نشرت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية حوارا؛ أجرته مع المحلل والمتابع للجماعات الجهادية في الشرق الأوسط وشمال
أفريقيا، إيفان غيشاوا، يحلل فيه الفيديو الأخير، الذي يعلن توحيد عدد من الجماعات الجهادية الناشطة في
مالي.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الفيديو الذي تبلغ مدته سبع دقائق، ونشر نهاية الأسبوع الماضي، يُظهر خمس قيادات جهادية من خمس فصائل مختلفة، وهم يجلسون خلف حاسوب محمول في إحدى المناطق بالساحل، من أجل الإعلان عن توحدهم في فصيل واحد يدعى "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين".
وحول مغزى الفيديو ورسالته، يوضح غيشاوا أن "هذا الفيديو يدل على وجود عملية تواصل بين كل هذه الجماعات
الإرهابية المتواجدة في منطقة الساحل. كما يبين هذا الفيديو تجديد هذه الجماعات بيعتهم لزعيم
تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري".
وأوضح أن "الأمر الملفت للنظر، هو هذه الرغبة التي أبدتها هذه الجماعات في أن تكون جزءا من منظومة الجهاد العالمي اللامركزي، الذي لا يلتزم بمنطق الجغرافيا، نظرا لأن هؤلاء القادة لم يعربوا عن انتمائهم أو توسعهم في منطقة جغرافية معينة، أو عن نيتهم خوض معركة محددة".
وتابع: "هذا الفيديو لا يهدف لاستقطاب الشباب، وإنما لإبراز نوع من الصفاء الروحي؛ الذي يجمع بين هذه الحركات الجهادية حتى يصل صدى هذه الرسالة إلى أكبر المنتديات الإسلامية. كما يهدف هؤلاء القياديون، من خلال نشر هذا الفيديو، إلى تحديد موقعهم على خريطة الجهاد العالمي"، وفق ما تنقله الصحيفة.
والجدير بالذكر أن "إياد أغ غالي"، أمير التنظيم الذي يدعى "نصرة الإسلام والمسلمين"، أشار في نهاية الفيديو إلى عمليات الدمج التي تجري في الوقت الراهن بين الجماعات الجهادية في سوريا، حيث أفاد بأنها كانت مصدر إلهام لاتخاذ مثل هذه الخطوة".
وتحدث غيشاوا عن إياد أغ غالي، الذي يتولى زعامة الائتلاف الجديد، إلى جانب حركة "أنصار الدين"، التي تبنت في السابق مسؤولية العديد من التفجيرات وأسفرت عن مقتل العديد من الجنود الفرنسيين خلال "عملية بركان". وأضاف غيشاوا أنه "من المرجح أن تتعمق الفجوة بين باماكو وباريس على خلفية هذا الفيديو، الذي يبايع فيه أغ غالي تنظيم القاعدة".
أما الشخصية الثانية التي ظهرت في هذا الفيديو، فهو محمدو كوفا، أمير "كتائب ماسينا"، التي تعتبر مجموعة نشطة في وسط مالي. كما ظهر في الفيديو الجزائري جمال عكاشة، أمير القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي في الصحراء، وهو التنظيم الذي شارك في احتلال تمبكتو (مالي) في سنة 2012. كما ظهر كل من أبي عبد الرحمن الصنهاجي، قاضي تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وحسن الأنصاري، أحد مساعدي مختار بلمختار في حركة الناصريين المستقلين (المرابطون)، معلنين بذلك تشكيل ائتلاف جديد.
ونقلت الصحيفة عن غيشاوا أن "هذا الاندماج بين الجماعات الجهادية، المتواجدة في الساحل الأفريقي كان مفاجئا، إذ كشف عن عدم قدرة أجهزة الاستخبارات في الوصول للمعلومات التي من شأنها أن تفيد بتشكل هذا الائتلاف الجهادي. لكن هذا الاندماج لم يحمل في طياته أي جديد يذكر، خاصة وأن هذه الجماعات تحتل سوية، منذ سنة 2012، شمال مالي".
وأضاف غيشاوا قائلا: "أنا لا أعتقد أن هذا الاندماج سوف يحدث تغييرات جوهرية في اللعبة الإقليمية، إلا في حال طبقوا ذلك على أرض الواقع، وقاموا بشن عمليات مشتركة. في المقابل، تعرف جيدا هذه التنظيمات المتحالفة حدود مجالها، فهي لا تستطيع جمع قواتها، خوفا من أن تصبح هدفا واضحا للقوات الفرنسية".
وحول مدى التهديد الذي تشكله هذه الجماعات، أوضح غيشاوا أن "تهديدها شبه دائم على الرغم من أنها لم تعلن، في الوقت الحالي، عن استهدافها لأية مجموعة معينة. من جهة أخرى، يؤكد هذا الاندماج على عمق الفجوة بين الجماعات المسلحة، المتواجدة في مالي والموقعة لاتفاقية الجزائر للسلام، وهذه الحركات الجهادية".