أعلن مجلس النواب في مصر، الخميس الماضي، وبشكل مفاجئ، وقف مشروع قانون تقدم به النائب محمد أبو حامد لتطوير
الأزهر، كان ينص على تحديد مدة شيخ الأزهر بثماني سنوات فقط، وإمكانية عزله من منصبه إذا أخل بواجبات عمله.
وأكد رئيس البرلمان علي عبد العال أن "قانون أبو حامد لم يتضمن أي إشارة للمساس بفضيلة الأمام الأكبر أو مؤسسة الأزهر الذي نكن لها جميعا الاحترام والتقدير"، مضيفا أنه تم "استبعاد القانون لعوار دستوري به، وأنه تم غلق الموضوع تماما، وأنها صفحة وطويت ولا حديث فيها مجددا بعد اليوم".
وجاءت هذه الخطوة وسط هدوء واضح في الهجوم المتبادل بين نظام عبد الفتاح
السيسي والأزهر الذي استمر لأسابيع طويلة، ما جعل كثيرون يتساءلون حول أسباب توقف "
الحرب" بين السيسي والأزهر، وكيفية حسم المواجهة مع النظام لصالح الشيخ
أحمد الطيب؟
دعم الأزهر يتزايد
وكان شيخ الأزهر قد حظي بدعم العديد من فئات المجتمع خلال الأيام الماضية في مواجهة الحملة الشرسة من إعلام ومؤيدي النظام، حيث تتابعت وفود من نواب البرلمان تزور شيخ الأزهر بمقر المشيخة، لتعرب له عن تقديرهم للأزهر وشيخه ورفضهم أي إساءة لهذه المؤسسة العريقة ورموزها، مؤكدين أن مجلس النواب عن اقتناع كامل لا يقبل أي قانون يمس استقلالية الأزهر أو ينال من رموزه.
كما أكدوا تقديرهم لاختيارات شيخ الأزهر لقيادات الأزهر بكافة هيئاته، مشيدين بما يقوم به الأزهر من جهود في مكافحة الفكر التطرف، وبمؤتمر الأزهر العالمي للسلام الذي حضره بابا
الفاتيكان مؤخرا.
وسادت حالة من الاستياء أوساط ممثلو قبائل محافظة قنا التي ينتمي لها الشيخ أحمد الطيب، ضد ما وصفوه بالحملة المعادية لمؤسسة الأزهر وشيخها الدكتور أحمد الطيب، مؤكدين تنظيم مؤتمر لمناصرة الأزهر قريبا.
خطوات من جانب الأزهر
ويقول مراقبون إن الأزهر سعى خلال الفترة الماضية إلى قطع الطريق على النظام وعدم إعطائه الفرصة لإلصاق تهمة تأييد التطرف بالأزهر، حيث سارع شيخ الأزهر بإقالة رئيس جامعة الأزهر الأسبوع الماضي بعد تصريحات تلفزيونية مثيرة للجدل اتهم فيها الباحث إسلام بحيري بالردة عن الإسلام بسبب هجومه على الثوابت الدينية والتراث الإسلامي.
كما قالت صحيفة "اليوم السابع"، السبت، أن أحمد الطيب شيخ الأزهر، كلف مستشاره القانوني والتشريعي بإعداد مشروع قانون يجرم الحض على الكراهية، لتقديمه لمجلس النواب خلال دور الانعقاد المقبل.
وجاء هذا القرار بعد الأزمة التي أثارها الشيخ سالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف الأسبق بسبب تصريحاته التليفزيونية قبل عدة أيام حول الديانة المسيحية وأنها عقيدة فاسدة وأن الأقباط كفار، وهو ما تسبب فى موجة الهجوم على عبد الجليل من مؤيدي النظام وتم تقديمه للمحاكمة بتهمة ازدراء الميسحية وتم منعه من الخطابة، وإثارة الفتنة الطائفية والحض على الكراهية.
زيارة بابا الفاتيكان
وتعليقا على هذه التطورات، قال أستاذ العلوم السياسية مصطفى كامل إن زيارة بابا الفاتيكان الأخيرة لمصر تلبية لدعوة شيخ الأزهر أحمد الطيب كانت من أهم الأسباب التي جعلت الصدام بين الأزهر والنظام يتوقف، خصوصا بعد حضور بابا الفاتيكان مؤتمر السلام العالمي الذي كان من تنظيم الأزهر وليس النظام، وهو ما أوضح للعالم كله المكانة الدينية الكبيرة التي يتمتع بها الأزهر وشيخه.
وأضاف كامل، في تصريحات لـ "
عربي21"، أن هناك عدد كبير من النواب داخل البرلمان يقدرون دور الأزهر وتاريخه ولا يريدون تشويه صورة شيخه أو الحد من إستقلالية المؤسسة الدينية ولذلك انتهزوا هذه الفرصة لإعلان رفضهم لمشروع القانون الذي قدمه النائب محمد أبو حامد، هذا فضلا عن أن المشروع نفسه كان مخالفا لنصوص الدستور وهذه كلها عوامل أدت إلى رفض تمرير القانون بالبرلمان.
هدنة مؤقتة
لكن الباحث السياسي عبد الخبير عطية رأى أن معركة النظام مع الأزهر لم تنتهي، مشيرا إلى أنها توقفت نسبيا فقط هذه الأيام بسبب مكانة الأزهر عند المسلمين في مصر وخارجها، خاصة بعد زيارة بابا الفاتيكان لمصر وعدم رغبة النظام في أن يظهر دوليا بأنه ضعيف ويصفي خصومات سياسية مع الأزهر.
وأكد عطية، لـ"
عربي21"، أن الأزمة ستظل مستمرة، وأن النظام سيواصل حربه ضد الأزهر بأساليب أخرى حتى يحقق هدفه الأكبر وهو منع الأزهر من أن يكون مستقلا وخارجا عن سيطرة النظام، موضحا أنه إذا كان البرلمان قد رفض قانون أبو حامد لأنه مخالف للدستور، فإن النواب المؤيدين للنظام سيقدمون في الفترة المقبلة قانونا آخر غير مخالف للدستور يتيح للسيسي التدخل في شؤون الأزهر.
وشدد على أن النظام لم ولن ينسى موقف شيخ الأزهر من فض اعتصام رابعة حينما أصدر بيانا رافضا لما قام به النظام وقتها وطالب بوقف إراقة الدماء وفتح تحقيق عاجل في الأحداث.