بدأ قطاع واسع من
اليمنيين بإعادة النظر بشكل أعمق في حسابات
الإمارات في اليمن، لاسيما بعدما انحرفت ـ وفقا لمراقبين ـ عن حدود مشاركتها في عمليات التحالف العربي الذي تقوده السعودية، من دعم شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي، إلى الوقوف مع خيارات الضد، تجلى ذلك في إسنادها تمردا قادته حراسة مطار
عدن على قرار تغييره، وقصف قوات هادي في محيط المطار.
صورة "أبوظبي" تبدو حاليا قاتمة
عقب سلسلة من المواقف التي توصف بـ"غير الناضجة" يقول متابعون يمنيون: "لن يكون آخرها "دعم التمرد على الرئيس هادي"، ومن قبله المشاركة بقوات خاصة في عملية الإنزال الأمريكي على قرية يكلا في محافظة البيضاء وسط البلاد، التي أسفرت عن مقتل نساء وأطفال.
"ملشنة وخلق الفوضى"
سياسة الإمارات التي لم تعد خافية على أحد، دفعت مسؤول في الحكومة اليمنية الشرعية إلى مهاجمتها واتهامها بملشنة وخلق الفوضى في مدينة عدن الساحلية ، الذي يتخذ منها هادي وفريقه الحكومي مقرا لهم.
شفيع العبد، الذي يشغل وكيل وزارة الشباب والرياضة، قال: "الداعمون لحفتر في ليبيا، ولدحلان في فلسطين، لن يسهموا في إيجاد مؤسسات دولة في عدن".
وأضاف عبر صفحته بموقع "فيسبوك" أن مشروعهم، أي الإماراتيين، "دعم مليشيات وخلق حالة من الفوضى والانقسام". في تلميح منه إلى التمرد الذي شهدته عدن قبل أيام.
وكان القيادي في المقاومة الجنوبية (تشكيل غير نظامي) المقدم صالح العميري، قد أعلن تمرده على قرار إبعاده من حراسة المطار، وبعد تدخل الحرس الرئاسي التابع لهادي لإنهاء هذا التمرد، دخلت القوات الإماراتية الجوية على الخط المساند للعميري، وقصف قوات هادي في محيط المطار الدولي شرق عدن.
"مذمومة وغير مرحب بها"
وفي السياق ذاته، يرى السفير اليمني عبدالوهاب العمراني بأن التحالف العربي فقد مصداقيته وليس فقط الإمارات، فبعد نحو عامين من بدء عاصفة الحزم بدأت تترسخ لدى اليمنيين صورة ذهنية مغايرة عن الأخيرة ودورها المفترض بأن "يكون داعما وعونا للشرعية، لا الوقوف ضدها". في إشارة إلى دعمها للتمرد في مدينة عدن يوم الأحد الماضي.
وقال العمراني في حديث خاص لـ"
عربي21" إن أطرافا في التحالف لديها أجندات مختلفة، وهو الأمر الذي جعل أبوظبي "مذمومة" و"غير مرحب بها عند كل اليمنيين تقريبا"، سوى من مؤيدي الانقلابيين، أو مؤيديها من الحراك الجنوبي، وهم أقلية في الجنوب. على حد قوله.
وتابع: المؤلم في الأمر أن هذا التحالف المكون من عشر دول، الذي غدا ضعيفا أمام حفنة من المليشيات ـ الحوثيين وقوات صالح ـ خذل اليمنيين بتكرار أخطاء القصف الجوي، التي وصفها بـ"النيران الصديقة" من جهة وبطء حسم المعركة من جهة أخرى، مما جعل طرفي الانقلاب يستعيدون شعبيتهم، جراء ذلك".
ولفت الدبلوماسي العمراني إلى أن "الأدهى من ذلك، هو أن عدن بعد عام ونصف من التحرير، لم تستطع تقديم نفسها نموذجا يُحتذى في الأمن والاستقرار والنظام والسكينة والسلام"، بل ما تزال غارقة في وحل الفوضى وغياب الدولة.
"انحياز وسياسة رعناء"
من جهته، اعتبر السياسي اليمني ورئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات، أنور الخضري أن ما تقوم به الإمارات اليوم من سياسات خاطئة وعدوانية في اليمن، تحت غطاء التحالف العربي تغاير أهدافه التي تشكل من أجلها. مضيفا أن اليمنيين يرصدون هذه الممارسات ويعرفونها ويرون الوقائع، ولم يعد ذلك خافيا على أحد".
وأوضح الخضري في حديث خاص لـ"
عربي21" أنه مهما كانت إرادة حكام الإمارات منحازة تجاه طرف ما (في إشارة إلى أحداث مطار عدن)، فإنها بهذا الاتجاه تتورط في "شأن داخلي وتعيق عملية الاستقرار، وتمكن الأعداء من البلد، وهو ما من شأنه إلحاق الضرر بالسعودية وبقية دول الخليج".
وبحسب رئيس مركز الجزيرة العربية، فإن اليمنيين يأملون من حكومة خادم الحرمين الشريفين كبح هذه "السياسات الرعناء التي يقوم بها الساسة الإماراتيون تحت مصالح ضيقة وخصومات مفتعلة".
وأكد السياسي اليمني أن الأجيال لن تنسى ما يجري في بلدهم اليوم من "نزيف للأرواح وللأعراض وللممتلكات وللآمال والتطلعات"، لكن ما يثير القلق أن يشارك البعض في هذا النزيف لمصالح ضيقة وخصومات غير مدروسة، وربما تحقيقا لأجندات أجنبية. وفق تعبيره.
ومنذ الاثنين الماضي، يزور الرئيس هادي العاصمة السعودية الرياض، بعد يوم واحد، من تعرض قواته لقصف جوي إماراتي في محيط مطار عدن.