكو وأنقرة في مدينة أستانة الكازاخية .
وقالت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن موسكو دعت العميد الركن مصطفى الشيخ، لحضور اجتماع أستانة.
والعميد الشيخ أول ضابط في رتبته أعلن انشقاقه عن النظام السوري في 2012، قبل أن يستلم منصبا قياديا في المعارضة السورية ويصبح مقربا من
تركيا.
وجاءت الدعوة التي تلقاها مصطفى الشيخ لحضور ما سمته الصحيفة "حفل الاستسلام" تحت عنوان "تبادل الآراء"، مما يوحي بأنه قد يلعب دورا هاما في الأزمة الحالية في
سوريا، خاصة بعد مرور شهر على انسحاب المعارضة من حلب.
وفي الأثناء، تبقى مقاليد الأمور بيد موسكو والسلطة في سوريا، الوحيدتين القادرتين على تغيير مجرى الأحداث في الفترة القادمة، كما تقول الصحيفة.
وأشارت الصحيفة إلى أن موسكو قد أخذت على عاتقها ولأول مرة تنظيم محادثات مباشرة بين النظام وأبرز مكونات الفصائل السورية بمشاركة تركيا وإيران، التي ستنطلق يوم الاثنين في عاصمة كازاخستان، بعيدا عن جنيف التي عقدت فيها العديد من المحادثات المتعلقة بسوريا، في انتظار الاجتماع القادم المقرر في 8 شباط/ فبراير.
ورأت الصحيفة أن ما تقوم به موسكو دليل على ثقتها المفرطة في توجهاتها، فلم تقتصر في دعوتها على القيادات العسكرية المعارضة بالخارج، بل أيضا قامت بدعوة عناصر المعارضة الذين تستهدفهم بقنابلها وتعتبرهم من المنتمين إلى منظمات إرهابية.
واستثنت موسكو من هذه المحادثات تنظيم الدولة وجبهة فتح الشام. وعلى الرغم من إصرار كل من
روسيا ونظام بشار الأسد حتى وقت قريب، على عدم الاعتراف بوجود معارضة معتدلة في سوريا، إلا أن موسكو وافقت على أن يترأس وفد المعارضة القيادي السلفي في جيش الإسلام، محمد علوش، المشارك في محادثات جنيف أيضا.
وأوردت الصحيفة أن موسكو قد كشفت عن نواياها منذ دخولها الحرب إلى جانب بشار الأسد في أيلول/ سبتمبر 2015، من خلال حشد كل القوات المحاربة في صف النظام السوري، معتبرة أن أي معارض لهذا الحشد سيوضع تلقائيا في خانة الإرهابيين.
وفي هذا الصدد، قال أحد وجوه المعارضة التي لم تدعَ لأستانة: "أصبحت الأمور اليوم أكثر وضوحا بالنسبة لروسيا. فمعارضوها التزموا الصمت، وليس لديهم أي خيار إلا الطاعة".
وأوضحت الصحيفة أن التحول في موقف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بعد أن أظهر تقربه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ليتزامن ذلك مع قصف القوات الروسية بشكل عنيف لمعقل المعارضة في حلب الشرقية، قد أصاب ثوار سوريا بخيبة أمل. وفي الوقت نفسه، وبمباركة موسكو ومساعدة طيرانها الحربي، سيطرت القوات التركية على جزء من شمال سوريا في طريقها لتحرير مدينة الباب التي يتمركز فيها تنظيم الدولة.
وبيّنت الصحيفة أن حضور تركيا العسكري في هذه المنطقة بالذات في سوريا كان بغية مواجهة تمدد الأكراد على حدودها الجنوبية. في المقابل، كان للتقارب التركي الروسي انعكاسات على أرض المعركة، ومنذ قول نائب رئيس الوزراء التركي، محمد شيمشك، إن "الوضع تغير على الأرض بشكل مذهل، ولا تستطيع تركيا التشبث بفكرة رحيل الأسد، حتى تتمكن من إيجاد حل للوضع في سوريا".
وأشارت الصحيفة إلى النتائج الكارثية لهذا الوضع على المعارضة السورية، ونقلت عن أحد شخصيات المعارضة التي لم تدع لاجتماع أستانة قوله: "ينتشر في شمال سوريا العديد من عملاء المخابرات التركية في كل مكان، فهم يعرفون مكان إقامة قيادات المعارضة، ومن من يتلقون أوامرهم. فعندما تأمر أنقرة بالتوقف، فلا شيء بيد تلك الجماعات أن تفعله إلا أن تمتثل للأوامر وتنفذها ".
وذكرت الصحيفة أن من بين أبرز المجموعات المعارضة، التي رفضت حضور اجتماع أستانة، المجموعة السلفية المعتدلة، أحرار الشام. ففي بيان صحفي بررت هذه المجموعة موقفها من عدم المشاركة في الاجتماع معللة ذلك بوجود توترات داخلية، لكنها أكدت دعمها لفصائل المعارضة الأخرى المشاركة في الاجتماع. وبعد البيان، اندلعت اشتباكات بين أحرار الشام ومجموعات من فتح الشام في محافظة إدلب، بشمال غرب البلاد.
وتساءلت الصحيفة عن موقف الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، من اجتماع أستانة، وعما إذا كان قد سمع به أصلا، أو سمع بالقيادي مصطفى الشيخ، أم أنه سيترك الأمر لصديقه ورفيقه فلاديمير بوتين ليقوم باللازم.