وافق مجلس نواب الانقلاب بمصر، الثلاثاء، على أسماء تسعة مرشحين تقدمت بهم الحكومة لتولي حقائب وزارية، عقب التصويت على
التعديل الوزاري الرابع منذ تولي قائد الانقلاب عبدالفتاح
السيسي الرئاسة.
وشملت قائمة الوزراء الجدد: عبدالمنعم البنا وزيرا للزراعة، وعمر الخطاب مروان لشؤون مجلس النواب، وسحر نصر للاستثمار والتعاون الدولي، وعلي مصيلحي للتموين، وهشام الشريف للتنمية المحلية، وهالة السعيد للتخطيط، وخالد عبدالغفار للتعليم العالي، وطارق شوقي للتعليم، وهشام عرفات للنقل.
سكرتارية للسيسي
وقوبل هذا التعديل بمزيج من التجاهل الشعبي والانتقاد من قبل السياسيين، بحسب مراقبين. وأكد النائب ضياء الدين داود رفض ائتلاف 25-30 البرلماني للتعديل الوزاري، مؤكدا أن الحكومة فشلت في مواجهة مشكلات المواطنين.
وقال رئيس حزب الدستور خالد داود، في تصريحات صحفية، إن التعديل الوزاري "هدفه خداع المواطنين وإلهاؤهم بأن السلطة ترغب في تغيير الأوضاع الحالية"، مؤكدا أن الوزراء "ليسوا سوى سكرتارية للسيسي".
ورأى وزير التعاون الدولي الأسبق زياد بهاء الدين، في مقال بصحيفة الشروق، أن
مصر "لا تحتاج لتعديل وزاري، وإنما تحتاج إلى تغيير العلاقة بين الحكومة ورئاسة الجمهورية، بعدما تحول الوزراء إلى سكرتارية للرئيس محدودي الصلاحيات؛ تراقبهم الأجهزة الأمنية والرقابية".
وزير مبارك يعود بعد ست سنوات
وشهد التعديل الوزاري عودة علي مصيلحي، آخر وزير للتموين في عهد الرئيس
المخلوع حسني مبارك، إلى منصبه، بعدما أطاحت به ثورة 25 كانون الثاني/ يناير، وهو أحد رموز الحزب الوطني المنحل، ولا يخفي تقديره لمبارك حتى الآن، ويرى أنه "خدم بلاده بشرف، وكان قائدا وحكيما".
وكان مصيلحي قد ابتعد عن المشهد السياسي لأربع سنوات قبل أن يترشح لانتخابات البرلمان ويفوز بمقعد عن محافظة الشرقية، ويتولى رئاسة اللجنة الاقتصادية بمجلس نواب الانقلاب.
وتعليقا على هذا الاختيار؛ قال علي الدين هلال، وزير الشباب الأسبق وأحد قيادات الحزب الوطني المنحل، في تصريحات لقناة "الغد" الثلاثاء، إن السيسي "لا يمانع مطلقا في التعاون مع رموز نظام مبارك، ولا يمكنه استبعادهم؛ لأنه هو نفسه عمل مع مبارك".
وآخر متهم بالفساد
وتطارد وزير الزراعة الجديد عبدالمنعم البنا، اتهامات عديدة بالفساد، حيث قال النائب مجدي ملك لقناة "سي بي سي" إن البنا متورط في قضية
فساد القمح الشهيرة، وهو مسؤول عن الفساد بمركز البحوث الزراعية الذي ترأسه.
وأكد النائب المؤيد للانقلاب، مصطفى بكري، في مداخلة مع قناة المحور، أنه يملك وثائق تثبت ضلوع الوزير الجديد في وقائع فساد، مشيرا إلى أنه "سيقدمها إلى مجلس النواب لاستجوابه قريبا".
من جانبه؛ نفي البنا اتهامه بالفساد، مطالبا في تصريحات لقناة "إم بي سي مصر" من يتهمه بالاستيلاء على المال العام؛ بأن يقدم ما لديه من مستندات للنيابة.
الأمن يختار الوزراء
من جهته؛ قال أستاذ العلوم السياسية، محمد سعيد، إن التعديل الوزاري له هدف أساسي، وهو تهدئة الرأي العام الغاضب بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية المتدهورة التي تسبب فيها النظام نفسه.
وأضاف لـ"
عربي21" أن التعديل الوزاري "لن يؤثر على أداء الحكومة؛ لأنها ليست سوى أداة لتنفيذ سياسات الرئيس"، مشيرا إلى أن "المواطنين العاديين لا يهمهم تغيير وزير أو بقاؤه، وإنما يهمهم انخفاض أسعار الغذاء والدواء".
وأكد سعيد أن التقارير الأمنية هي التي تتحكم في اختيار الوزراء، وليست الكفاءة أو الخبرة، "ولذلك نرى جزءا من رجال مبارك السابقين، مثل علي مصيلحي وغيره، من ضمن الوزراء الجدد"، مضيفا أنه "لا أحد يعرف المعايير التي يتم على أساسها اختيار الوزراء، حتى إننا نرى وزراء تسببوا في كوارث، مثل وزير الصحة، مستمرين في مناصبهم".
النظام يفضل التكنوقراط
من جانبه؛ قال المحلل السياسي عبد الخبير عطا، إن التعديل الوزاري لن يغير الأوضاع الحالية، خصوصا أنه لم يشمل وزارات حيوية ومهمة، كالصحة مثلا.
وأضاف لـ"
عربي21" أن "الغريب أنه تم دمج وزارتي الاستثمار والتعاون الدولي، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من تدهور اقتصادي، وتسعى إلى جذب استثمارات خارجية".
وأوضح أن "هذه ليست أول مرة نرى فيها وزراء من رجال مبارك، والمواطنون اعتادوا على ذلك منذ حكومة الببلاوي بعد أحداث 30 تموز/ يوليو، وهذا يثير التساؤل حول طريقة اختيار الوزراء"، مؤكدا أن "التقارير الأمنية هي أهم معيار لاختيار الوزراء، وبعدها تأتي الكفاءة".
وحول سبب الاعتماد على الوزراء التكنوقراط؛ قال سعيد إن "كثيرا من المرشحين رفضوا منصب الوزير، ويبدو أن أساتذة الجامعات فقط هم من وافقوا على العمل مع الحكومة، وأظهروا الولاء المطلق للنظام"، مؤكدا أن "وزراء التكنوقراط لم لن يغيروا شيئا من أوضاع البلد؛ لأنهم موظفون يأتون لينفذوا سياسات قائمة ليس أكثر".