نشرت صحيفة "الموندو" الإسبانية تقريرا؛ تحدثت فيه عن القمع المسلط على الصحفيين وحرية
الصحافة في
مصر، فضلا عن الرقابة التي تفرضها السلطات على الأصوات الناقدة التي يكون مآلها في أغلب الأحيان السجن أو المنفى.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الصحافة في مصر تحتضر بسبب الاعتقالات والمحاكمات المكثفة. كما أن من عملوا على توثيق أحداث الثورة المصرية، وأقلامها ومصوريها، قد شُردوا بلا شفقة بعد مرور ست سنوات على ثورة ميدان التحرير ضد حسني مبارك.
وأضافت الصحيفة أن المصور الصحفي المستقل، بلال درديري، هو أحد ضحايا حالة النفور التي أصابت الصحفيين وجعلتهم يرغبون في الهرب من مصر، وهي الحالة التي كانت السبب وراء خلو غرف الأخبار والشوارع من الصحفيين.
وانتهى الحال بدرديري إلى اللجوء إلى إسبانيا، خوفا من أن يدفن شبابه وراء القضبان.
ونقلت الصحيفة عن الشاب البالغ من العمر 22 سنة؛ قوله إن "عمله كصحفي بدأ بمحض الصدفة، عند تواجده في ساحة المطرية بالقاهرة، ورغبته في توثيق
الانتهاكات التي كانت تفتقر إلى التغطية".
وبينت الصحيفة أن بلال التقط صورا تؤرخ لحظات دقيقة من الألم الذي عرفته الاحتجاجات التي قُمعت بقبضة من حديد على يد قوات الأمن منذ انقلاب 2013. كما التقط بلال أيضا صورا لوجوه أطفال ملطخة بالدماء وشباب يحملون شعارات الثورة، نشرتها وكالات أنباء، مثل الأناضول التركية وشينخوا الصينية.
وأكد الشاب في حديثه أنه كان متواجدا في ثلاثة الاحتفالات سنوية بذكرى الثورة، وأن سبب عدم تغطيته للذكرى الأخيرة التي أخمد عبد الفتاح السيسي صوتها، هو تلقيه خبر الحكم عليه بالسجن لمدة 15 سنة، مشيرا إلى أنه مدين للمحامي الذي أعلمه بالحكم الذي صدر في حقه، لأنه أعطاه فرصة للهروب من بطش النظام المصري.
وأوردت الصحيفة أن جريمة الشاب الوحيدة، شأنه شأن العديد من المصورين والصحفيين المصريين، هي تغطية المسيرات التي أعقبت الانقلاب الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي سنة 2013.
وفي هذا السياق، أشار المراسل وبطل إحدى روايات الفرار العشوائي، إلى أن "حكم المحكمة عادة ما يصل إلى المطار بعد أسبوعين، لذلك استغل الفرصة ليسافر إلى الصين، ثم إلى ماليزيا وإندونيسيا". وأضاف درديري قائلا: "لقد كانت رحلة مكلفة، الأمر الذي اضطرني إلى بيع أربع آلات تصوير"، وفق ما نقلت عنه الصحيفة.
وأضافت الصحيفة أن رواية بلال مطابقة لقصة أحمد علي، المصور الصحفي اللاجئ في إسبانيا، منذ نيسان/ أبريل الماضي، بعد هروبه من حكم السجن مدى الحياة في مصر.
وفي هذا الصدد، أحمد علي للصحيفة إن حالته هو وبلال ليست الأولى من نوعها، فهناك العديد من الصحفيين الذين غادروا مصر فارين من القمع. كما أن هناك عددا آخر من الصحفيين الذين اختاروا التخلي عن مهنتهم خوفا من المشاكل التي تلاحق هذا القطاع".
ونقلت الصحيفة عن خالد البلشي، وكيل نقابة الصحفيين بمصر، قوله إن "الصحفيين في مصر يواجهون نظاما ديكتاتوريا، تتمثل أولى طموحاته في مراقبة الصحفيين دون الاكتراث إلى انتهاك القوانين وحريات الصحفيين، هذا بالإضافة إلى مصادرة معداتهم والاعتداء على أعضاء نقابة الصحفيين وإلقاء القبض عليهم".
ويتابع البلشي دون خوف أن "عدد الصحفيين الفارين من البلاد والذين تخلوا عن مهنتهم؛ في ارتفاع مستمر. ولأن العدد كبير، لا يمكننا تقديم أرقام دقيقة".
ونوهت الصحيفة إلى أن العديد من الوجوه المعروفة على شاشة التلفزيون، مثل باسم يوسف ويسري فودة، حزمت حقائبها وغادرت البلاد منذ اعتلاء السيسي سدة الحكم.
وفي الوقت الراهن، يوجد نحو 30 صحفيا يقبعون في السجن، و20 آخرين في انتظار إصدار أحكام في حقهم.
وأكد درديري أن "الصحافة في مصر تعدّ إحدى المهن الأكثر عرضة للخطر. وعموما، فإن الصحفيين هم هدف للشرطة الذين ينتهكون حريتنا... كما أن الصحافة في مصر تحولت إلى عمل لا يجلب سوى المشاكل".
وأوضح أنه أصبح من المستحيل عودته إلى مصر، إلا في حالة واحدة، وهي صدور عفو رئاسي في حقه. لكن هذا الحل مستبعد لأنه له أصدقاء وراء القضبان لم يفرج عنهم بعد منذ ثلاث سنوات، كما يقول للصحيفة.