أكد المحامي
المصري ورئيس منتدى الوسطية للفكر والثقافة، منتصر
الزيات، أنه يتمسك بوجود الرئيس محمد مرسي في أي حل للأزمة المصرية؛ لأنه لا يمكن تجاوزه، مشدّدا على أنه لا يطرح حلولا بعينها بشأن قضية
المصالحة الوطنية، بل مجرد أفكار، لمحاولة حلحلة الموقف والأزمة الراهنة، وأنها قد تصلح لمرحلة جديدة بعد عبد الفتاح
السيسي.
وشدّد -خلال حلقته الخامسة والأخيرة من برنامج "رؤيتي" على شاشة قناة الشرق الفضائية، مساء الخميس- على أنه لا يطرح توبة أو تنازلا من طرف واحد، ولا يطرح تفاصيل محددة؛ لأن التفاصيل ليس مكانها أمام الكاميرات، فضلا عن أنه لا يمتلكها، وليس صاحب القرار فيها.
وردا على هجوم البعض عليه بشأن موقفه ورؤيته من قضية المصالحة، قال:" لا أريد الدفاع عن نفسي؛ لأني احتسب ما تعرضت له عند الله، وقد تصدقت بعرضي وسمعتي على الناس، لكننا سنقف يوما بين يدي المولى سبحانه في عرصات القيامة، وكل شخص سيأخذ حقه"، مضيفا:" المتاجرون لا يعنوني في شيء، ولا أهتم بردود فعلهم؛ لأنها متوقعة. أما الخائفون، فمهمتنا أن نطمئنهم ونتحاور معهم؛ لنبدد قلقهم".
وأشار إلى أنه "لم يكن مبادرا، وإن كانت
المبادرة للخير مندوحة شرعا وعقلا، لكن الحقيقة كانت الدعوة من قناة مكملين الفضائية، وهي التي حددت الضيوف والموضوع، ووجهت لي الدعوة على نفقتها، وانتقلت من بلدي مسافرا لمناقشة هذا الموضوع الشائك وفق رؤية القناة"، وذلك في إشارة للحلقة الأولى من برنامج "كلام كبير"، التي تناولت قضية المصالحة، والتي أثارت جدلا واسعا.
وأضاف: "من الطبيعي أن أعدّ أفكاري لموضوع هام مثل هذه القضية الشائكة، وسجّلنا الحلقة الطويلة المرهقة، ثم نُشرت تفاصيلها على أنها مبادرة مني قبل إذاعتها، ثم دعتني قناة العربية للحوار حول الموضوع ذاته في برنامج "نقطة نظام"، الذي يقدمه الإعلامي حسن معوض".
وفي 18 كانون الأول/ ديسمبر 2016، انفرد موقع "عربي21" بنشر رؤية شاملة طرحها "منتصر الزيات" للمصالحة الوطنية في مصر، وتناقلتها الكثير من المواقع الإخبارية المصرية والعربية، التي اعتبرها بمثابة مبادرة متكاملة لإنهاء أزمة مصر.
اقرأ أيضا:
منتصر الزيات يطرح رؤية شاملة للمصالحة الوطنية بمصر
وذكر "الزيات": "لم أشعر أنني استطعت التعبير عن رؤيتي في ظل برامج التوك شو، طرحت على رئيس مجلس إدارة قناة الشرق الدكتور أيمن نور فكرة استضافة قناة الشرق لي، فرحب، وسجلت أربع حلقات متواصلة لرؤيتي، أعتقد أنها الأنسب في التعبير عن الرؤية التي كان يفترض أن أطرحها في برنامج "كلام كبير"، وهي التي أقبل أن يحاسبني الناس عليها".
وتابع: "ردود الفعل الانفعالية أقدرها وأعذر أصحابها، فقد مررت بهذا الموقف من قبل عندما طرحت نداء وقف العمليات المسلحة بمصر في نيسان/ أبريل 1996، إلا أنني أود التأكيد -لله ثم للتاريخ- أن ما طرحته لم يكن مدفوعا من أحد، وليس هناك من يقف خلفه أو يؤيده، بالعكس هناك رفض، وبالعكس السياسة الرسمية الحكومية صدامية، أرفضها وأطالب بتعديلها".
وقال: "حينما طرحت أفكاري في التسعينات مُزقت ملابسي، وأحاطت بي الاتهامات من كل جانب، ولم أجد عونا من كثيرين، وأحاطت بنا الشكوك من الدولة وأجهزتها، وأيضا من إخواننا رفاق الطريق، وعندما بدأت تنضج الفكرة وتنجح الجهود ظهر للمبادرة ألف أب وألف حكيم".
وأردف: "لا بد من التفرقة بين المصالحة القديمة التي تمت عام 1997 وبين الوضع القائم حاليا، فسابقا كان هناك طرفان محددان لهما القدرة على اتخاذ القرار، الدولة كانت موحدة، والجماعة الإسلامية أيضا كانت موحدة؛ لذلك نجحت تلك المصالحة".
وتابع: "بينما الوضع الحالي أكثر تعقيدا، فطرف الدولة موزع، وليس شيئا واحدا، ورأس الدولة (السيسي) مشروعه قائم على الصدام وضد فكرة المصالحة من الأساس، وهناك قطاعات مع محاولات التهدئة، وهم الذين تخلصوا من "مبارك" ومن "
الإخوان"، ويريدون الحفاظ على الدولة العميقة أو القطرية، وهم بالتأكيد يرون أن الأوضاع تزداد سوءا يوما بعد الآخر".
وأضاف: "الطرف الثاني هم المعارضة للنظام، وقلنا سابقا ليسوا هم الإخوان فقط، فلدينا التيار الإسلامي العريض، ولدينا التيار الشعبي، الرأي العام المصري، الذي صدّق في منعطف معين كل ما قيل في سبيل الإطاحة بمرسي، إلا أنه شعر بتعرضه للنصب، وهو ليس مع الإخوان، وليس أيضا مع السيسي، وقضية المصالحة لا تعنيه، فكل ما يهمه معيشته وحياته اليومية".
واستطرد "الزيات" قائلا: "إذا لم يلق طرحنا اليوم استجابة عادلة واحتراما متبادلا، فإننا ننتظر الظروف التي تتهيأ، والتي تقبل إحقاق الحق، واستعادة العدالة، ورد المظالم والقصاص"، لافتا إلى أن "حالة الانهيار المرتقبة ستؤدي إلى حالة تفكك وتمرد وقلاقل وقطع طرق وسرقات".
وأردف: "أنا فيما أطرح لا أتوجه بأفكاري لطرفين وحيدين (الجيش والإخوان) فحسب، صحيح هما أكبر قوتين، وصحيح أيضا أنهما يتألمان، لكنهما ليسا الطرفين الوحيدين، إنما أتعامل مع كل مواطن مصري، أعنيه بكلماتي، وأعرض عليه رؤيتي؛ لأن المسألة والوجع يطول كثيرين، ليس فقط التيار الإسلامي العريض، وهناك مواطنون عاديون أعطوا أصواتهم للدكتور محمد مرسي، ولهم حق في التفاوض والتفاهمات وطريقة الحل".
ونوه "الزيات" إلى أنه يتوجه بخطابه إلى "المواطن الذي فقد أخاه أو أباه في مداهمة أو مظاهرة، المواطن الذي له أخ أو قريب مسجون مظلوم له حق يفهم ويناقش ويقرر، والشخص الذي له قريب أو أخ يتعرض للضرب والتعذيب ولا يستطيع الدفاع عنه هو طرف أيضا".
وأكمل: "إذا ما كنا نبحث عن حلول لملفات معقدة، فمن غير المعقول أن نصنع مشكلة جديدة، ونتغافل عن ملف الدكتور محمد مرسي، ولا يمكن التنازل من طرف واحد فقط أو إملاء شروط الطرف الآخر؛ ولذلك لا بد من معرفة الأطراف المعنية بهذا النقاش، ومن هم الذين سيشاركون في الحل".
ولفت إلى أن "المشكلة ليست في التيار المستضعف داخل السجون؛ لأنه لا يملك السيطرة، بل في التيار الأوسع الذي يرقب ما يحصل، والذي لا يراه الكثيرون، وهناك كذلك ليبراليون ويساريون وثوريون وشباب وأناس عادية كانت تؤيد السيسي، وانخدعت فيه، وفاقت دون أن تجد لقمة العيش"، مضيفا: "نعم الشعب خائف، وهو ليس مع هذا أو ذاك".
وأكد أن الأزمة المصرية تأتي في ظل أوضاع إقليمية ودولية معقدة ومتأزمة، والملف المصري ليس من أولوياتها، خاصة بعد وصول دونالد ترامب، الذي وصفه بأنه يميني عنصري متطرف، لرئاسة أمريكا، حيث أنه مؤيد لمبدأ الصراع والصدام، بخلاف سلفه بارك أوباما الذي كان نسبيا مع سياسة الاحتواء بشكل أو بآخر.
وأضاف "الزيات": "قد يكون الظرف الحالي غير موات، لكننا ننظر إلى المستقبل، وهناك خطة 1 وخطة 2، والجميع يعمل وفق الخطة 1، وهي الصدام، وأنا ومن مثلي لم نتدخل منذ عام 2013، وبالتالي ينبغي أن يكون لنا دور ما".
وتابع: "من أداروا الأزمة وفشلوا قبل أحداث 30 حزيران/ يونيو 2013 هم الذين أداروا المواجهة بعدها وفشلوا أيضا، ونحن نحاول المساعدة والعبور للمستقبل من خلال صنع الخطة 2، وما نقوم به دق لناقوس الخطر، ومحاولة لفتح الطريق وباب للأمل".
وأكمل: "أنا ومن هم مثلي دافعنا عن اختياراتنا، رغم أني لست طرفا، والإخوان لم يستشيرونا في شيء، وبعد 3 تموز/ يوليو، أعلنا رفضنا لما حدث من الإطاحة برئيس منتخب، ليس انحيازا للإخوان، بل موقف مبدئي دفاعا عن إرادتنا وعن حقنا في الاختيار، وبالتأكيد لن نمنح صوتنا مرة أخرى لمرسي أو لجماعة الإخوان".
واختتم بقوله: "ظللنا صامتين منذ 3 تموز/ يوليو حتى الآن، أكثر من ثلاث سنوات، لم تتضح خلالها أي رؤى أو أفكار أو تصورات تستطيع اختراق جدار الذهنية المصرية وآلة الإعلام التي توجه العقلية المصرية، وينبغي ألّا يظل هذا الصمت والسكون مستمرا للأبد، وهذه محاولة لإنعاش الأفكار والأطروحات للمستقبل".