أعلنت أسرة الطالب الإيطالي جوليو
ريجيني، عن توصلها لمعلومات جديدة عن مكان تعذيب نجلها حتى الموت في
مصر، وطالبت الاتحاد الأوروبي بالتدخل في القضية لتقديم الجناة للعدالة.
وقالت والدة ريجيني، خلال مؤتمر صحفي بحضور أعضاء من مجلس الشيوخ الإيطالي ورئيس منظمة العفو الدولية، إنها الآن أصبحت تعرف المتسببين في مقتل ابنها، مشيرة إلى أن أجهزة الأمن الإيطالية أعدت قائمة بأسماء 10 أفراد متورطين في
الجريمة ينتمون لمؤسسات أمنية مصرية مختلفة.
وطالبت والدة ريجيني، بابا الفاتيكان بإثارة قضية ابنها مع المسؤولين عند زيارته لمصر بعد أسبوعين.
وأوضحت محامية الأسرة، أليساندرا باليريني، خلال المؤتمر الذي عقد الأربعاء الماضي، أن أجهزة الأمن الإيطالية باتت على يقين بأسماء الذين شاركوا في الجريمة وبالمكان الذي شهد مقتل ريجيني، وأن هذا المكان خاضع لسيطرة أجهزة الأمن المصرية.
أما والد رجيني؛ فأعلن أن رئيس الوزراء الإيطالي أكد له عدم إعادة السفير الإيطالي إلى مصر قبل تقديم الجناة للعدالة، مضيفا أن دول أوروبية أخرى ستسحب سفراءها من القاهرة في حال عدم الكشف عن مرتكبي الحادث.
10 ضباط متهمون
وبحسب تقارير صحفية مصرية؛ فإن أجهزة التحقيق الإيطالية أعدت قائمة أولية ضمت 26 اسما من المتهمين بخطف وتعذيب وقتل ريجيني والتخلص من جثته، لكنها استبعدت 16 شخصا ينتمون لجهات سياسية تنفيذية، حرصا على العلاقات مع مصر.
وأوضحت أن المستبعدين بعضهم وقفت مسؤوليته على معرفتهم بالجريمة بحكم مناصبهم الرسمية، وبعضهم الآخر تدخلوا في الملف بعد مقتل ريجيني، مشيرة إلى أن معلومات دقيقة حصلت في هذا الصدد بمشاركة أجهزة أمن غربية وعربية.
وأشارت تقارير إعلامية إلى أن وفد التحقيق الإيطالي برئاسة النائب العام الإيطالي سيزور مصر خلال أيام لتوجيه طلب رسمي للنائب العام المصري ببدء التحقيق مع المتهمين العشرة.
ونقلت عن مصدر حكومي مصري على صلة بالتحقيقات، قوله إن القضية مرشحة للتعقيد بسبب إصرار
إيطاليا على أن يوجه النائب العام المصري الاتهامات إلى المتهمين العشرة الذين ينتمون لمؤسسات أمنية مصرية مختلفة، دون دليل قاطع بتورطهم في الجريمة، على حد قوله.
واتهمت أجهزة التحقيق الإيطالية الجانب المصري بعدم التعاون في القضية، ومحاولة إخفاء الحقيقة، بدءا بتوجيه اتهامات أخلاقية لريجيني، مرورا بتلفيق القضية لخمسة أشخاص لا شأن لهم بالقضية وقتلهم بدم بارد، انتهاء بعرقلة عمل الشركة الألمانية التي كانت تفرغ كاميرات المراقبة الخاصة بمحطات مترو الأنفاق.
وكان الطالب الإيطالي جوليو ريجيني قد عثر على جثته في شباط/ فبراير 2016، على طريق خارج القاهرة، وعليها آثار تعذيب، بعد أسبوع من اختفائه في يوم ذكرى ثورة 25 كانون الثاني/ يناير.
النظام يخشى فضيحة
وقال المحلل السياسي عمر هاشم، إن "النظام المصري تعامل مع قضية ريجيني منذ البداية بطريقة خاطئة، فحجب المعلومات، وأدار الأزمة بشكل سيئ مع الجانب الإيطالي"، مؤكدا أن "النظام يعرف أن تسليم المتهمين يعني إقراره بشكل واضح بتجاوزات الأمن المصري، وهو ما سيؤدي إلى فضح النظام في المحافل الدولية".
وأضاف لـ"
عربي21" أنه "لا يوجد حل أمام النظام سوى توضيح الحقائق، ومحاكمة المتهمين، حتى لو كانوا قيادات كبيرة في الداخلية"، مشيرا إلى أن "القضية أثرت كثيرا على علاقة مصر بإيطاليا ودول أوروبية أخرى؛ لأنها تمثل انتهاكا فجا لحقوق الإنسان".
وأكد أن القضية "أظهرت للعالم الجانب القمعي لأجهزة الأمن في مصر، وهزت صورة النظام بشكل كبير"، متوقعا أن يضطر الجانب المصري "إلى تنفيذ كل ما يطلبه الإيطاليون، حتى لا يتضرر أكثر وأكثر جراء هذه القضية".
واستبعد هاشم أن يثير بابا الفاتيكان قضية ريجيني خلال زيارته المرتقبة لمصر، لافتا إلى أن "هذه الزيارة ذات طابع ديني وروحي، ومن غير الوارد أن يتطرق فيها إلى مسائل سياسية".
القاهرة ستدفع تعويضا كبيرا
من جانبه؛ قال أستاذ العلوم السياسية محمد شوقي، إن "الأجهزة الأمنية لديها تخوفات كبيرة من القضية بعد أن اكتشف العالم محاولة تلاعبها أكثر من مرة بأدلة القضية"، مشددا على أن "الداخلية أصبحت مطالبة بتوضيح الحقيقة للرأي العام المصري والعالمي".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "المخرج الوحيد للنظام المصري هو سياسي بالأساس، وإن الداخلية عليها أن تقدم اعتذارا واضحا إذا كانت قد أخطأت"، مرجحا أن تكون قضية ريجيني ضمن أجندة بابا الفاتيكان أثناء زيارته لمصر "حتى يضغط على النظام المصري في اتجاه سرعة إنهاء التحقيقات، وتقديم الجناة للعدالة".
وتوقع شوقي أن تطلب إيطاليا من مصر دفع تعويضات مالية كبيرة حتى تنهي القضية بشكل نهائي، "ولن يجد النظام أمامه سوى دفع التعويضات، أسوة بما فعله مع السياح المكسيكيين الذين قتلوا بطريق الخطأ في مصر، ودفعت لأسرهم تعويضات".