قال محللون سياسيون واقتصاديون، إن قانون "
الاستثمار الموحد" الذي أقره مجلس نواب الانقلاب بمصر، الأحد، "يقنن سرقة الوطن"، ولن يفيد سوى المستثمر الأجنبي، منتقدين دور البرلمان في تمريره وغيره من
القوانين، التي أصدرها الانقلاب العسكري، وأثارت الجدل.
وكان قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، قد وعد بتقديم قانون موحد للاستثمار عام 2014، وظل العمل جاريا لإعداد هذا القانون على مدار ثلاث سنوات.
وقال رئيس وزراء حكومة الانقلاب، شريف إسماعيل، الاثنين، إن قانون الاستثمار يتضمن بعض الحوافز لزيادة الاستثمار، ويتيح لصاحب الولاية على الأرض، سواء هيئة التنمية الصناعية أو هيئة التنمية العمرانية، طرح تلك الأراضي للاستثمار.
قانون معيب
وعبر برنامجه "بتوقيت القاهرة" الذي بثته فضائية "أون لايف" الأحد؛ انتقد الإعلامي الموالي للانقلاب يوسف الحسيني نصوص القانون، وقال إن القانون ولائحته التنفيذية "تبدو جيدة" ثم وصفه بـ"القانون المعيب".
وفي اتصال هاتفي مع الإعلامية لميس الحديدي ببرنامج "هنا العاصمة" عبر فضائية "سي بي سي" الخميس، أكد النائب علاء عبدالمنعم أن القانون من شأنه تهيئة المناخ اللازم لجذب الاستثمار، مستدركا بالقول إن "القانون لن يأت باستثمارات جديدة في ظل سيطرة الإجراءات البيروقراطية على مناخ الاستثمار".
الأهم من القانون!
من جهته؛ قال الخبير
الاقتصادي هاني سري الدين، إن "القانون جيد على المستوى التشريعي، إلا أنه لن يحل أكثر من 10 في المئة من مشاكل الاستثمار في
مصر".
وأكد سري الدين خلال مؤتمر "المسؤولية المجتمعية للشركات" برعاية مؤسسة الأهرام بالقاهرة، الاثنين، أن الإصلاح المؤسسي ووجود رؤية حقيقة للنمو أهم من الإصلاح التشريعي، موضحا أن 90 في المئة من المشكلات القانونية يمكن حلها بوجود جهاز تنفيذي قوي، ومؤسسات لديها روح التعامل مع القانون.
وأضاف أن القضاء على البيروقراطية، وسرعة تسوية المنازعات، وفض الاشتباك بين الوزارات في تخصيص الأراضي، أهم من وجود قانون للاستثمار لا يتم تطبيقه.
لقمة سائغة
ومن جانبه، رأى رئيس حزب الجيل، ناجي الشهابي، أن القانون "أٌعد لنهب مصر، ويقدمها لقمة سائغة
الأجانب"، معتبرا أنه "خير تعبير عن الحال التي وصلت إليها مصر وبرلمانها".
وقال لـ"عربي21": "المستثمر الأجنبي يستفيد بالمزايا التي منحه إياها القانون لمدة 10 سنوات، وفي نهايتها عندما يبدأ في سداد الضرائب والجمارك، يقوم بتصفية المشروع والتقدم بمشروع جديد يستفيد من المزايا والحوافز السابقة"، وفق قوله.
وتساءل الشهابي "عن الفائدة التي تعود على البلاد واقتصادها من القانون؛ الذي يعطي للمستثمر حق تحديد أسعار منتجاته طبقا لآليات السوق، ولا يفرض عليه ضرائب أو جمارك طبقا لآليات السوق أيضا"، بحسب تعبيره.
11 بندا
ورصد الشهابي 11 بندا بقانون الاستثمار؛ قال إنها لا تفيد الدولة، وتجعلها "نهبا" للأجانب، وحددها بالآتي: "منح المستثمر الأرض بالمجان، وإعفاؤه من الضرائب 10 سنوات، بجانب 50 في المئة دعما للطاقة التي يستخدمها المستثمر، بجانب إعفاء الآلات والمعدات والسلع الرأسمالية اللازمة للمشروعات من كافة الرسوم والجمارك والضرائب".
وأشار إلى أن القانون "يعفي المستثمر من سداد ضريبة الدخل بنسبة 50 في المئة من الضرائب المقررة على الأفراد والشركات لمدة 10 سنوات، ويعفي الشركات المصدرة لإنتاجها بالكامل من سداد الجمارك والضرائب، كما للمستثمر الحق في تحويل الأرباح إلى الخارج دون قيود".
وقال الشهابي: "في الوقت الذي يعفي القانون المستثمر من تحمل حصة صاحب العمل من نسبة التأمينات على العمالة لديه لمدة 10 سنوات، وتتحملها الحكومة نيابة عنه، يعطيه القانون حق استقدام عمالة من الخارج بنسبة 20 في المئة، إلى جانب الحق في تصفية مشروعه في أي وقت"، كما قال.
إنجاز طال انتظاره
في المقابل، قال المستشار القانوني بالشركة المتحدة للتجارة والتوكيلات، إيهاب ممدوح، إنه "صدر أخيرا قانون الاستثمار بعد طول معاناة وعسر ولادة حقيقي".
وأضاف ممدوح لـ"عربي21": "رغم التخفظات علي بعض مواد القانون؛ إلا أن صدوره في حد ذاته إنجاز طال انتظاره".
ودعا ممدوح الحكومة لمحاربة الفساد، وإصلاح منظومة القضاء حتى يحصل المستثمر على حقه سريعا، وطالب بأن يتحمل البنك المركزي مسؤوليته في ضمان حرية نقل المستثمر أمواله بسهولة، معتبرا أن هذه "العوامل الأهم الجاذبة للاستثمار؛ بجانب القانون ولائحته التنفيذية".