ما زال الحديث يدور بين
المصريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي الغرف المغلقة، حول الهدف الحقيقي من طرح حكومة الانقلاب قانونا يسمح ببيع
الجنسية المصرية بمقابل مادي للأجانب.
ورصد مراقبون مخاوف المصريين من تطبيق هذا القانون، وخلصوا إلى أنها تتمثل في حصول تغيير ديمغرافي في مصر، وتغول الأقليات على الأغلبية، وسيطرة
الأجانب على مقدرات البلاد بالتحايل الذي يسهل التفريط في مقدرات وثروات مصر من خلال بيعها للأجانب، ليصبح أهل البلد الأصليين درجة ثانية في بلادهم.
وكانت لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب وافقت في 27 نيسان/ أبريل، على مشروع قانون مقدم من حكومة الانقلاب بشأن دخول وإقامة الأجانب بمصر والخروج منها، يتيح بيع الجنسية المصرية للأجانب والمستثمرين، مقابل دفعهم مبلغا ماليا في صورة وديعة بنكية؛ تدفع بالعملة الصعبة لمدة خمس سنوات.
وينص الدستور المصري على أن الجنسية حق لمن يولد لأب مصري أو لأم مصرية.
ويأتي هذا القرار في وقت تعاني فيه مصر في عهد الانقلاب، من أزمات اقتصادية غير مسبوقة، وتراجع في مصادر الدخل القومي، وزيادة في معدلات البطالة والتضخم والدين الداخلي والخارجي، مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وزيادة نسبة الفقر لتصل إلى 27 بالمئة، وتغول سعر الدولار على الجنيه، وانخفاض قيمته لأكثر من النصف.
بيع مصر
وفي تعليقه على قانون بيع الجنسية؛ أعرب المستشار نائب رئيس المجلس الثوري المصري، وليد شرابي، عن مخاوفه من تطبيق القانون، متهما النظام العسكري بأنه يسهل بيع مصر للأجانب.
وقال شرابي عبر صفحته في موقع "فيسبوك": "الجنسية المصرية مقابل وديعة بـ500 ألف دولار، والجنسية الأمريكية مقابل وديعة بـ500 ألف دولار، والمقصود بيع مصر للأجانب، وليس منح الأجنبي الجنسية".
ثقافة السلطة
من جهته؛ قال أستاذ اللغة والأدب العربي بجامعة حلوان، صلاح السروي، إن "من المؤسف والمؤلم حقا؛ أن ثقافة السلطة الحاكمة في مصر لم يصلها نبأ اختراعات عرفتها كل دول العالم، كالتصنيع أو الإنتاج الزراعي أو التعدين".
ورأى السروي في منشور له في "فيسبوك" أن "السلطة الحاكمة في مصر لا تعرف سوى كلمة واحدة هي (بيع)؛ من أول بيع القطاع العام من أيام غير المغفور له مبارك، وحتى بيع جزيرتي تيران وصنافير، وأخيرا بيع الجنسية".
وأضاف: "الخوف كل الخوف؛ أن يتم بيعنا نحن الشعب المصري في سوق النخاسة، لسداد ديون مصر الآخذة في التراكم والتزايد بسرعة الصاروخ".
التغيير الديمغرافي
من جانبه؛ أكد الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية، السيد أبو الخير، أن قانون بيع الجنسية المصرية "جريمة ضد الإنسانية؛ الغرض منها تغيير مصر ديمغرافيا".
وقال أبو الخير لـ"
عربي21" إن "تطبيق القانون يتبعه إدخال بعض الأقليات المختلفة ثقافيا ودينيا واجتماعيا عن سكان مصر الأصليين، وخاصة المسلمين منهم"، مضيفا أنه "سيتم اللعب بورقة التقسيم والتجزئة، والمفتاح هو الأقليات".
وتابع: "لذلك سوف يكون أول من يحصل على هذه الجنسية أصحاب ديانات أخرى غير الإسلام، كاليهود والمسيحيين، وهي السياسة التي اتبعها اليهود في فلسطين بداية احتلالهم لها".
وأوضح أن "الشيعة سيكونون من الأقليات التي سيتم زرعها في مصر، وبذلك يكون سكان البلاد أقلية مستضعفة، وتكون الغلبة للأقليات من المسيحيين واليهود والشيعة والطوائف الأخرى".
ورأى أبو الخير أن "ما قد يحدث في مصر جراء هذا القانون سيكون كارثة بشرية بكل المقاييس، وليس له مثال في تاريخ احتلال الهكسوس أو الفرس أو اليونانيين والرومان لمصر".
أين يذهب العائد؟
وتساءل أبو الخير حول ما "إذا كانت الجنسية ستؤخذ بمقابل مالي؛ ألا يكلف المواطن المتجنس مصر نفقات تعليم وصحة ومواصلات وإسكان وغيرها؟ وهل ستذهب أموال قيمة الجنسية للتنمية الاقتصادية، أم لجيوب الفاسدين؟"، مذكّرا "بمليارات الدعم الخليجي للنظام، التي اختفت دون أن تحقق للاقتصاد المتهاوي أي إنقاذ".
وذهب إلى القول بأن "مهمة الانقلاب الوحيدة هي إنهاء مصر كدولة واحدة متوحدة، وسوف نحتاج لأكثر من مينا (موحد القطرين) حتى يوحد الأقطار التي ستنقسم إليها مصر" حسب قوله.
البرلمان هو السبب
أما مساعد وزير الخارجية الأسبق، عبدالله الأشعل؛ فألقى باللائمة على مجلس نواب الانقلاب، لموافقته على القانون وغيره من القوانين المثيرة للجدل.
وقال لـ"
عربي21" إن "مجلس النواب يرتكب مخالفات جسيمة للدستور، أهمها الانحراف بالتشريع، وآخرها قانون الجنسية، وتعديل قانون السلطة القضائية".
وأضاف أن "البرلمان عندما يناقش مصرية جزيرتي تيران وصنافير بعد صدور الحكم النهائي من الإدارية العليا؛ فهو ينتهك الحكم القضائي ويخالف الدستور"، مؤكدا أن "مجلس النواب صار عقبة في سبيل الديمقراطية؛ بعد أن صار نائبا عن الحكومة وليس الشعب".