كتب المعلق البريطاني المعروف ديفيد هيرست مقالا في موقع "ميدل إيست آي"، تحت عنوان "أثر
ترامب: (
صائدو الإرهابيين) في الـ(
سي آي إيه) يستقيلون رفضا للرئيس".
ويقول الكاتب إن العملاء التابعين للوكالة الأمريكية، الذين اخترقوا تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة، قد يستقيلون من عملهم؛ احتجاجا على "تحيز" ترامب ضد الوكالة الأمنية.
ويضيف هيرست أن الوكالة تواجه خسارة قد تشل عملها، من خلال خسارتها المعلومات التي تقدمها الوكالات الاستخباراتية الأجنبية؛ لأن بعض عملائها في الميدان لا يريدون العمل مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وعلم موقع "ميدل إيست آي" أن الجواسيس المتعاقدين، الذين يدير بعضهم شبكات لها جواسيس داخل تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة، إما استقالوا، أو أنهم هددوا بترك العمل، وسط حالة من الإحباط التي تعتري المجتمع الأمني، بعد شهر من تولي ترامب السلطة.
ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن هؤلاء العملاء يعرفون باسم "صائدي الإرهابيين"، وهم إما أمريكيون أو من جنسيات متعددة معظمها مسلمة، حيث سمح لبعضهم ببناء مصادره وشبكاته، ويحصلون على ميزانية كبيرة.
ويقول الموقع إن بعض العملاء يعملون مع الوكالة منذ أكثر من عقد؛ بسبب قوتهم ودافعيتهم، بالإضافة إلى أن لديهم سجلا جيدا، وقدموا معلومات قادت إلى عمليات اخترقت شبكات الإرهابيين.
ويورد المقال نقلا عن مصدر يعرف عن الاستقالات، قوله: "هذا جيل من العملاء الذين جاءوا بعد إعادة بناء الوكالة، عندما انتهت ولاية جورج دبليو بوش، وتمت استعادة مصداقيتهم والتركيز على الحقائق على صورتهم، ويعتقدون الآن أنهم سيعودون إلى المربع الأول"، وأضاف أن "تداعيات هذا على المجتمع الأمريكي والأوروبي ستكون جوهرية، فهؤلاء أشخاص يعرفون التضاريس، ويستطيعون الاندماج، وبعضهم يقوم بمهام سرية ومنذ سنوات، وكلهم أرسل رسالة إلى واشنطن (استقلنا)".
ويقول المصدر للموقع إن تهديدات عميلين من "صائدي الإرهابيين" تحديدا بالاستقالة، يعد مصدر قلق للمسؤولين الاستخباراتيين في مقر "سي آي إيه" في لانغلي، ويضيف المصدر: "لا يمكن استبدالهما، فاستقالتهما ستضر بمصالح الولايات المتحدة"، مشيرا إلى أن "هذين الاثنين يدير كل واحد منهما ما بين 50 إلى 60 شخصا، ولن تسمع منهم".
وينقل المقال عن المصدر قوله إن العميلين يرغبان بالاستقالة لسببين رئيسيين؛ فبصفتهما عميلين مواليين للولايات المتحدة، فإنهما يشعران بالاشمئزاز من الطريقة المتدنية للتفكير التي تميزت بها الإدارة الحالية، وتحيزها الأيديولوجي تحديدا وشكها بالمسلمين، لافتا إلى أن هناك خوفا آخر يتعلق بالتحول من التركيز على تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة، إلى قضايا أيديولوجية لا علاقة لها بالإرهاب، ويمكن أن تؤثر في عملية جمع المعلومات الأمنية.
ويلفت هيرست إلى أن العملاء أو صائدي الإرهابيين يشعرون بـ"القلق الشديد" من تسليم قيادة المجتمع الأمني إلى جنرالات عسكريين سابقين، خاصة أن هدفهم الحقيقي هو حماية مصادرهم الأمنية، ومنع استخدامها لأغراض سياسية، بالإضافة إلى أنهم يشعرون بالقلق من تعليقات ترامب، التي قال فيها إنه يريد العمل من جديد بأسلوب الإيهام بالغرق، الذي قد يكون وسيلة تجنيد مهمة لتنظيم الدولة.
ويورد المقال نقلا عن مدير المخابرات الأمريكية مايك بومبيو، قوله إنه سيفكر باستخدام هذا الأسلوب في التعذيب وغيره من "أساليب التحقيق المعززة" في ظروف معينة، مع أنه رفض في أثناء جلسة الاستماع لتأكيد تعيينه في الكونغرس، فكرة إعادة العمل بالتعذيب بعد توليه منصب رئيس "سي آي إيه"، حيث قال بومبيو في عام 2013 إن القادة المسلمين الأمريكيين لم يشجبوا الهجمات الإرهابية بما فيه الكفاية؛ ولهذا فإنه من "المحتمل أنهم متواطئون" مع هذه الهجمات.
وينقل الموقع عن خبير لديه خبرة عملية في "الجماعات الإسلامية الراديكالية" في المنطقة، قوله: "ستكون هذه أكبر خسارة في الحرب ضد الإرهاب وفي تاريخ الاستخبارات، وستحتاج المخابرات سنوات لبناء شبكات وأرصدة بشرية جديدة"، وأضاف: "لن يتم وقف هذا كله إلا عبر تعيين أشخاص لديهم معرفة وحس عقلاني غير مسيسين".
وينوه الكاتب إلى أن "سي آي إيه" نفت الأخبار عن استقالة عملائها، وقال المتحدث باسم الوكالة ريان ترباني في رسالة إلكترونية: "تواصل (سي آي إيه) مهمتها، وتقوم بها بكفاءة عالية ومهنية وتمكن"، وأضاف ترباني: "لم تحدث استقالات بأعداد كبيرة داخل الوكالة منذ التنصيب (تولي ترامب)، والشائعات التي تقول خلاف ذلك غير صحيحة".
وبحسب المقال، فإن إدوارد برايس، الذي عمل مع "سي آي يه" منذ عام 2006، كتب في صحيفة "واشنطن بوست" هذا الأسبوع، أنه قرر الاستقالة لتدني المعنويات في الوكالة بسبب ترامب، وكتب برايس إن تصرفات ترامب بعد دخوله البيت الأبيض مثيرة للقلق، خاصة أنه قلل من أهمية نتيجة 17 وكالة أمنية بشأن التدخل الروسي في الانتخابات، بالإضافة إلى أن زيارة ترامب إلى مقر الوكالة في لانغلي، التي ظل يتفاخر فيها بفوزه بالانتخابات، جعلت الكثيرين "يشعرون بالقلق، وسواء كانت تعبيرا عن الوهم أو الخداع، فإن هذه التعليقات لم تكن تلك التي كنت وزملائي نريد سماعها من القائد الأعلى لقواتنا المسلحة"، وأضاف برايس: "لم أستطع إلا المقارنة بين الطريقة الصاخبة لرئيسنا الجديد والمشرفين الشجعان الصامدين، الذي خلدت ذكراهم على جدران الوكالة، وأنا متأكد من شعور آخرين بالشعور ذاته".
ويكشف الموقع عن أن القشة الأخيرة التي دفعت برايس للخروج من الوكالة، هي الأمر الرئاسي الذي أعاد تشكيل مجلس الأمن القومي، الذي كان يعمل فيه "وكان مفقودا من لجنة مجلس الأمن القومي الرئيسية مدير المخابرات المركزية ومدير الأمن القومي، وتمت إضافة مدير استراتيجيات الرئيس ستيف بانون، الذي يقدم نفسه على أنه منافح عن القومية البيضاء".
ويفيد هيرست بأن مدير المخابرات السابق ليون بانيتا، حذر تحديدا من الأمر الرئاسي الذي منع فيه ترامب رعايا سبع دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة، وقال إن "الأمر يعرقل عمل مكافحة الإرهاب والسياسة الخارجية، والشراكة في مجال الأمن القومي، التي تعد مهمة لجمع المعلومات، والتعاون في الاستخبارات، وفرض القانون، والقنوات العسكرية والدبلوماسية؛ من أجل مواجهة التهديدات التي تمثلها الجماعات الإرهابية، مثل
تنظيم الدولة".
ويختم "ميدل إيست آي" مقاله بالإشارة إلى أنه تم التوقيع على شهادة مشفوعة بالقسم قدمت للمحكمة، ووقعتها وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت، ووزير الخارجية السابق جون كيري، ووزيرة الأمن الداخلي السابقة جانيت نابوليتانو .