تختلف تقديرات النخب السياسية في "
إسرائيل"، حول تأثير ومستقبل حركة المقاومة الإسلامية "
حماس"، عقب الإعلان أمس عن انتخاب إسماعيل
هنية رئيسا للحركة، في ظل التحديات الخارجية والداخلية المتعددة التي تواجهها الحركة الإسلامية الوحيدة التي تقوم بـ"الحكم والسيطرة".
عناق الدب سيبقى
ورأى المحلل العسكري البارز في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، عاموس هرئيل، أن "الحالة النادرة التي تحققت فيها توقعات المحللين، هي انتخاب هنية لرئاسة
المكتب السياسي لحماس، وهي النتيجة التي من شأنها أن تعيد المكانة لقطاع غزة، مقارنة مع قيادة حماس بالخارج".
ولفت هرئيل، في مقال له نشر، الأحد، بـ"هآرتس"، إلى أن تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية، تؤكد أن "فوز هنية لن يلغي كليا تأثير خالد مشعل، الذي قام بإعداد هنية كي يكون وريثه"، مضيفا: "يمكننا القول إن عناق الدب من قبل مشعل سيبقى".
وأوضح، أن هنية "يحتاج إلى العمل بحذر ومهارة بين الدول الكثيرة التي تسعى للتأثير على سياسة حماس، حيث حاول مشعل أن يبعد حماس عن محور إيران- سوريا، ويقربها مع الدول السنية الكبيرة وعلى رأسها السعودية، ومصر إلى درجة ما".
اقرأ أيضا: حمدان لـ"عربي21": هذه أبرز تحديات قيادة "حماس" الجديدة
وفي ظل قائد "حماس" في غزة، يحيى السنوار وتأثير الذراع العسكري في القطاع ومشعل المقيم في قطر، رأى المحلل العسكري الإسرائيلي أن هنية سيتعلق "أكثر بالوضع في
قطاع غزة"، منوها أن لدى "إسرائيل اهتمام حول مكان إقامة هنية الذي يرأس بعد انتخابه".
وأكد أن "تواجد هنية الدائم في القطاع سيمنحه شرعية جماهيرية أكبر، وفي المقابل، سيبقيه أسيرا داخل غزة ويقلص من حرية عمله، خاصة وأن نظام الجنرالات (المصري) ليس متحمسا للحركة الفلسطينية".
وبعد استكمال حماس انتخاباتها الداخلية وصياغة وثيقتها الجديدة، التي ستمنحها صورة أكثر براغماتية في تعاملها مع إسرائيل، أشار هرئيل إلى وجود تحديات صعبة في الفترة القريبة تنتظر هنية، حيث ساهمت إجراءات السلطة الفلسطينية في الضغط على القطاع؛ من خلال تقليص دفع رواتب موظفيها، ووقف تسديد ثمن وقود محطة الكهرباء بغزة.
وأشار المحلل العسكري، إلى أن المصدر الإضافي للضغط على حماس وقطاع غزة، يتمثل "في العائق العسكري الذي تعمل إسرائيل على إقامته حول القطاع لسد الأنفاق الهجومية التي حفرتها حماس"، مضيفا: "سيبدأ هنية منصبه الجديد بظروف معقدة لها قاسم مشترك واسع نسبيا مع الظروف التي أدت إلى الحرب الأخيرة".
هنية بين غزة وقطر
وفي الوقت الذي بث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب روح الحياة في السلطة الفلسطينية التي بدت مثل الجثة التي لا مستقبل لها، خلال لقائه الأربعاء الماضي مع رئيس السلطة محمود عباس، "جاء رد حماس بانتخاب هنية الذي ولد بمخيم الشاطئ للاجئين ويعيش فيه حتى الآن"، بحسب المستشرق الإسرائيلي البارز والكاتب بصحيفة "إسرائيل اليوم"، البروفيسور إيال زيسر.
وأضاف: "مع كل الاحترام لانتخاب هنية، إلا أنه يوجد لحماس الآن قائد (السنوار) يركز القوة في يديه، إذا أراد المواجهة مع إسرائيل يستطيع ذلك، وإذا لم يرغب فيمكنه الحفاظ على التهدئة"، معتبرا أن الأمر الذي "يميز السنوار مقارنة مع هنية ومشعل، أنه جاء من الذراع العسكري لحماس الذي يسيطر عليه"، وفق قوله.
اقرأ أيضا: عائق غزة والخيارات المتاحة.. هل ستبتلع حماس حبة الدواء المر؟
ويمكن القول، إن "السنوار سيقدر من سيمنحه الدولارات المطلوبة للإبقاء على الذراع العسكري وإنتاج الصواريخ وحفر الأنفاق"، بحسب المحلل زيسر، الذي قدر أن "انتقال هنية إلى قطر سيزيد من سيطرة الذراع العسكري لحماس على قطاع غزة".
وأكد أن "انتخاب هنية رئيسا لحماس؛ لا يقدم ولا يؤخر، ولن يؤدي إلى إحداث تغيير في سلوك حماس، لا في القطاع ولا في الخارج"، معتبرا أن "انتخاب شخص من غزة ليكون رئيسا لحماس، يشير إلى أن حماس التي ولدت في غزة في زمن الشيخ أحمد ياسين، تعود وتقتصر على غزة وتفقد جزء من قوتها لصالح جهات سلفية وراديكالية أكثر قوة منها في سوريا ولبنان".
وأما في الضفة الغربية المحتلة، نوه المحلل، إلى أن "إسرائيل لن تسمح لحماس برفع رأسها، كما أن حماس في غزة توجد في خطر بسبب تضييق الخناق عليها، من قبل إسرائيل أو من مصر التي تقوم بإغلاق القطاع"..
وأرجع زيسر، تمكن حماس من السيطرة على قطاع غزة، إلى "فشل السلطة الفلسطينية وأخطاء الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية"، منوها أنه في هذه "الأثناء يجب علينا الانتظار ورؤية، إن أمكن حدوث تراجع لمكانة حماس وسيطرتها على غزة في عهد ابن غزة بالذات (هنية)، مع العلم أنها المنظمة الدينية الوحيدة في العالم العربي التي تقوم بالحكم والسيطرة".