نشرت مجلة "نيوزويك" مقالا للأكاديمي إيمانيوال كاراغيانيس، يقول فيه إن قرار الرئيس دونالد
ترامب مؤخرا، بحظر رعايا سبع دول ذات أغلبية مسلمة من دخول الولايات المتحدة، قد يؤثر بشكل مباشر في التحالف الذي يحارب ضد
تنظيمي الدولة والقاعدة.
ويشير المقال، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن هذا القرار يمكن أن يساعد على توليد زخم للحركة الجهادية، التي عانت من ركود في الفترة الأخيرة، حيث إن تنظيم
القاعدة بقي معزولا في بعض المناطق مثل اليمن، في الوقت الذي خسر فيه تنظيم الدولة أراضي في ليبيا وسوريا والعراق.
ويقول كاراغيانيس إن "المتطرفين الإسلاميين فضلوا ترامب على كلينتون؛ لسبب بسيط هو: خطابه الذي تفوح منه الإسلاموفوبيا، الذي يمكن أن يستخدم أداة دعائية مفيدة في تجنيد الشباب المسلم، وليس واضحا إن كانوا محقين بذلك، لكن حظر السفر يؤكد ذلك، فالبيانات المجموعة من منتديات النقاش تشير إلى أن مؤيدي تنظيم الدولة نظروا إلى القرار بإيجابية، فهم يفهمون جيدا بأن الخطاب المعادي للإسلام يدعم رسالتهم بأن الغرب يحارب الإسلام، وقد تبنى كل من تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة ولفترة طويلة نظرية صدام الحضارات؛ لأن بإمكانهما بسهولة تحفيز مشاعر الخوف والغضب والانتقام، ويأملون بأن يزيد الحظر من مشاعر الكراهية تجاه الأمريكيين، وأن يخلق المزيد من التوتر في العالم الإسلامي، وقد يدفع ببعض المسلمين لأن ينضموا لبعض التنظيمات".
ويدعو الكاتب القارئ إلى التذكر بأن قرار الرئيس ترامب يأتي في وقت مصيري للتحالف ضد تنظيم الدولة، ويقول: "مر أكثر من ثلاثة أشهر منذ أن شرعت القوات العراقية، بدعم جوي أمريكي، في عملية استعادة الموصل، ومع أن التنظيم يسيطر على أجزاء كبيرة من المدينة، إلا أنها مجرد مسألة وقت قبل أن يخسر التنظيم المعركة.، لكن سقوط الموصل لا يعني نهاية تنظيم الدولة، فالتنظيم طور شبكات شعبية بين السنة في العراق وسوريا، وإعادة سيطرة تنظيم الدولة على تدمر تعني أن تنظيم الدولة عدو قوي".
ويجد كاراغيانيس أن "الطريقة الوحيدة لاقتلاع هذه المجموعة من بلدين مزقتهما الحروب، هي تحريك السكان المحليين ليقفوا ضد التنظيم، لكن لم تعد هذه المهمة أمرا سهلا؛ لأن أمريكا تخسر المعركة الفكرية، حيث طالب البرلمان في بغداد بحظر دخول الأمريكيين إلى العراق، وقد يتبعهم في ذلك الأكراد، وتخاطر واشنطن بتنفير حلفائها في المنطقة".
ويصف الكاتب الوضع قائلا إن "السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط تمر بأيام صعبة، فحصار شرق حلب والقتل العشوائي للمدنيين لا بد أن يدفعا بكثير من الشباب المسلم نحو التطرف، حيث أصبحت تلك المدينة السورية مثل مدينة سربرينيسيا مع فارق كبير؛ فقد تم توثيق معاناة النساء والأطفال من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي والمواطنين الصحافيين، ولن تذهب تلك الذاكرة بسهولة، وفي نظر الكثير من المسلمين، فإن عدم قيام أمريكا بشيء يجعلها شريكة في حمام الدم".
ويلفت كاراغيانيس إلى أنه "إذا قررت إدارة ترامب أن تصل إلى حل مع الكرملين بخصوص سوريا، فإن هناك خطرا من تهميش المعارضة المعتدلة، وترك روسيا القوة المسيطرة في المنطقة، وفي الوقت ذاته، فإن روسيا حسنت من علاقاتها مع القوى السنية الرئيسة في المنطقة (مصر وتركيا والسعودية)، في الوقت الذي تبني فيه تحالفا مع شيعة إيران".
ويبين الكاتب أنه "على خلاف التصور السائد في أمريكا، فإن الارهاب الجهادي هو ظاهرة تهم الشرق الأوسط في الدرجة الأولى، والهجمات الناجحة ضد الأمريكيين كانت هي الاستثناء وليس القاعدة؛ وذلك لعدة أسباب: أولا، فعالية المخابرات الأمريكية في منع وقوع الهجمات، بالإضافة إلى عدم وجود الإمكانيات للقيام بالعمليات وشن هجمات كبيرة على الأراضي الأمريكية، فبعد هجمات باريس وبروكسل خسر تنظيم الدولة طاقته البشرية الرئيسة، ولم تكن صدفة أن الهجمات الأخيرة كانت هجمات فردية، والأهم من ذلك هو أن التنظيمات الجهادية فشلت في تجنيد عدد كاف من المسلمين في الغرب، فغالبيتهم العظمى تبقى مسالمة وملتزمة بالقوانين".
ويرى كاراغيانيس أن "شيطنة الديانة الإسلامية ليست خطأ أخلاقيا فقط، لكن يمكن أن تكون مضرة بالمصالح الأمريكية، وقد أظهرت دراسات مركز (بيو) للأبحاث أن معظم المسلمين في الشرق الأوسط الموسع وجنوب آسيا يعتقدون أن الغرب يتبع استراتيجية معادية للإسلام بغزوه للدول ذات الأكثرية المسلمة، وحظر السفر قد يقوي من الشعور بالهوية الإسلامية على مستوى العالم الإسلامي".
وينوه الكاتب إلى أن "بساطة الهجمات في ميامي ونيس وبرلين كشفت أنه لا يوجد طريقة فعالة لمنع شخص مصمم على ارتكاب مجزرة، وفي الواقع فإن هناك قائمة لا نهاية لها من الأهداف السهلة التي يمكن أن يقوم الإرهابيون بضربها".
ويخلص كاراغيانيس إلى القول: "إن كان هناك درس كان يجب تعلمه من هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، فهو أنه لا يمكن هزيمة شر الإرهاب بالإجراءات الأمنية فقط، فنحن نحتاج لبناء تحالف من الحضارات والديانات والثقافات، يشجع على التفاهم والحوار، وأصبحت الآن مسؤولية المجتمع المدني الأمريكي أن يأخد بزمام المبادرة وينقذ العالم من عودة إلى العصور الوسطى".