شن الرئيس السوداني، عمر حسن
البشير، هجوما عنيفا، وغير مسبوق، على نظام الحكم المصري، بقيادة رئيس الانقلاب عبدالفتاح
السيسي، واتهمه بدعم معارضيه السياسيين، وهدَّد باللجوء إلى مجلس الأمن الدولي، لحسم تبعية مثلث "
حلايب وشلاتين"، المتنازع عليه عبر الحدود بين البلدين، للسودان.
جاء ذلك في حوار أجرته معه فضائية "العربية"، وتبثه مساء اليوم الأحد، ونشر موقعها الإلكتروني مقتطفات منه.
ويأتي هجوم البشير في وقت تشهد فيه العلاقات بين مصر والسودان "تذبذبا"، من جراء توجيه وسائل إعلام مصرية الاتهامات إلى الأخير، بإيواء قيادات جماعة الإخوان المسلمين، والتخلي عن مصر فيما يتعلق بمواجهتها مع إثيوبيا، بشأن سد "النهضة"، فيما ساد في الشارع السوداني شعور بالامتعاض إزاء سوء معاملة مواطنين سودانيين بمصر، تعرض بعضهم للسجن والتعذيب، على خلفية جنائية.
وحاول السيسي والبشير تبديد هذا التوتر بأكثر من لقاء جمعهما، سواء في الخرطوم أو القاهرة، لا سيما في العام الماضي. وأهدى السيسي للرئيس السوداني قلادة أكتوبر، في تكريم كبير له بالقاهرة، فيما وجه إليه البشير دعوة خاصة لحضور جلسات الحوار الوطني، واحتفى به بشدة في الخرطوم.
وبينما علق مراقبون على هجوم الرئيس السوداني بالقول إنه يدخل تحت بند "نيران صديقة"، قال بعضهم إن الهجوم مدروس بعناية، استغلالا للأوضاع الداخلية في مصر، وفي مقدمتها تنازل السيسي عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، تحقيقا لمكاسب فيما يتعلق بملف النزاع حول تبعية مثلث "حلايب وشلاتين".
المعارضة.. و"حلايب"
في الحوار، نفى البشير احتضان بلاده لقيادات الإخوان المسلمين، قائلا: "نحن لم نأوِ أي قيادات إخوانية في السودان؛ لأن سياستنا مبنية على عدم إيواء أي نشاط معادٍ لأي دولة".
ورأى أن "العلاقة الشخصية مع الرئيس عبدالفتاح السيسي متميزة جدا، وهو رجل صادق في علاقاته، وهذا لا يمنع وجود بعض القضايا العالقة"، مشيرا إلى أن "المشكلة ليست مع الرئيس السيسي، وإنما مع النظام"، حسبما قال.
ومؤكدا وجود معارضين سودانيين تدعمهم المخابرات المصرية، كشف الرئيس السوداني أنه في كل لقاء بين البلدين تطلب الخرطوم من القاهرة وقف دعم
المعارضة السودانية.
وعن ملف "حلايب وشلاتين"، شدَّد البشير على أن: "مثلث حلايب سيظل مثلثا سودانيا".
وعلَّل ذلك بأنه "في أول انتخابات أُجريت تحت الحكم الثنائي البريطاني المصري، أجريت أول انتخابات في السودان، ومن ضمنها حلايب، التي كانت دائرة من الدوائر السودانية"، مضيفا: "الانتخابات هي عمل سيادي من الدرجة الأولى".
وحول الخيارات المطروحة حول حلايب الآن أكد البشير أن بلاده ستلجأ إلى "مجلس الأمن" إذا رفض المصريون موضوع التفاوض، حسبما قال.
مشاركتنا في "عاصفة الحزم"
وفي مقابلته، تناول الرئيس السوداني أيضا، خلفيات قرار مشاركة بلاده في "
عاصفة الحزم"، كاشفا أنه التقى العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، عندما كان وليا للعهد، وتحدثا حول الوضع في اليمن، وخطورته.
وقال: "نحن في السودان نشعر بأن الوضع في اليمن خطر علينا"، مبينا أنه عندما أتت "عاصفة الحزم"، تمت المشاركة فيها مباشرة، عبر عدد من الطائرات، وأيضا قوات سودانية موجودة الآن على الأرض في عدن.
وكشف أن هنالك "قوات تُجهز، لتنقل إلى المملكة، وإلى اليمن. أما عن زيارته الأخيرة إلى السعودية فقال إنها كانت في "إطار التشاور المستمر مع المملكة، فيما يخصّ العلاقة الثنائية بين البلدين، والأوضاع الإقليمية". وأكد أن "هنالك توافقا كاملا في الآراء والمواقف"، بحسب تعبيره.
"لا نفوذ لإيران في السودان"
وعن إيران، قال البشير، في حديثه، إنها لم يكن لها نفوذ في السودان، وما اُكتشف فهو وجود نشاط إيراني في عملية التشييع، من خلال أحد المراكز الثقافية، ما دفع الخرطوم إلى إغلاق المركز، بسبب نشاطه الخطير جدا، وفق قوله.
وأضاف أن "السعودية كان لديها معلومات عن نشاط ضد المملكة من السودان"، مضيفا: "كنا نؤكد أننا لن نسمح بأن تستغل أرضنا ضد المملكة".
أوضاع ليبيا وعقوبات أمريكا
وحول العلاقات بين السودان وليبيا، أوضح أن بلده تعترف برئيس حكومة الوفاق الوطني، فايز السراج، كحكومة شرعية، قائلا: "أي فراغ في ليبيا سيؤثر على المنطقة كلها، ولذا تدعم الخرطوم حل القضية الليبية خارج الصراع"، نافيا دعمه فصائل متصارعة في ليبيا بالسلاح بعد سقوط الرئيس المخلوع معمر القذافي.
وحول قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، بمنع المواطنين السودانيين من الدخول إلى الولايات المتحدة، قال البشير: "هنالك خارطة طريق بيننا وبين الولايات المتحدة، بها خمسة محاور، المحور الأول فيها هو الإرهاب. وما أكده الأمريكيون من جانبهم، أن محور الإرهاب تم الإنجاز فيه بنسبة 100%، إلا أن اسم السودان لا يزال ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب، إذ يجب أن يخرج القرار من الكونغرس الأمريكي".
لن أترشح بعد عام 2020
وأخيرا، تحدث البشير، عن عدم ترشحه للحكم بنهاية عام 2020، فقال إن السودان بلد "يحكمه دستور 2005، الذي حدد الرئاسة بدورتين، وأنا الآن في الدورة الثانية".