يعود ملف
المخيمات الفلسطينية ليتصدر مشهد الأحداث الأمنية والسياسية في
لبنان، إثر اندلاع
اشتباكات، الجمعة، بين مسلحين لبنانيين منتمين لحركة أمل، وآخرين
فلسطينيين في مخيم برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وتتباين المعلومات حول أسباب ودوافع جولة العنف في مخيم يقع في محيط خاضع لنفوذ حزب الله، في الوقت الذي تحدثت فيه وسائل إعلام لبنانية عن خلافات عائلية أذكت نار الاشتباكات، بينما يشير ناشطون داخل المخيم إلى أن جولة العنف بين مجموعتين من عائلتين فلسطينية ولبنانية؛ هي بمنزلة رسالة سياسية وأمنية متعددة الاتجاهات.
وأفاد شهود عيان من مخيم برج البراجنة لـ"عربي21" أن الاشتباكات اندلعت بين مجموعة مسلحة من آل جعفر، وأخرى من آل قفاص في حي البعلبكية، سرعان ما تطور إلى انخراط عشرات المسلحين من الطرفين بالاشتباكات، وسط محاولات لم تنجح؛ من الفصائل الفلسطينية وحركة أمل وحزب الله للجم القتال الذي استمر لساعات، قبل أن يتمكن الجيش اللبناني من التدخل وفض النزاع، بناء على الاتصالات الفصائلية مع "الثنائي الشيعي".
وأسفرت الاشتباكات عن مقتل شخصين، وإصابة المسؤول السياسي لحركة حماس في المخيم أبو خليل قاسم، عدا خسائر مادية فادحة، منها احتراق محال ومنازل.
ونفت حركة أمل، بزعامة رئيس مجلس النواب نبيه بري، أي صلة لها بالاشتباكات التي وقعت في المخيم.
وأكد غازي زعيتر، عضو كتلة التنمية والتحرير النيابية التابعة للحركة، في تصريحات مقتضبة لـ"عربي21" أن "ما حصل في مخيم برج البراجنة، لا يعدو عن كونه خلافا عائليا لا ارتباط لحركة أمل به"، مشيرا إلى أن الدوافع السياسية "غير موجودة كما يحاول البعض توجيهه في هذه السياق".
وأكد زعيتر أن "الجميع يجب أن ينصاع تحت سقف القانون، والحفاظ على الأمن والاستقرار"، معتبرا أن كل ما يؤدي إلى ضرب الأمن في لبنان هو أمر مرفوض ومدان".
يشار إلى أن معارك عنيفة شهدها مخيم عين الحلوة، قبل أسبوع، بين مجموعات إسلامية بقيادة المطلوب إلى القضاء اللبناني بلال بدر، ومجموعات تابعة لحركة فتح.
من جهته، قال أمين سر اللجنة الشعبية التابعة لمنظمة التحرير في مخيم برج البراجنة، حسني أبو طاقة، إن "الاقتتال الذي شهده مخيم برج البراجنة يصنف في الإطار العائلي والفردي"، لافتا إلى أن "الخلاف نشب بين عائلتين على خلفية بناء منزل، وسرعان ما تطور إلى إشكال مسلح".
وأرجع أبو طاقة، في حديث لـ"عربي21"، الاشتباكات لوجود "خلاف مزمن بين العائلتين، ما دفع الأمور إلى مزيد من التصعيد وسط صعوبة في احتواء المعارك بشكل سريع لإيقاف نزيف الخسائر المادية والبشرية"، وفق قوله.
ولفت إلى أن الخلاف العائلي "كان محتدما وعنيفا نتيجة التراكمات التي لم تعالج، ما فتح المجال أمام عنف كبير قبل أن تتمكن الجهود من احتواء الأزمة".
وشدد على أن الاقتتال، رغم ما حمله من استخدام للأسلحة المتوسطة، بما فيها القذائف الصاروخية، إلا أنه لم يمتد خارج الحي الذي اندلع فيه، موضحا أن "ثمة موتورين قاموا بإطالة مدة المعارك عبر إطلاق النار المتواصل من أماكن مختلفة، خصوصا من الأبنية المرتفعة"، بحسب ما قال.
وأشار أبو طاقة، وهو من المشاركين في جهود وقف إطلاق النار، إلى أن "الفصائل الفلسطينية توافقت، في اجتماع طارئ بإشراف السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور، على ضرورة النأي بالمخيم عن أي إشكالات أمنية، واتفقت من خلال تواصلها مع حركة أمل وحزب الله على ضرورة إيقاف النار ومعالجة الإشكال بالطرق العقلانية"، على حد قوله.
وقال أبو طاقة، إن "أمل وحزب الله أبديا تعاونا كبيرا في مسألة محاصرة الاقتتال ومنع تمدده"، وكشف عن أن القيادة الفلسطينية في لبنان اتخذت قرارا حاسما "بتشكيل قوة أمنية في مخيم برج البراجنة، وانتشارها في مناطق الإشكال، وسحب المسلحين من منطقة المعارك، ومنع أي مظاهر مسلحة خارج إطار القوة الأمنية".
وحول وجود دوافع سياسية وراء هذه المعارك، قال أبو طاقة: "الحديث عن هذا الموضوع غير دقيق، فالجميع من الطرفين اللبناني والفلسطيني كانوا حرصين على ضبط الأوضاع، وإنهاء الإشكال سريعا، وهذا يعكس حقيقة النوايا"، كما قال.
وأضاف: "أما إذا كانت هناك رسائل سياسية كما يتحدث البعض، فنحن لم نشاهد ذلك، ولن نقرأها أبدا"، معتبرا "أن أي خلل أمني لن يؤثر على علاقة حسن الجوار بين المخيم بمكوناته وفصائله وعشائره وجواره اللبناني كافة"، على حد تعبيره.