ارتكب
النظام السوري مجزرة بحق المدنيين اليوم الثلاثاء في ريف إدلب الجنوبي في
خان شيخون، باستخدام الغاز السام، الأمر الذي دفع إلى التساؤل حول الأهداف التي يسعها نظام بشار الأسد إلى تحقيقها من خلال استخدام هذه الأسلحة المحرمة دوليا على مرأى من العالم والمجتمع الدولي، والأسباب التي دفعته إلى ذلك.
من جهته، علق الخبير العسكري، العقيد أديب عليوي، على ذلك وتناول الأهداف التي يريد النظام السوري تحقيقها باستخدام الأسلحة
الكيماوية بكثاقة، كما فعل مؤخرا في مناطق عدة في
سوريا لا سيما حماة وريفها قبل أيام، وريف إدلب اليوم.
وقال لـ"
عربي21"، إن النظام السوري عندما شعر بأن الثوار لا يزال وجودهم حقيقيا وأنهم يستطيعون الوصول إلى تخوم الغاب، وإلى منطقة ما تسمى بـ"سوريا المفيدة"، المنطقة الخطرة بالنسبة له، والوصول لحاضنتهم الشعبية، قام بعمل مجازر باستخدام الكيماوي لدفع المعارضة إلى التراجع.
وأضاف أن النظام تأكد من أن الثوار لا يزالون أقوياء، وأن لديهم القدرة على اختراق هذه المناطق، خاصة في الأيام الأولى لمعركة حماة، وكيف أنهم وصلوا إلى تخوم مطار حماة وتخوم الغاب، فقام بمجازر باستخدام الكيماوي.
وبحسب عليوي، فإن النظام يحاول الآن:
أولا: تدمير الحاضنة الشعبية للثوار
ثانيا: تفريغ هذه المنطقة بالقوة
ويعيش في منطقة خان شيخون مئة ألف من السكان و20 ألف مهجر من حماة وريفها، لذلك هي منطقة مكتظة، وتعد حاضنة للمعارضة والثوار، في حين يحاول النظام السوري ضرب هذه الحاضنة لتهجير السكان وإبعادهم عن المنطقة.
وأضاف المحلل العسكري، الدكتور فايز الدويري، في حديثه لـ"
عربي21" أسبابا أخرى إلى تلك التي ذكرها العليوي، هي:
- التحول في الموقف الأمريكي
- تغاضي العالم عن مجازر الكيماوي منذ 2013
- أسلحته التقليدية لم تجد نفعا
- بعد نفسي كبير جدا على السكان والثوار
وقرأ أن النظام السوري يهدف من خلال استخدامه السلاح الكيماوي إلى محاولة استعادة السيطرة.
وأوضح أنه بالنظر إلى الخارطة ميدانيا، نجد أن خان شيخون تقع على طريق رئيسي، تقود السيطرة عليه إلى فتح آفاق عملياتية وميدانية.
اقرأ أيضا: مجزرة بغازات سامة لقوات الأسد توقع 100 قتيل بإدلب (فيديو)
وقال إن الأسلحة التقليدية لم تجد نفعا مع النظام لوقف المعارضة، ولذلك رأى النظام أنه إن لم يتصرف، فإن المعارضة تستطيع المهاجمة وتحقق إنجازات، كما حصل في حماة قبل أسبوعين وريف دمشق.
"نية مبيتة" لارتكاب المجزرة
من جانبه، لفت عليوي إلى أن الأمر كان "مبيتا" ومعدا له مسبقا، إذ إن النظام قام منذ يومين بقصف مستشفى معرة النعمان، ودمر المشفى الذي يعد الأكبر في المنطقة، والوحيد الذي يستيطع استيعاب عدد كبير من المصابين بالغازات السامة والأسلحة الكيماوية، لذلك عمد إلى تدمير المستشفى خلال اليومين الماضيين من خلال تنفيذ غارات عليه.
وأكد أنها "جريمة مدبرة مسبقا، إذ قام النظام بضرب المشافي ومن ثم الضرب بالكيماوي، ليصعب علاج الناس".
وقال إن النظام لا يستخدم الأسلحة المحرمة الدولية كغاز السرين والفلور فقط، بل إن أغلب الأسلحة التي يستخدمها في قصف المدنيين في المحافظات والمدن السورية محرمة دولية، مثل الفسفور والقنابل العنقودية والصواريخ الارتجاجية.
وأوضح على سبيل المثال، أن حاضنة القنابل العنقودية الواحدة تحوي على ما مقداره 3 - 5 آلاف قنبلة ضغيرة، وتستخدم للقتل الجماعي.
اقرأ أيضا: منظمة: جرائم الأسد هي الأبشع منذ الحرب العالمية.. يجب ردعه
واستخدم النظام السوري السلاح الكيماوي لأول مرة في 21 آب/ أغسطس 2013 على الغوطة، وكان من المفترض حينها أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي سحبوا الأسلحة الكيماوية من النظام.
ولكن النظام السوري لا يزال يقصف بالأسلحة الكيماوية، وهو ما يلقي الضوء على أن النظام ما يزال لديه مخزون من الأسلحة الكيماوية، وأن المجتمع الدولي يكتفي بالوقوف متفجرا، بحسب تعبير الناشطين.
أين يصنع النظام سلاحه الكيماوي؟
وكشف عليوي في معرض حديثه لـ"
عربي21"، أن النظام يصنع الأسلحة الكيماوية، وهذا الأمر أصبح يتم التحدث عنه علنيا في الآونة الأخيرة، إذ إن قوات الأسد تصنع هذه الأسلحة في مصانع في حمص وريف دمشق الغربي، ولكن لا أحد يتحرك لوقف التصنيع من المجتمع الدولي.
ويؤكد هذا الأمر أن الكيماوي لم يسحب بعد من يد نظام الأسد، فهو نفذ قصفا بالكيماوي في أكثر من منطقة اليوم الثلاثاء بغاز السارين، وأمس الاثنين باستخدام الكلور على أكثر من منطقة من بينها ريف دمشق والغوطة.
الموقف الأمريكي
أما الدويري، فقال إنه منذ ضربة الكيماوي الشهيرة في 21 آب/ أغسطس 2013، كان رد فعل العالم "خجولا"، إذ قبل بمصادرة أداة الجريمة وإطلاق يد المجرم وعدم محاسبته، مضيفا: "عندما تشكلت اللجان وتم الحديث عن تدمير السلاح الكيماوي، قلنا إن النظام لا يمكن أن يسلم كل ما لديه، وهذا ما ثبت".
وخلال السنتين الماضيتين كان هناك استخدام للغاز الكيماوي ولكن بشكل متباعد، وكان يركز على استخدام
غاز الكلور، لكن ما يجري خلال الأيام الماضية يعني أن النظام قرأ الرسالة الدولية، التي تفيد بالدعم الروسي والدعم الإيراني، والتحول في الموقف الأمريكي.
وأوضح الخبير العسكري، أن أمريكا منذ أن تحدثت بأنه لم يعد هناك من ضمن أولوياتها تغيير النظام السوري، قرأ النظام الرسالة، بأن العالم تغاضى وسيتغاضى عن إجرامه، لذلك لجأ إلى الاستخدام المكثف للأسلحة الكيماوية في خان شيخون.
وبحسب ناشطين، فإن النظام استخدم الفسفور وأكثر من نوع في الأسلحة الكيماوية خلال الأسبوعين الماضيين.
ويعتقد المحلل عليوي بأن النظام حاصل على الضوء الأخضر لارتكاب مجازره هذه، مؤكدا: "طالما أن روسيا موجودة في سوريا فهي حاضنة لإرهاب النظام وحلفائه".
اقرأ أيضا: وزارة الدفاع الروسية تتبرأ من هجوم مجزرة خان شيخون
وترفض روسيا إدانة النظام السوري، وكانت فرنسا قدمت مشروعا يدين مجازر الكيماوي في سوريا، إلا أن روسيا استخدمت الفيتو لأجل حليفها.
وبحسب محلليين، فإن النظام يحاول يوميا أن يصل إلى عدد من المناطق من خلال الكيماوي ليدفع الثوار إلى التراجع قليلا، لكن هناك الكثير من المناطق والنقاط التي لا تزال تحت سيطرة الثوار، والمعارك ما زالت مستمرة.