كشفت مجلة "فورين بوليسي" عن شركة قالت إنها تقدم خدمات أمنية "جهادية"، هي الأولى من نوعها في الحركات الجهادية العالمية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الشركة واسمها "
ملحمة تاكتيكال"، وإن كانت حديثة العهد، إلا أنها قدمت استشاراتها لجبهة فتح الشام/ النصرة سابقا، وبقية الفصائل الأخرى.
وتكشف المجلة عن أن مؤسس الشركة هو جندي سابق في القوات الروسية الخاصة يلقب بأبي رفيق، وهو من أوزبكستان في وسط آسيا، وكان محلا للاستهداف الروسي في بداية هذا الشهر، حيث قتلت غارة روسية على إدلب في شمال
سوريا زوجته وابنه الصغير.
ويلفت التقرير إلى أن الشركة هي أول مؤسسة تقوم بالجمع بين الفكرة الجهادية والربح، فرغم تدفق المتطوعين الأجانب إلى سوريا مع بداية الثورة، إلا أن "ملحمة تاكتيكال" هي أول شركة تعهدات جهادية تتخصص في توفير السلاح والزي والدروع والخوذ، وتقدم حوافز مالية جيدة، مشيرا أن للشركة، التي أنشئت في أيار/ مايو 2016، حضورا على "يوتيوب"، من خلال أشرطة فيديو يظهر فيها مقاتلون يتحدثون باللغة الروسية، وعلى خلفية أناشيد إسلامية.
وتعلق المجلة قائلة إنه "لا مجال للمقارنة بين شركة صغيرة لا يتعدى عدد العاملين فيها عشرة أفراد وشركة التعهدات الأمنية (
بلاك ووتر)، التي غيرت اسمها إلى (أكاديمي)، التي ذاع صيتها أثناء غزو العراق عام 2003، إلا أنه في عالم التواصل الاجتماعي لم يعد الحجم مهما، حيث انتشرت سمعة الشركة بين المقاتلين في سوريا وفي أوكرانيا أيضا".
ويلاحظ التقرير أن مؤسس الشركة يظهر ملثما في أشرطة الشركة المتوفرة على "يوتيوب" كلها، ولا يعرف عنه إلا كنيته
أبو رفيق، ويستخدم حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي، وبأسماء مستعارة؛ ليتجنب المراقبة، لافتا إلى أن الشركة حصلت منذ انطلاقتها على عقود في سوريا، وقدمت برامج تدريبية واستشارات عسكرية.
وتورد المجلة نقلا عن أبي رفيق قوله في مقابلة عبر تطبيق "تليغرام"، إن خسارة حلب لم تؤد إلى تراجع الطلب على خدماته التي قدمها لجبهة فتح الشام "جبهة النصرة" والحزب الإسلامي التركمنستاني من الإيغور في شمال الصين، مشيرة إلى أن أبا رفيق يتطلع إلى توسيع خدمات الشركة، قائلا إنهم مستعدون لاخذ عمل في أي مكان يتعرض فيه المسلمون للقمع والاضطهاد، مثل الصين ومانيمار، ولم يستبعد تقديم الخدمات للمقاتلين في شمال القوقاز ضد القوات الروسية.
ويجد التقرير أن ظهور شركة بروح تجارية، ولدعم الفكرة الجهادية، يعد أمرا غريبا، مع أن المرتزقة الروس كانوا أول من شارك في الحرب السورية، لكن إلى جانب الحكومة، مشيرا إلى تجربة الجماعة الفاشلة المعروفة باسم "سلافونيك كوربس"، التي قاتل أفرادها في عام 2013، وتعرضت لعدد من التجارب، مثل سرقة معداتها، وتحطم مروحية سورية بين أفرادها، وعدم تلقيهم رواتبهم، و"يبدو أن النظام لم يكن راضيا عن مشاركتهم ولا الكرملين، حيث ألقي القبض عليهم عندما عادوا إلى موسكو".
وتنوه المجلة إلى أنه بعد تدخل الروس رسميا في سوريا في أيلول/ سبتمبر 2015، عاد المرتزقة من جديد، وهذه المرة بدعم من الحكومة الروسية، حيث قدر عددهم بما بين 1500 إلى ألفين مقاتل، معظمهم من مجموعة "واغنر"، التي قاتل أفرادها في شرق أوكرانيا، كما ورد في تحقيق لشبكة "سكاي نيوز"، ويعتقد أن قائدها هو ديمتري أوتكين، القائد السابق لوحدة قوات خاصة.
ويفيد التقرير بان مقاتلي "ملحمة تاكتيكال"، على خلاف المتطوعين من وسط آسيا، لا يبحثون عن الموت أو "الانغماسية"، كما يعرف المقاتلون الأشداء من هذه المناطق، بل يحاول أفراد الشركة الدخول في سوق الاستشارة العسكرية، والعمل مدربين وتجار سلاح، وفي بعض الأحيان يكونون محاربي نخبة.
وتذكر المجلة إن أبا رفيق (24 عاما) انضم في شبابه لوحدة النخبة الروسية المحمولة جوا، والمعروفة باسم "في دي في"، وسافر في عام 2013 إلى سوريا، حيث بقي مستقلا، وتنقل بين الفصائل السورية قبل أن ينشئ شركته، منوهة إلى أن شركته قامت خلال العام الماضي بتدريب مقاتلي أحرار الشام وجبهة فتح الشام.
وبحسب التقرير، فإن العاملين في شركة "ملحمة تاكتيكال" عملوا في بعض الأحيان وحدات خاصة لجماعات جهادية، فعملوا في أيلول/ سبتمبر 2016، برفقة المقاتلين التابعين للحزب الإسلامي التركمستاني؛ من أجل صد قوات نظام بشار الأسد على حلب.
وتبين المجلة أن أبا رفيق يؤكد أن الهدف الرئيسي هو تدريب مقاتلين، وتقديم المشورة العسكرية، بدلا من القتال على الجبهات، مشيرة إلى أنه اعترف بأن شركته تقوم بإنتاج المعدات التي تحتاجها بقية الجماعات الجهادية، حيث تنتج شركته مثلا رشاشا روسيا معروفا، وهو "بي كي أم"، الذي استخدم بشكل واسع في حلب، وتقوم بالتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي بنوع من الجدية، وللشركة حضور على "تويتر" و"فيسبوك" و"يوتيوب".
وتختم "فورين بوليسي" تقريرها بالإشارة إلى أنه عندما سئل أبو رفيق عما إذا كانت شركته هي صنف من المرتزقة، فإنه رفض هذا الوصف، قائلا إن المسألة لا تتعلق بالمال، فهم يقاتلون من أجل "فكرة"، وهي القتال ضد الأسد.