طرحت مذكرة اعتقال من قبل المحكمة
الجنائية الدولية؛ بحق التهامي محمد خالد، آخر رئيس جهاز أمن في عهد
القذافي، شكوكا حول مدى إمكانية تنفيذ هذه المذكرة، ومذكرات أخرى سابقة بحق أتباع النظام الليبي السابق، ومدى تعاون الدول التي تؤوي هؤلاء "الفلول" مع قرارات المحكمة.
وتوقع مراقبون، حدوث مناوشات قانونية بين الحكومة الليبية والنظام
المصري، حيث يعيش التهامي خالد منذ فترة في مدينة الرحاب (شرق القاهرة)، ويتحرك بكامل حريته، ويلتقي بعدد من الشباب الليبي المتواجد في مصر، كما يعد من أكبر مناوئي "ثورة فبراير" الليبية 2011.
سيف القذافي
وأثارت المذكرة الجديدة بحق شخصية مثل التهامي خالد، المتهم بارتكاب جرائم حرب خلال الثورة الليبية، ردود فعل في الداخل الليبي، حيث طالب ليبيون المحكمة بتفعيل مذكرات مماثلة بحق باقي أتباع القذافي وأفراد عائلته، ممن لم يتم البت في محاكمتهم حتى الآن.
وكانت المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، قد جددت نهاية العام الماضي، طلب المحكمة من السلطات الليبية بشأن تسليمها سيف الإسلام القذافي، المطلوب من قبلها منذ عام 2011، والمحتجز حاليا لدى قوات مدينة الزنتان غرب البلاد، وهذه القوات متحالفة حاليا مع اللواء خليفة حفتر.
وبحسب مراقبين، فإن تفعيل هذه المذكرة بحق التهامي، يثير عدة تساؤلات حول احتمال إثارة أزمة بين مصر وليبيا كون المتهم موجود الآن في القاهرة، وما إذا كان القرار يعد بداية لقرارات أخرى لملاحقة "فلول" القذافي في كل مكان، إلى جانب تساؤلات عن وضع سيف الإسلام، نجل معمر القذافي.
خطوة هامة
من جهته، أكد رئيس منظمة التضامن لحقوق الإنسان في
ليبيا، جمعة العمامي، أن "قرار المحكمة من الجانب الحقوقي يعد خطوة مهمة، لفتح ملفات المتهمين في جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية"، معتبرا أن "الأهم في هذا القرار أن المسؤولية التي تحمله له مذكرة القبض بصفته رئيس جهاز الأمن الداخلي وتحمله جرائم مرؤسيه، وهذا حسب اتفاقية روما".
وأضاف لـ"
عربي21": "لا أظن أن تكون هناك أزمة بين مصر وليبيا، وذلك بسبب العلاقة الوطيدة الآن بين مجلس النواب (في طبرق) وبين النظام المصري، أما المجلس الرئاسي (في طرابلس) فلا أظن هذا الأمر سيكون من أولوياته"، على حد تعبيره.
لكن المحامي المصري، علاء عبد الرحمن، رأى في حديث لـ"
عربي21"؛ أن "مصر غير ملزمة بتسليم هذا الشخص (التهامي)، طالما لم تكن من الدول المنشئة للمحكمة الدولية، ولو كان التهامي قد طلب اللجوء السياسي في مصر، فلا يمكن تسليمه أو القبض عليه، وليس للمحكمة الجنائية أي نفوذ على الدولة المصرية في ذلك أو إرغامها على تسليمه"، حسب قوله.
اختبار مصر
وقال الأكاديمي بجامعة طرابلس، محمد المدني، إن "هذه المذكرة تمت بطلب من النائب العام في طرابلس، ولا بد هناك من رفع قضية من التيارات المتصارعة في طرابلس مدعومة بالحقائق، وأعتقد أنها ستكون بداية للضغط على كل من يعارض الاتفاق السياسي أو بعض التيارات الإسلامية المتحكمة في الدولة"، حسب قوله.
وبخصوص موقف مصر من تسليم التهامي، قال المدني لـ"
عربي21": "مصر ستوضع في اختبار حقيقي أمام محكمة الجنايات، إن كانت موقعة على الاتفاقية"، مضيفا: "أما موضوع سيف القذافي، فهو مختلف تماما، بالعكس قد تكون إدانة جرائم رفاق والده (القذافي) يستغلها ليؤكد أنه خارج أفعال هؤلاء"، وفق تقديره.
العدالة الانتقالية
لكن الناشط الحقوقي الليبي، نبيل السوكني، رأى من جانبه؛ أن "قرار الجنائية الدولية يعتبر بمثابة إرجاع العدالة إلى الشعب الليبي، وهي خطوة لم تقم بها الحكومات الليبية التي تسعى إلى المكاسب المادية وتناست أهم الملفات وهي العدالة الانتقالية".
وتابع: "قرار اعتقال التهامي ممتاز بمرتبة الشرف، وكان وراءه رجال ليبيا الشرفاء الذين قدموا المستندات التي تدين هذا المجرم"، وفق قوله لـ"
عربي21".
في المقابل، رأى المحامي الليبي، طاهر نغنوغي، لـ"
عربي21"، أن "مذكرة القبض تعتبر ذات فحوى سياسي أكثر من كونها (مذكرة) قضائية، وهذا الأمر نوع من الضغط على مصر بنفوذها الخارجي ودعمها لأطراف على حساب أخرى في ليبيا"، حسب قوله.