نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للكاتب بيتر بيكر، يقول فيه إنه في الوقت الذي يستضيف فيه الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب رئيس السلطة
الفلسطينية محمود عباس في البيت الأبيض لأول مرة يوم الأربعاء، فإنه يواجه عقبات كبيرة لمشروع السلام، بما في ذلك ضغط من حزبه لاتخاذ موقف أكثر صلابة في وجه "الإرهاب الفلسطيني".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن عددا من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي من الحزب الجمهوري يقومون بالضغط على ترامب لاستخدام اجتماعه بعباس للمطالبة بالتوقف عن دفع المعونات لعائلات الفلسطينيين، "الذين يرتكبون جرائم ضد
الإسرائيليين أو الأمريكيين"، لافتا إلى أن مجلس الشيوخ أقر قانونا لقطع المساعدات الأمريكية إن رفض الفلسطينيون ذلك.
وينقل بيكر عن السيناتور توم كونون من مقاطعة أركنسو، وهو حليف لترامب، قوله: "على الرئيس مناقشة الأمر مع محمود عباس، ويجب أن يضغط عليه لتمرير هذا القرار.. إن هذا اختبار جيد لمحمود عباس والقيادة الفلسطينية، ولمدى رغبتهما في إرساء السلام وكراهيتهما للإرهاب".
وتقول الصحيفة إن "القانون أكد مدى التعقيد الذي يواجه جهود ترامب للتوصل إلى حل دائم لصراع دام لأجيال بين الإسرائيليين والفلسطينيين، هذا الحل الذي تملص منه كل رئيس أمريكي سابق، وكان ترامب صور نفسه خلال الحملة الانتخابية بأنه الحليف الثابت لإسرائيل، لكنه عدل من بعض مواقفه منذ تنصيبه، ليحظى بدعم الزعماء العرب في الشرق الأوسط".
ويلفت التقرير إلى أن زيارة عباس للبيت الأبيض ستقدم وجهة النظر الفلسطينية لترامب بشكل مباشر أكثر من أي مرة سمعها خلال رئاسته، مستدركا بأن عباس، البالغ من العمر 82 عاما، أصبح شخصية سياسية ضعيفة، ويواجه استياء جماهيريا وانقساما في بلده.
وينوه الكاتب إلى أن "السلطة الفلسطينية، التي يرأسها عباس، تحكم الضفة الغربية، في الوقت الذي تحكم فيه حركة حماس قطاع غزة، لكن بالرغم من الجهود التي بذلتها حركة حماس هذا الأسبوع لكي تبرز للعالم وجها أكثر اعتدالا، فإن الفصيلين لا يزالان مختلفين، وحتى لو تصالحا فإن إسرائيل لا تزال ترفض التعامل مع تحالف يضم منظمة تعدها هي وأمريكا إرهابية".
وتبين الصحيفة أن قضية الدفع لعائلات المفجرين الانتحاريين وغيرهم ممن يرتكبون العنف، هي موضوع شكوى متكررة من إسرائيل ومؤيديها، مشيرة إلى أن السلطة الفلسطينية تنفق حوالي 315 مليون دولار سنويا لمساعدة 36 ألف عائلة فلسطينية، بحسب ساندر غيربر، وهو مدير لصندوق استثمار في نيويورك، وزميل في مركز القدس للعلاقات العامة، الذي درس القضية، وقدم بحثه للمشرعين الأمريكيين.
وينقل التقرير عن غيربر، قوله إن "السلطة الفلسطينية نسقت إحدى أعظم الخدع الدبلوماسية على مدى 30 عاما، التي يتم الكشف عنها فقط الآن، ولدى الرئيس ترامب الفرصة ليجعل العالم يعرف أنه لا يمكن قبول رعاية الإرهاب، وبأنها ستكون لها عواقب".
ويذكر بيكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أثار هذه القضية يوم الثلاثاء، موضحا أنها ستكون نقطة خلاف خلال المفاوضات، وقال: "دفع النقود للإرهابيين بحسب مقياس –كلما قتلت عددا أكثر فإنك تحصل على مكافأة أكبر- إن ذلك هو عكس السلام.. إنها ترسل بالرسالة الخاطئة للشباب الفلسطيني، نريدهم أن يتحركوا باتجاه السلام".
وتورد الصحيفة أن وزير الأمن العام الإسرائيلي جلعاد إردان، وصف في مقال له في صحيفة "نيويورك تايمز" يوم الاثنين، تلك المبالغ بأنها "أخبث شكل من أشكال التشجيع على العنف"، وهي طريقة يدعمها دافع الضرائب الأمريكي والدول الأخرى التي تمول السلطة الفلسطينية.
ويفيد التقرير بأن "القيادات الفلسطينية تدافع عن تلك المساعدات، قائلة بأنه يقصد منها مساعدة أرامل وأيتام (الشهداء)، كما يسمون الانتحاريين وغيرهم من الذين يقتلون في الهجمات، بالإضافة إلى عائلات السجناء، وليس لتشجيع الإرهاب، وتقول إن إسرائيل هي من تشجع على العنف عن طريق تشجيع الاستيطان في الضفة الغربية، حيث قال جبريل الرجوب، وهو مسؤول فلسطيني كبير في مقابلة أجرتها معه وكالة (فرانس برس): (أظن أن أسوأ أشكال الإرهاب هو الاحتلال)".
ويستدرك الكاتب بأن الرجوب ألمح أيضا إلى أن القيادات الفلسطينية مستعدة لإعادة التفكير في دفع المساعدات، كجزء من مفاوضات أوسع، وقال: "سنناقش كل شيء بعقل منفتح".
وبحسب الصحيفة، فإنه أطلق على القانون الذي يدعمه كوتون وغيره من الشيوخ الجمهوريين، مثل لينزي غريهام عن ساوث كارولاينا وماكرو روبيو عن فلوريدا، اسم قانون "تيلر فورس"، على اسم طالب الجامعة الأمريكي الذي قتل العام الماضي في الوقت الذي كان يقوم فيه بزيارة إلى إسرائيل.
ويشير التقرير إلى أن فورس، البالغ من العمر 28 عاما، هو محارب سابق، وكان يدرس في مدرسة أوين للإدارة، وذهب في زيارة لإسرائيل مع طلاب آخرين في آذار/ مارس 2016، ليتعلموا عن ريادة الأعمال، لافتا إلى أن شخصا من حركة حماس طعنه على شاطئ بالقرب من تل أبيب، وتقوم عائلته بالتعاون مع مشرعين، مثل كوتون، بالعمل على منع دفع المساعدات المادية لعائلات المهاجمين.
وينقل بيكر عن المستشار السابق للقيادة الفلسطينية بخصوص المفاوضات مع إسرائيل، والخبير في معهد بروكنغز في واشنطن خالد الجندي، قوله إن القانون يعكس رؤية أحادية الجانب للمشرعين الأمريكيين من الحزبين، وأضاف: "لم يكن سجل الكونغرس بخصوص الدور الذي أداه في هذه القضية متميزا بالموضوعية.. ولم يكن هناك استماع منصف أو حتى نزيه للقضية في الكونغرس".
وتذكر الصحيفة أن إسرائيل احتفلت يوم الثلاثاء بيوم الاستقلال التاسع والستين لها، وأقام البيت الأبيض احتفالا لإبراز دعمه للحليف الإسرائيلي.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول نائب الرئيس مايك بنس: "إن لم يكن العالم يعرف أي شيء آخر فإنه سيعرف أن أمريكا تقف مع إسرائيل.. ويقف الرئيس ترامب مع إسرائيل للسبب ذاته الذي يقف لأجله كل أمريكي محب للحرية مع إسرائيل؛ لأن قضيتها هي قضيتنا، وقيمها هي قيمنا، وحربها هي حربنا".