كتبت مديرة معهد الخدمات الملكية المتحدة كارين فون هيبل مقالا في صحيفة "فايننشال تايمز"، دعت فيه إلى استراتيجية ثانية لمنع ظهور
تنظيم الدولة رقم 2.
وتقول الكاتبة إن "تنظيم الدولة يواجه هزائم في كل من مدينة الموصل
العراقية، ومدينة الرقة السورية، ولن يمضي الوقت حتى يخسر (خلافته)، وفي الوقت الذي كانت فيه السيطرة على المناطق جزءا من الجاذبية التي دفعت المقاتلين الأجانب إلى صفوفه، إلا أنه من السذاجة بمكان الاعتقاد أن هزيمة التنظيم تعني نهايته وللأبد".
وتضيف هيبل في مقالها، الذي ترجمته "
عربي21"، أن "على حكومتي العراق وسوريا عمل ما يمكن عمله من أجل منع ظهور تنظيم الدولة رقم 2 يتطور بشكل أكثر خبثا، وبالضرورة إلى خلافة افتراضية".
وتؤكد الباحثة أن "التطور يجري في الوقت الحالي، ففي السنوات الثلاث التي سيطر فيها مقاتلو تنظيم الدولة على مناطق في العراق وسوريا، فإن التنظيم كرس الكثير من وقته وجهده للعمليات الخارجية، وقتل مئات من جنوده في مناطق متعددة في الشرق الأوسط، وكان الهجوم على لندن هو آخر الهجمات التي شنها التنظيم، وبلغ عدد الذين قتلوا في أوروبا وأمريكا الشمالية جراء هجماته حوالي 330 شخصا في 20 عملية، استلهم منفذوها تعاليم التنظيم وأفكاره، وفي بعض الأحيان تلقوا التعليمات من الرقة، وعانت تركيا وحدها من عدة هجمات قتل فيها أكثر من 300 مدني".
وتشير هيبل إلى ما يقوله الخبراء بأنه منذ وقت طويل، يواجه التنظيم ضغوطا في العراق وسوريا، التي يقوم بها تحالف من 68 دولة بقيادة الولايات المتحدة، بتوجيه ضربات في أماكن هامشية وبعيدة، ليظهر أنه لا يزال يملك القوة.
وتقول الباحثة: "كما هو معروف، فإن هجمات كهذه ستزيد من معدلات التجنيد في صفوفه، لأنها تقدم صورة عن تنظيم لا يقهر، فالتحالف الدولي يقوم بدك قواه في معاقله العراقية والسورية، إلا أنه لا يزال قادرا على التسبب بالأذى في مناطق أخرى، ويجب أن نحضر أنفسنا لهجمات جديدة، إلا في حالة بذلت فيها الجهود لمنعه".
وتلفت هيبل إلى أن "تقدما مهما تم تحقيقه من خلال تعاون دول التحالف مع القوى المحلية، وليس فقط في العراق وسوريا، لكن في ليبيا أيضا، إلا أن الجهود بشكل عام لم تكن قادرة على وقف تمدده حول العالم، وقد تم تنظيم التحالف من أجل مواجهته في العراق وسوريا، وليس معالجة التحديات في المناطق كلها".
وتبين الكاتبة أنه بناء على الهجمات الأخيرة، فإن عدة دول تقوم بمراجعة الإجراءات الأمنية وقدرات مكافحة الإرهاب الداخلية وزيادتها؛ للتعامل مع الهجمات، والتعلم من الدروس السابقة.
وتعلق هيبل قائلة إن "الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب وعد بتقديم خطة لهزيمة تنظيم الدولة، ولم يتم الإعلان عن هذه الخطة أثناء لقاء مسؤولي دول التحالف في واشنطن الشهر الماضي، في الوقت الذي بدا فيه أن وزير الدفاع جيمس ماتيس لديه خطة قصيرة الأمد، وهي زيادة القوات في العراق وسوريا، وستزيد هذه الخطوات من سرعة هزيمة تنظيم الدولة في هذين البلدين، لكنها لن توقف الهجمات في مناطق أخرى من العالم".
وتجد الكاتبة أنه "لهذا السبب، فإن هناك حاجة لقيادة دولية ناشطة، سواء بقيادة الولايات المتحدة، دول التحالف، أو مجموعة صغيرة من الدول الصغيرة منها بريطانيا لديها كفاءة على دمج القدرات في مجال مكافحة الإرهاب".
وترى الباحثة أن "الأخبار الجيدة هي أن تنظيم الدولة ليست لديه قوة ذات قيمة دوليا كما يحب أن يظهر نفسه، إما من خلال توجيه عمليات خارجية، أو عبر شبكته من الجماعات الموالية له، مثل بوكو حرام في نيجيريا وشمال أفريقيا وجنوب شرق آسيا".
وتقول هيبل إن "تنظيم الدولة 2 قد يظهر ويتطور عبر شبكة مائعة من الجماعات، تسيطر على جيوب في عدد من الدول الضعيفة، أو يقوم بإدارة أتباعه من خلال الواقع الافتراضي والإنترنت، حيث يسيطر على أتباعه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا المشفرة، وتنظيم الدولة لم يعد قادرا على تنفيذ عمليات منسقة يشارك فيها مقاتلون من التنظيم والجماعات المرتبطة به، وينبغي ألا يسمح له بتطوير هذه القدرات".
وتعتقد الكاتبة أن "تهديد دونالد ترامب (بمحو هذا التنظيم الشرير عن وجه الأرض) لن يتحقق، فمن الصعوبة بمكان هزيمة الأيديولوجيات، خاصة في ظل استراتيجية
التحالف الدولي الحالية، التي لا تركز على وقف الهجمات في دول أخرى، ومنع ظهور تنظيم الدولة رقم 2",
وتخلص الباحثة إلى القول إن "ما نحتاج إليه هو استراتيجية أكثر تضافرا؛ من أجل تخفيف التهديد الذي يمثله تنظيم الدولة ووريثه رقم 2، وفي ضوء الهجمات الدولية والمحتملة، فإن هناك حاجة لخطة طموحة".