محلل سياسي: موقف الغنوشي من التعديل الوزاري رسالة موجهة لقايد السبسي- أرشيفية
تباينت آراء السياسيين حول تصريح زعيم حركة النهضةراشد الغنوشي، الذي عبر فيه عن دعمه لحكومة يوسف الشاهد في قراره بإجراء تعديل وزاري جزئي، لكنه اشترط التزام الأخير بالتشاور مع شركائه في السلطة في المرات القادمة..
وقال الغنوشي خلال لقاء استثنائي، الأحد، جمع ممثلي حركتي "نداء تونس" و"النهضة" في المقر المركزي للأخيرة بالعاصمة تونس، إن حزبه "يؤكد باستمرار أن رئيس الحكومة مخول بالإبقاء على وزير، أو صرف آخر".
لكن الغنوشي استدرك بقوله إن "المنظمات والأحزاب كلها من حقها أيضا أن تبدي رأيها في هذا الوزير أو ذاك. لذلك وجهنا الدعوة للقاء يجمع الموقعين على وثيقة اتفاق قرطاج؛ من أجل تقويم مسار الحكومة للأشهر الستة الماضية، وتصويب ما يجب تصويبه".
وتابع: "سندعم الحكومة، وسنصوت لصالح التعديل الذي أجرته السبت، مع التأكيد على ضرورة أن تلتزم في المرة القادمة بنهج التشاور، وهو في حقيقة الأمر تأييد مشروط".
الشاهد لا يجرؤ
واعتبر المحلل السياسي وأستاذ القانون الدستوري، جوهر بن مبارك، أن رسالة الغنوشي تبدو في ظاهرها موجهة إلى رئيس الحكومة يوسف الشاهد، لكنها في باطنها موجهة لرئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي.
وأضاف لـ"عربي21" أن الشاهد "لا يجرؤ على قرار التعديل الوزاري بمفرده، ويعلم الغنوشي جيدا أن القرار جاء إما بطلب من قايد السبسي، أو دفعا منه، أو بموافقته، وبالتالي فالرسالة لا يمكن أن تكون إلا للأخير عبر رئيس الحكومة" وفق تعبيره.
ورأى ابن مبارك أن هناك "تصدعا في الائتلاف الحاكم رغم هشاشته وقصر مدته، كما أنه ليس الأول من نوعه"، ملاحظا أن كل الدلالات تشير إلى أن "حركة النهضة غير راضية عن المنهجية التي تم اتباعها في التعديل الوزاري الأخير".
لفت نظر
من جانبه؛ أكد المكلف بالمكتب الثقافي والإعلامي في حركة النهضة، العجمي الوريمي، على ضرورة "احترام الدستور، والالتزام بالتوافق، والحفاظ على مبدأ التشاور السياسي في المسائل الأساسية من قبل المعنيين بوثيقة قرطاج".
وقال لـ"عربي21" إن المعنيين بحكومة الوحدة الوطنية "يمثلون الحزام الداعم للحكومة ولبرامجها، وقد منحوها الثقة في مجلس نواب الشعب"، لافتا إلى أن رئيس "النهضة" أراد أن "يلفت النظر" إلى وجوب احترام وثيقة قرطاج والالتزام بها.
وأضاف الوريمي أن الغنوشي عبّر بوضوح عن ضرورة التخلي عن القرارات المنفردة، وخاصة المتعلقة بـ"المسائل الكبيرة"، حتى لا تصبح وثيقة قرطاج حبرا على ورق، "فهي طالما لم تستوف أغراضها؛ فإنها تبقى أرضية لعمل الحكومة، ونحتكم إليها جميعا".
وخلص إلى أنه لا يجوز لأي كان من الائتلاف الحاكم، أو رئيس الحكومة نفسه، اتخاذ خطوات دون التشاور مع الشركاء "باعتبارنا نتحمل مسؤولية النتائج بما تشمله من نجاح أو فشل، وحتى نكون متضامنين أمام كل شيء" وفق تعبيره.
وقال إن الشاهد أبلغ "النهضة" بقرار التعديل الوزاري بعد اتخاذه، مستبعدا أن تكون هناك نية أو رغبة منه لتجاوز أعضاء الائتلاف الحاكم.
وأضاف الوريمي: "كان يمكن أن تتم تسوية ملف الوزير النقابي عبيد البريكي بطريقة مختلفة لا تغضب اتحاد الشغل".
من صلاحيات الشاهد
وأكدت القيادية في حركة نداء تونس، النائبة أنس حطاب، أنه ليس من صلاحيات أحد التدخل في العمل الحكومي "بل نحن نساند فقط، ومن باب التأطير والتشارك بين جميع الأطراف ولو جزئيا.. نبدي رأينا، ولرئيس الحكومة أن ينظر فيه فيما بعد" وفق تعبيرها.
وقالت لـ"عربي21" إنه تم تناول التعديل الوزاري في وسائل الإعلام، بعد الكشف عنه، على أنه قرار مرفوض "رغم أن هذا الأمر هو من صلاحيات رئيس الحكومة الذي يختار فريقه للعمل بما يتماشى مع مقتضيات المرحلة".
وأضافت أن وفد "نداء تونس" الذي تحول مساء الأحد إلى مقر النهضة؛ كان هدفه الأساسي هو "تجديد الالتزام بوثيقة قرطاج، ومساندة حكومة الوحدة الوطنية، إقرارا منا بأن تونس لا تحتمل هزات سياسية في الوقت الراهن".
وأوضحت حطاب أن وثيقة قرطاج لا تلزم "النهضة" و"النداء" فحسب، وإنما جميع الأطراف الموقعة عليها؛ بما يحقق الاستقرار الأمني والسياسي في البلاد.
دقائق قبل إعلان التعديل
وفي سياق متصل؛ قال نائب رئيس حركة النهضة، علي العريض، في تصريح لإذاعة "شمس أف أم" إن "النهضة" علمت بالتعديل الوزاري قبل دقائق من الإعلان عنه.
وقال مساعد رئيس مجلس نواب الشعب، النائب عن كتلة "النهضة" الحبيب خذر، لصحيفة "الشارع المغاربي" السبت، إنه "ليس من صلاحيات رئيس الحكومة يوسف الشاهد تعيين وزراء دون المرور بنيل الثقة في جلسة عامة بالبرلمان".
يُشار إلى أن وثيقة قرطاج جاءت نتيجة مشاورات انطلقت في حزيران/ يونيو 2016، وشاركت فيها أحزاب تونسية ومنظمات وطنية على غرار منظمتي الشغالين والأعراف، بهدف تكوين حكومة وحدة وطنية، وتم توقيعها بقصر الرئاسة في 13 تموز/ يوليو الماضي.