أظهر حديث الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان عن ملف العلاقة مع
مصر، مؤشرات على رغبة بلاده في تحسين العلاقات وتجاوز الخلافات، من خلال الإشارة إلى ضرورة العفو عن السجناء السياسيين دون التطرق لتكرار مصطلح الانقلاب العسكري والرئيس الانقلابي ومهاجمة السيسي كما جرت العادة.
وقال أردوغان في مقابلة مع صحيفة العرب القطرية: "إن تحسن العلاقة مع مصر يتوقف على التطورات في الفترة المقبلة بشكل شخصي، أرى أن اتخاذ أية خطوات إيجابية من قبل مصر، وخاصة العفو عن السجناء السياسيين هناك، لن يساهم فحسب في إحلال السلم الاجتماعي في مصر، بل سينشئ بيئة صحية على صعيد العلاقات مع الدول الخارجية".
وتأتي تصريحات الرئيس التركي عقب أسبوعين من زيارة قام بها رئيس اتحاد الغرف والبورصات التركية، ورجال أعمال لفتح مجالات استثمار في عدد من القطاعات بمصر.
وعقد الوفد التركي عدة لقاءات، من أجل المشاركة باستثمارات، في قطاعات الصناعات الهندسية والكيماوية والغذائية وقطاع السيارات والغزل والنسيج.
وتشير الدعوة الاقتصادية المصرية التي قابلتها تلبية تركية فورية، إلى رغبة الجانبين في تجاوز الكثير من الخلافات، لاستعادة العلاقة في هذا الجانب من خلال مشاركة كبرى الشركات التركية، العاملة في مجالات الصناعية الهندسية والنسيجية والملابس الجاهزة.
إقرأ أيضا : مصر تشترط الاعتراف بـ"30 يونيو" لعودة العلاقات مع تركيا
وتبادل الطرفان تصريحات تشير لضرورة عودة الحياة للتبادل الاقتصادي، ومنه ما قاله أمين عام الغرف التجارية المصرية علاء عز أمين من أن العلاقات الاقتصادية مع
تركيا لا تتأثر بالمواقف السياسية بين البلدين، وأن استثمارات الأخيرة تبلغ 5 مليارات دولار.
ولفت أمين إلى أن تركيا أكبر مصدر للملابس الجاهزة، من بين المصانع الأجنبية العاملة في مصر.
وبالتزامن مع زيارة الوفد التركي، شارك وفد من هيئة تنشيط السياحة في مصر، بالمعرض السياحي "EMITT" بعد توقف دام مدة عام بسبب الخلافات بين البلدين.
وشاركت مصر بجناح كبير في المعرض، ضم عددا من الشركات والفنادق، وقسما لمصر للطيران لتنشيط القطاع السياحي في مصر.
مؤسسات غولن
السياسي والناشط المصري عمرو عبد الهادي قال إن تركيا لديها رغبة كبيرة جدا في عودة الحياة للملف التجاري مع مصر، وفي الحد الأدنى عودة العلاقات بين البلدين، على المستوى الثاني والثالث عقب الانقلاب العسكري في تركيا لكن بشرط التخلص من جماعة فتح الله غولن.
إقرأ أيضا : بعد تركيا وإسرائيل.. هل يُفتح ملف العلاقات التركية المصرية؟
وأوضح عبد الهادي لـ"
عربي21" أن الخطوات التركية وسلسلة التلميحات، تأتي في إطار السياسة التركية ما بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، للتهدئة الشاملة الكاملة مع الإقليم والوصول لعلاقات جيدة مع الجميع ولو بشكل جزئي.
وأضاف: "أردوغان الآن يتعامل مع هذه الملفات من باب السهل الممتنع، فهو يريد علاقات جيدة مع الجميع لكن في الوقت ذاته لن يقحم نفسه في علاقات قد تخل بمبادئه، التي حقق على أساسها زعامته".
ولفت إلى أنه وعلى الرغم من وجود مشكلة في الملف السوري، فإن العلاقة التركية مع إيران هادئة، وتبتعد عما يعكرها وهم بالمقابل يسعون لاستعادة جزء كبير من العلاقة مع مصر، للحصول أيضا على بعض المكاسب، فيما يتعلق بمواجهة جماعة فتح الله غولن.
لكن عبد الهادي رأى أن الطرفين يملكان ورقتين رابحتين، الأولى لدى تركيا وهي القنوات المناهضة للانقلاب والثانية لدى مصر وهي جماعة فتح الله غولن ومؤسساتها الكبيرة في مصر.
وأشار إلى أن الشهور الستة الماضية يلاحظ فيها تهدئة في اللهجة، تجاه الطرفين وقام الإعلام المصري بمواصلة الهجوم على قطر وحدها، دون التطرق إلى تركيا كطرف إقليمي تسعى للتهدئة معه.
وقال إن تركيا في المقابل تتجنب ما يمكن أن يوتر الأجواء حاليا، وحتى حين يرفع الرئيس التركي شعار رابعة بأصابعه الأربعة يلحقها بتوضحيات، تتعلق بالشأن التركي وهي "وطن واحد. أمة واحدة. علم واحد. دولة واحدة".
وشدد عبد الهادي على أن تركيا لن تعيد العلاقات للملف الاقتصادي بقوة، إلا في حال أغلقت مصر كافة مؤسسات ومدارس رجل الدين التركي فتح الله غولن المصنف كزعيم جماعة إرهابية، في تركيا خططت للانقلاب العسكري الفاشل.
وفي المقابل كشف عبد الهادي عن قيام عدد من القنوات المصرية المناهضة للانقلاب، بعمل دراسات جدوى من أجل نقل بثها خارج تركيا، في حال طلبت السلطات التركية ذلك لكن دون قيام الأخيرة بتسليم أي معارض لنظام السيسي.
ورأى عبد الهادي أن مرحلة الجفاء على الرغم من الرغبة في عودة العلاقات ستبقى موجودة، لكن إن استعيدت الاتصالات فستبقى على مستويات أقل من الرئاسات، لأن أردوغان يريد إرساء مبدأ رفض الانقلابات العسكرية.