ها هي
25 يناير تهل علينا بذكرياتها وآمالها وآلامها.
سنوات ست مضت على ميلاد الأمل في نفوس شعوبنا العربية أن تحيا كشعوب العالم تنعم بالحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
ورغم ما تمر به ثورات الربيع العربي من حالة حذر، إلا أن المستقبل يقينا ووفقا لحركة التاريخ للشعوب وللحريات لا مكان فيه لأنظمة متسلطة تجاوزها التاريخ منذ زمن.
وما من شيء أوجب من المراجعة واستخلاص الدروس في ظل الانتظار والاستعداد لموجة قادمة لا ريب من ثورتنا.
ونقف الآن نستخلص من الأحداث الأساطير الثلاثة التي اخترق بها إعلام الأنظمة المستبدة والثورات المضادة عقلنا الثوري الجمعي حتى ولدت أفكارا حاكمة لسلوكنا وأدائنا الثوري، فبتنا نحقق لأعداء ثورتنا مرادهم دون أن يبذلوا هم جهدا.
صدرت الآلة الإعلامية مفاهيم ثلاثة عن ثورتنا (ثورة 25 يناير) على غير طبيعة الثورات وكأنها بدع منها وهي:
* أن ثورة يناير ثورة شباب.
* أن عظمة
الثورة أنها بدون قائد وأن تلقائية الشعب سر قوتها.
* أنها ثورة بيضاء.
والمفاهيم الثلاثة اعتبرها أول اختراق فكري للصف الثوري، وقد بدأ في عنفوان المد الثوري في يناير 2011 قبل أن نترك ميدان التحرير.
المغالطة الأولى:
تسميتها ثورة شباب، وهو ما بدأت معه الثورة المضادة في استقطاب شريحة كبيرة من كبار السن لتصنع بهم ظهرها الشعبي، ثم أطلقت عليه حزب الكنبة، وهو مصطلح أيضا فيه نظرة دونية تحول دون التواصل بين من يوصف بهذا وبين ثورة أطلق عليها ثورة الشباب.
الدرس: وضع أي إطار لثورتك خلاف كونها ثورة الشعب
المصري هو نوع من التأطير الذي يمثل أهم عنصر لازم لحصارك.
أي ثورة تنجح لابد أن تكون ثورة الشعب كل الشعب، ولابد أن تسمي نفسها هكذا حتى لو تكن هذه هي الحقيقة، انظر إلى الثورة الفرنسية والروسية والإيرانبة، وكذلك استخدام أسماء لا تعني بحال من الأحوال التعبير عن فئة من الشعب دون أخرى مثل اسم شهر من أشهر العام أو لون من الألوان.
المغالطة الثانية:
إن أهم ما يميز ثورتنا أنها ثورة بدون قيادة، وأن هذا سر قوتها، وهذا وهم أي ثورة بل أي مشروع سياسي يحتاج قادة من ضمن مقومات وعوامل نجاحه، فثورة بلا قيادة يسهل السطو على قيادتها وتوجيهها من خصومها.
الدرس الثاني: ابحث عن قيادة صنعتها الظروف أو اصنعها.
المغالطة ثالثة:
إن من عظمة الثورة أنها ثورة بيضاء وكان هذا بمثابة تخدير وتوجيه حتى لا يتم محاسبة مبارك ونظامه على ما اقترفته أيديهم، وما هكذا فعلت الثورات.
الدرس الثالث: الثورة فعل جماهيري يبدو أنه عفوي ويتسم غالبا باستخدام القوة الخشنة في لحظة الحسم في إطار مبرر أخلاقي وضرورة سياسية تجعل من المنافع المترتبة عليها أكبر بكثير مما ينتج عنها من أضرار.
هذه المفاهيم أو بمعنى أدق المغالطات أعدت وتم تصدريها لنا وتسللت لوعينا الجمعي ونحن في لحظة النشوى بالإنجاز في أيامنا الحلوة (الأيام الثمانية عشر بميدان التحرير).
علينا في موجتنا الثورية القادمة ألا نستخدم إلا مصطلحات صكها إعلامنا لا أن نتداول منتجات إعلام الأنظمة التي ثرنا عليها، لذلك من الآن علينا أن نبنى قدرتنا الإعلامية المؤثرة في الجماهير، وأن تكون هي مصدر التأثير في الرأي العام لا أن نترك عقولنا وعقول الجماهير لمن ثرنا عليهم.