ردا على الغضب المتصاعد بعد وفاة طفلة فلسطينية مريضة في
لبنان، رفضت وكالة الأونروا، في تصريح خاص لـ"عربي21"، اتهامها بـ"التقصير" في تقديم الرعاية الصحية للاجئين
الفلسطينيين، في حين يقول فلسطينيون إن الأونروا تقلص خدماتها بحجة التمويل.
من جهتها، أكدت قيادات فلسطينية شمالي لبنان مواصلتها الحراك التصعيدي ضد الوكالة، رفضا لتقليصات ميزانية خدماتها المختلفة، لا سيما الصحية.
وأثارت قضية وفاة الطفلة منى عثمان، في مخيم نهر البارد بشمال لبنان، غضبا عارما في
مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.
وكانت الطفلة تعاني من مرض السّحايا، نقلت على إثره إلى مستشفى الخير في منطقة المنية بطرابلس، حيث طلبت إدارة المستشفى من الأونروا نقلها إلى مستشفى آخر؛ لعدم امتلاكه اتجهيزات لمعالجتها، لكن الوكالة الأممية رفضت ذلك، مبرّرة بأنه "لا أسرّة في مستشفيات المنطقة"، بحسب ما يقول أهالي الطفلة.
وتكررت حالات وفاة المرضى الفلسطينيين؛ حيث يقول الأهالي بأن الأونروا ترفض نقل المرضى؛ بسبب "الادعاء بعجز الموازنة".
والأونروا هي وكالة أممية للغوث والتنمية البشرية، تعمل على تقديم الدعم والحماية لحوالي 4.7 مليون لاجئ فلسطيني مسجلين لديها في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة، ويتم تمويلها بالكامل تقريبا من خلال التبرعات الطوعية التي تقدمها الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة.
من المقصّر؟
بدوره، نفى رئيس قسم الصحة التابع لوكالة الأونروا، الدكتور ناجح صادق، في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، أن يكون هناك "أي تقصير من الوكالة تجاه خدمة الاستشفاء للاجئين الفلسطينيين، إضافة إلى الرعاية الأولية عبر 27 عيادة منتشرة على الأراضي اللبنانية"، على حد تعبيره.
وأضاف: "هناك صندوق إضافي للاستشفاء نساعد من خلاله الحالات الخاصة، بحسب التقديرات الطبية التي تدرس بعناية كل حالة تحتاج إلى معونة".
وعن الاتهامات التي تطال الأونروا لجهة التقصير والتسبب في وفاة الطفلة منى وحالات أخرى، قال صادق: "نقدر وضع الطفلة منى، ونقدم التعازي لأهلها، لكننا بذلنا جهدنا لمساعدتها، عبر إيجاد سرير طبي لها في أي مستشفى بلبنان دون جدوى"، مشيرا إلى أن "حالتها كانت صعبة للغاية"، وفق قوله.
وحول الانتقادات التي تطال الأونروا في مخيمات شمال لبنان تحديدا، قال: "لا نقبل اتهامنا بالتقصير، فالوكالة وجدت لخدمة الفلسطينيين، فلا مانع يحول دون مساعدتنا للطفلة منى لو كنا قادرين على تحقيق ذلك"، نافيا أن تكون حالة الطفلة منى "متعلقة بضعف التمويل أو لسبب آخر".
وعن التحركات المنددة بالوكالة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بلبنان، قال: "بدأت التحركات في بداية عام 2016، عندما قامت الأونروا بتعزيز سياستها الاستشفائية، ولم يكن هناك أي تقليص أو استثناء لأي من الخدمات، بعكس ما تتم إشاعته، واتبعت هذه الخطوة التعزيزية بخطوة ثانية في النصف الثاني من العام المنصرم، ولم نتوان أبدا عن مواصلة تقديم الخدمات الصحية لكافة اللاجئين"، بحسب قوله.
وعن إمكانية إعطائه نسبة مئوية عن خدمات الاستشفاء للوكالة، قال: "القضية ليست بالنسبة، فنحن نقدم خدماتنا للجميع، والاستشفاء متوفر لمن يحتاجه من اللاجئين الفلسطينيين"، كما قال.
وحول الدعوات التي تطالب بإغلاق مراكز الأونروا، قال: "مراكز وكالة الأونروا، سواء الصحية منها أو غيرها من المقرات الخدماتية، ليست مخصصة سوى لتقديم العون والمساعدة لمستحقيها من الفلسطينيين، وأي خطوة باتجاه إغلاقها ستشكل تداعيات كبيرة عليهم".
ما موقف الفصائل؟
ومن جهته، اعتبر مسؤول ملف نهر البارد في حركة حماس، أبو بكر الأسدي، أن "سياسة الأونروا ممنهجة تجاه التقليصات، ما انعكس سلبا على اللاجئين الذي هم بأمس الحاجة للمعونة، لا سيما الطبية منها".
وأوضح الأسدي في تصريحات خاصة لـ"عربي21": "تم اعتماد الطبابة في العيادات الخاصة بنسبة كاملة، أما المستشفيات فلا تلتزم الوكالة سوى بنسبة 50 في المئة، والباقي يلقى على عاتق المريض الفلسطيني الذي يكابد أصلا أوضاعا معيشية ومالية مزرية"، وفق قوله.
واعتبر الأسدي أن "المستشفيات التي تتعاقد معها الأونروا لا تتمتع بمواصفات طبية شاملة"، مضيفا: "كافة لوازم عمليات القلب وغيرها، يتكفل بها المريض أيضا، وهو ما يعاكس منطق الوكالة التي تشير إلى أنها تقدم الرعاية الشاملة للاجئين".
وحذر الأسدي من محاولة "تفريغ الأونروا من مهمتها الأساسية، وهي خدمة الشعب الفلسطيني على المستويات كافة"، كما قال.
تفاقم المعاناة
وحول ما تقوله الأونروا بأنها تعزز الاستشفاء ولا تعمد إلى تقليصه، قال الأسد: "هي تعزز معاناة الشعب الفلسطيني وتكريس معاناته وإسقاط حق عودته، لكنه رغم ذلك نرفض إغلاق جميع مراكز الأونروا، بما فيها المقرات الصحية والتربوية؛ لأنها مؤسسات تخدم شعبنا، وعليها أن تعزز دورها بالفعل وليس بالقول، من خلال رفع مستوى تقديم الخدمات، فهي الوكالة الشاهدة على نكبة الشعب الفلسطيني، وسنحافظ عليها حتى عودتنا إلى ديارنا"، بحسب تعبيره.
وعن التحركات المتوقعة ضد سياسة الأونروا الصحية، قال الأسد: "سنستمر في التحركات السلمية التي تعكس حضارة شعبنا والضغط على الأونروا لتقديم خدماتها بالشكل الصحيح، وسنتواصل مع جميع الأطراف المعنية لتحقيق مطالبنا بتقديم الطبابة بنسبة مئة في المئة، وهو ما وُعدنا به منذ عشر سنوات في نهر البارد، لكن ذلك لم يتحقق"، على حد قوله.