نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا مشتركا للبروفيسور في كلية الحقوق في جامعة مينسوتا، ونائب مدير مؤسسة "مواطنون بمسؤوليات وأخلاقيات" ريتشارد بينتر، ورئيس المؤسسة نورمان أل إيسن، يناقشان فيه السبب الذي دفع الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب إلى استثناء دول لمنع رعاياها من الدخول إلى الولايات المتحدة.
ويقول الكاتبان إن "قرار ترامب بحظر السفر من سبع دول ذات غالبية مسلمة تمت مواجهته بطريقة صحيحة أمام المحاكم، خاصة أنه يعد تدخلا غير دستوري في الممارسة الدينية، وحرمانا للحق فيها، لكن هناك موضوعا يثير القلق تم تجاوز النظر إليه أثناء الغضب، وهو حذف ترامب من قراره عددا من الدول ذات الغالبية المسلمة، التي أدارت فيها شركته تعاملات تجارية، وهو ما يضيف بعدا لعدم قانونية أحد أكثر القرارات التنفيذية العشوائية التي يتخذها رئيس في التاريخ الحديث، ويُطرح لهذا عدد من الأسئلة المهمة حول دستورية أفعاله".
ويضيف الكاتبان في مقالهما، الذي ترجمته "
عربي21"، أن "الدول السبع التي استهدفها القرار تعيش فيها شعوب فقيرة نسبيا، وبعضها مثل سوريا تعيش حربا أهلية، وهناك دول أخرى خارجة من الحرب، وما يجمع هذه الدول هو أن منظمة ترامب لا تقيم تعاملات تجارية فيها".
ويتابع الكاتبان بالقول إنه "بالمقارنة، فإن دولا جارة لهذه الدول ليست على القائمة، رغم أن مواطنيها يشكلون تهديدا كبيرا من ناحية تصدير الإرهاب للولايات المتحدة، ومن بينها السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر، لكن غالبية السكان الذين يعيشون في هذه الدول، مثل الدول السبع، هم مواطنون مسالمون وملتزمون بالقانون".
ويذكّر الكاتبان بأن "هذه الدول قامت في الماضي بتصدير الإرهاب إلى الولايات المتحدة، وجاء منها 18 من بين 19 منفذا لهجمات أيلول/ سبتمبر 2001، وهو هجوم وجهه سعودي آخر ومساعده
المصري، أي زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، ومساعده في حينه أيمن الظواهري".
ويشير الكاتبان إلى أنه "على خلاف الدول التي منع رعاياها من دخول الولايات المتحدة، فإن ترامب أقام مصالح تجارية له في الدول المستثناة من الحظر، ففي السعودية كشفت سجلات حديثة عن وجود تعاملات لترامب فيها، وفي مصر لديه شركتان مسجلتان فيها، أما في الإمارات فقد أعطى رخصة استخدام اسمه لمنتجع غولف في دبي، بالإضافة إلى مجمع إسكاني فخم وحمام طبيعي، وأغلق عدد من هذه المؤسسات، فيما بقي بعضها مفتوحا".
ويلفت الكاتبان إلى أنه "في الدول التي توجد فيها تجمعات إسلامية كبيرة، فإن هناك الأشكال المثيرة للقلق ذاتها، فإن تركيا والهند والفلبين، أقام ترامب علاقات تجارية معها، وقام بحذفها من قائمته".
ويناقش الكاتبان أنهما لا يطالبان بضم هذه الدول للقائمة، ويؤكدان أن "الخبراء يرون أن استهداف بلد بعينه للحظر هو طريقة غير فعالة لمواجهة التطرف، ويجب ألا يوجد شيء مثل هذا، ويجب على حكومتنا التدقيق في بيانات المهاجرين كلهم؛ لشبهة علاقتهم بجريمة الإرهاب، كما فعلت في الماضي، فالتمييز بناء على بلد المنشأ أو الأصل الوطني هو طريقة مبطنة للتمييز بناء على الدين، وبالتأكيد، اعترف الرئيس بأنه يريد منح اللاجئين المسيحيين الأولوية للتوطين".
ويجد الكاتبان أنه "بناء على ما تقدم، فإن الطبيعة التمييزية والعشوائية لهذا الأمر سيئة، بما فيه الكفاية، وإن كان الرئيس يريد الحصول على مصالح لمنظمة ترامب، فإن الأمر سيئ أكثر".
ويقول الكاتبان إن طبيعة الدعوى القضائية التي تقدما بها ضد الرئيس بصفته الرسمية، فإن "تلقيه أموالا من مصالحه التجارية ليس فقط غير أخلاقي، لكنه غير دستوري أيضا، هذا إن جاءت من حكومات أجنبية أو من هيئات تسيطر عليها حكومات أجنبية، مثل صندوق سيادي أو بنك مملوك من الدولة، ويحرم البند المخصص للمكافآت في الدستور على أي شخص يتبوأ منصبا داخل الحكومة الأمريكية، بمن فيهم الرئيس، تلقي منافع مالية من التجارة".
ويعلق الكاتبان قائلين إنه "دون السجل الضريبي للرئيس، والمعلومات الأخرى حول أعماله، فإننا لا نعرف شيئا عن تجارته الخاصة، ولا نعرف مستوى المنافع الاقتصادية التي يحصل عليها من الحكومات التي تمثل تهديدا إرهابيا لكنها ليست على قائمة المنع التي أعلن عنها، وكل ما نعرفه هو أن دونالد ترامب رفض بشكل عام إبعاد نفسه عن تجارته، ورفض أن يكشف المنافع التجارية التي يحصل عليها من الحكومات الأجنبية، وأن يكشف عن سجله الضريبي، وأكد أنه بصفته رئيسا، وليس مسؤولا من الدرجة الدنيا، فإنه (لا يوجد تضارب مصالح لديه)".
ويفيد الكاتبان بأنه "الآن، وبعد أسبوع من توليه الرئاسة، فإننا نشاهد التداعيات المدمرة لتضارب مصالحه، ويبدو أن المهاجرين من الدول التي تستطيع التعامل التجاري مع منظمة ترامب مرحب بهم ليدخلوا الولايات المتحدة، أما المهاجرون من الدول التي لا تستطيع عقد صفقات فيمكن أن يحتجزوا في المطارات ويرحلوا إلى بلادهم، حيث يختفون هناك".
ويختم الكاتبان مقالهما بالقول: "بعد الانتخابات عادة ما نسمع عبارة: المنتصر يحصل على الغنائم، لكن هناك حدودا أخلاقية ودستورية لهذه القاعدة، وفي هذه الحالة، فإن هناك شكا في الحظر على المهاجرين؛ لأن الرئيس ترامب ربما كان ينظر لمصالحه التجارية في الوقت ذاته الذي يتخذ فيه قرارات بشأن البشر الذين يريدون الحضور إلى الولايات المتحدة للدراسة، وتأمين العيش، وتجنب الاضطهاد، وفي بعض الحالات البحث عن النجاة".
يذكر أن بينتر وإيسن عملا محاميين رئيسيين في الشؤون الأخلاقية للبيت الأبيض في إدارتي كل من جورج دبليو بوش وباراك أوباما على التوالي.