دشن أمين عام حزب
العدالة والتنمية، عبد الإله بن كيران، معارضته "العملية" للحكومة التي يرأسها زميله في الحزب ورئيس المجلس الوطني له (برلمان) سعد الدين العثماني، من خلال الهجوم على القرارات التي باشرها وزير التعليم في
الحكومة الجديدة.
ابن كيران أعلن في كلمته التي "أفرج" عنها الموقع الرسمي لحزب العدالة والتنمية، ليلة الجمعة، بعد أكثر من أسبوع على صدورها، أن الحزب سيدعم الحكومة حتى وإن كانت "خطأ"، داعيا الحزب إلى خدمة ناس "التحت" (الطبقة الدنيا) الذين أوصلوهم إلى "الفوق" (الأعلى).
ووجه ابن كيران عدة رسائل في كلمته، همت في جزء منها النقاش الدائر حاليا داخل حزب العدالة والتنمية، ورؤيته للعلاقة مع المجتمع، كما تحدث عن أن وعي المغاربة هو الذي جنب البلاد مشاكلها.
الهجوم على حصاد
وانتقد عبد الإله بن كيران، ما راج حول أن محمد حصاد وزير التربية الوطنية والتعليم العالي والتكوين المهني، يتجه نحو الانتصار لبعض أساتذة
الفلسفة ضد أساتذة التربية الإسلامية، بسبب عبارة وردت في أحد مقررات التربية الإسلامية، مفادها أنه في وقت من الأوقات كان الفقهاء ينظرون إلى الفلاسفة نظرة سلبية، وهي عبارة مأخوذة من القرن السادس.
اقرأ أيضا: بن كيران يوضح فحوى مقرر دراسي اعتبر الفلسفة "زندقة وضلالا"
وتابع ابن كيران أن موضوع مناهج التربية الإسلامية "لم تقرر فيه حكومة العدالة والتنمية، وأن من قام بذلك هو وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية مع المجلس الأعلى للتعليم ووزارة التعليم تحت إشراف الملك".
وتساءل ابن كيران، في كلمة ألقاها يوم 13 نيسان/ أبريل الجاري: "لماذا هذه السرعة كلها أسي حصاد؟ وهل تحسب أنك مازلت في وزارة الداخلية؟".
وأضاف مخاطبا وزير التعليم الجديد: "أنت وزير التعليم، وهذا القطاع فيه 300 ألف موظف، ويمس 7 ملايين طفل وأسرة، ويجب أن تعرف أولا ماذا وقع".
ووجه خطاب إلى برلمانيي الحزب: "هل ستسكتون عن هذا الموضوع الآن؟"، قبل أن يجيب: "لا يمكن أن تسكتوا عنه، ويجب أن تعرفوا أن لديكم دور في الدفاع عن بلدكم ومواطني بلدكم، وأنتم الآن مرجع لكثير من الأحزاب التي ظهرت بعد الانتخابات التي تريد أن تأخذ من الحزب طريقته ومنهجيته''.
وتابع: "لما كنت في المسؤولية، ولم تكن تصلني مثل هذه الأشياء، كنت أتصل مباشرة بالوزير المعني أستفسره وأعرف منه ماذا يجري، وأدعوه إلى العمل وفق المعقول".
ولو كان خطأ
وقال ابن كيران: "نحن حزب سياسي مسؤول، ولا يمكن مطلقا أن نقوم بدور المعارضة، فنحن ملتزمون مع قياداتنا وحزبنا، وعلينا أن نجنب الحكومة التي نترؤسها العثرات الكبرى ونكون يقظين، على الأقل إن لم نستطع أن نُنْجحها مائة بالمائة".
وأضاف: "علينا أن نكون واضحين، سندعم هذه الحكومة، فنحن حزب مسؤول، وحتى إن كان هناك خطأ، أي خطأ ارتكبته أو ارتكبه سعد الدين فهو خطأ كلنا مسؤولون عنه".
وأفاد: "لسنا كغيرنا، فنحن لسنا مثل ذاك الحزب الذي منح مدينة ليسيرها، فلما خرجت الاحتجاجات لأسباب اجتماعية معروفة، قال أنا مع تلك الاحتجاجات، نحن مسؤولون ونتحمل مسؤوليتنا".
وكان ابن كيران قد قال في أول خروج له بعد تشكيل الحكومة: "لنضع هذه الحكومة بين قوسين ولنواصل العمل".
الزلزال
وشدد ابن كيران على أن "ما تعرضنا له كحزب سياسي هو زلزال كبير، زلزال ربما لم يأت الوقت بعد لنستوعب أموره كاملة، أي ما الذي مهد له؟ وكيف وقع؟ وما هي عواقبه؟".
وأضاف متسائلا: "هل نتراجع ونذهب إلى منازلنا؟ أكيد لا، فما نقوم به اليوم في صالح البلد والدولة والمجتمع ثم الحزب، وهذه مسؤولية تاريخية، ونحن نعبر عن أمل الشعب في تحسين أوضاعهم المادية والمعنوية والتربوية والأخلاقية أيضا".
وسجل ابن كيران أن برلمانيي الحزب يجب أن ينظروا دوما إلى المواطن، قائلا: "لديكم امتحان خاص، فالذي يمنحكم المشروعية هو المواطن وليس الذين يوجدون (فوق)، والذي أوصلكم إلى هذا المكان هو صوت المواطن العادي".
وتابع: "لا يمكن أن تنسوا المواطن وتنوبوا عن أشخاص آخرين، فهذا ليس منطقيا، ويجب عليكم أن تتفاهموا مع الذين يوجدون (فوق)، فليست هناك فوضى، وليس فقط لأنكم جئتم من (تحت) تريدون أن تقلبوا كل شيء، لابد أن تتفاهموا مع الذين (فوق) دون نسيان من أوصلكم إلى هذا المكان".
الحزب والجماعة الدينية
وقل ابن كيران إن حزب "العدالة والتنمية حزب سياسي وليس جماعة دينية أو طريقة صوفية تفكر في نفسها وتقول هل لا زلنا مجتمعين وهل ذهب أحد منا إلى السجن، وهل لازلنا نستطيع القيام بالدعوة، وهل هذا الابتلاء محدود؟".
واعتبر الأمين العام للحزب أن "المسؤولية التاريخية تقتضي أن الحزب يواصل مساره الإصلاحي، وبما أن الشعب أعطى للحزب الثقة، فإنه يجب أن نتحمل مسؤوليتنا الكاملة، لأن ما نقوم به في صالح الوطن والدولة وفي صالح النظام أيضا".
وزاد ابن كيران: "يجب علينا العودة إلى الشعب ونشرح له ما وقع، لأننا خلقنا أملا جماعيا لدى المواطنين".
وأفاد: "لقد ساهمنا في الإصلاح ومساهمتنا لم ينكرها أحد، لأن الإصلاح سيرورة ولم نبلغ بعد ما نود الوصول إليه".