يراقب النظام السوري وحلفاؤه في المنطقة، عن كثب، النسخة السابعة من تمرين "الأسد المتأهب" الذي يجري بمشاركة قوات أمريكية إلى جانب 23 دولة؛ في الأردن في أيار/ مايو الحالي.
فقد أثارت هذه النسخة ردود فعل واتهامات من حزب الله اللبناني؛ الذي وصف
المناورات، في 9 أيار/ مايو الجاري، بـ"المشبوهة"، سبقتها بيوم واحد تحذيرات من وزير الخارجية السوري وليد المعلم للأردن، قال فيها: "لسنا في وارد مواجهة مع الأردن، لكن إذا دخلت قواتها دون تنسيق مع دمشق سنعتبرها معادية".
كما علق السفير السوري المطرود من الأردن، بهجت سليمان، في منشور له على فيسبوك، يوم السبت، قائلا: "تم إبلاغ الأردن بأن الطيران الروسي سوف يتدخل لدعم القوات السورية، لتدمير القوات المهاجمة في حال ارتكاب أي حماقة".
فما الذي يخيف النظام السوري من تمرين الأسد المتأهب، رغم أنه يقام للمرة السابعة في الأردن منذ عام 2011؟
السر في التوقيت
محللون سياسيون وعسكريون، رأوا أن "السر في التوقيت" و"اقتراب الحسم العسكري في
سوريا، وطرد داعش من الرقة والموصل".
لكن هناك تخوفات من "ارتدادت الجماعات المتشددة إلى الحدود الأردنية السورية في منطقة البادية المتاخمة أيضا للحدود العراقية، بعد خسارتها لأراضٍ كانت تسيطر عليها".
يرى الباحث الأردني في الشؤون الاستراتيجية، عامر السبايلة، أن "الأسد المتأهب يختلف هذه المرة بتزامنه مع اتفاق جميع الأطراف (تركيا، إيران، روسيا، أمريكا) في مؤتمر "أستانا 4" على قضية المناطق منخفضة التصعيد، واقتراب حسم المعركة مع تنظيم داعش في الرقة والموصل".
وقال لـ"عربي21": "هذا الاختلاف الأكبر الذي يجعل من أي وجود عسكري في الأردن الآن يثير الريبة والشك بالنسبة لبعض الأطراف، ويؤسس لفكرة أن الأردن يحضر نفسه أيضا للمرحلة القادمة، سواء لفرض الاستقرار في المناطق المحادية لحدوده، أو لاجتثاث الإرهاب من هذه المناطق ومواجهة تبعاتها"، وفق تقديره.
مكافحة الإرهاب
وكان الجيش الأردني قد أعلن، في بيان مطلع أيار/ مايو، على لسان الناطق الإعلامي باسم القوات الأردنية المشاركة في التمرين، العميد الركن خالد الشرعة، في مؤتمر صحفي، أن "الأسد المتأهب يهدف إلى بناء تحالف قادر على الاستجابة السريعة لمكافحة الإرهاب ومواجهة نزوح اللاجئين"، مشددا على أن "الهجمات الإرهابية التي شهدتها الحدود الأردنية عام 2016 استدعت التركيز على تمارين استخدام قوة الرد السريع في تأمين الحدود".
كما أشار الجيش الأردني في بيان نشر على موقعه الإلكتروني إلى أن "تمرين الأسد المتأهب الذي يمتد من 7 ولغاية 18 أيار/ مايو، سيتضمن فعاليات التمرين وسيتم تنفيذها في ميادين التدريب التابعة للقوات المسلحة الأردنية، ويشارك فيها مختلف صنوف الأسلحة البرية والجوية والبحرية".
ساعة الحزم
من جانبه، رأى الخبير العسكري الأردني، اللواء المتقاعد قاصد محمود، أن "الاقتراب من ساعة الحزم في سوريا عززت مخاوف النظام السوري من هذا التمرين".
وقال اللواء قاصد محمود لـ"عربي21": "جيمع الأطراف تتفق على أن سنة 2017 ستكون سنة الحل في سوريا، وجاء تمرين الأسد المتأهب في نسخته السابعة في تطور يحاكي التهديات والأخطار المحتملة، والحدود الأردنية قريبة من المثلث العراقي السوري السعودي، فمن الطبيعي أن تكون أي عمليات تدريبية من نوع سريع وخاطف وحازم، والتعامل مع جماعات إرهابية تهدد المنطقة، خصوصا أن الجغرفيا الجنوبية الشرقية في سوريا مرشحة أن تكون مأوى للهاربين من داعش في الرقة والموصل"، وفق قوله.
بدورها، أكدت فصائل عسكرية سورية معارضة في البادية السورية، لـ"عربي21"، أنها ستعمل بالتعاون مع قوات التحالف الدولي لإيجاد حزام خالٍ من
تنظيم الدولة على طول الحدود الأردنية الشرقية والشمالية، وبعمق 140 كيلومترا في الداخل السوري.
ويقول الخبير العسكري السوري، العقيد الطيار (منشق) حاتم الراوي، إن "المناورات المشتركة على الحدود السورية من جهة الأردن ليست الأولى، لكنها ترافقت هذه المرة مع تحرك قوات أردنية أمريكية بريطانية خارج إطار مناورة الأسد المتأهب، مما أثار مخاوف الأسد الذي عدّ وجود هذه القوات للضغط عليه، لا سيما أنها قادرة على دخول سوريا التي أصبح دخولها لا يحتاج إلى استئذان"، وفق تقديره.
ورجح الراوي، في حديث لـ"عربي21"، أنه في حال دخول هذه القوات الأراضي السورية والميل إلى الحل العسكري، فإنها قد "لا تتوغل إلى أكثر من المنطقة الجنوبية، وبذلك تكون قد أجبرت الأسد على القبول بالحل السلمي، وفي الوقت نفسه منعت امتداد الفوضى إلى إسرائيل"، كما قال.
"مبررات مشروعة"
ويرى أمين عام حزب الوحدة الشعبية (يساري)، سعيد ذياب، أن مخاوف النظام السوري وحلفائه في المنطقة من تمرين الأسد المتأهب؛ "مشروعة"، معتبرا أن "اللهجة الأردنية والموقف من سوريا تغير بعد مؤتمر القمة (العربية)، وأصبحت هنالك استدارة 180 درجة"، بحسب تعبيره.
وقال لـ"عربي21": "بدأت المملكة تتحدث بشكل مبالغ عن مخاطر داعش على الحدود الأردنية، وتوحي للمتابع أن هنالك ضربة استباقية قد تنفذها المملكة ضد داعش، وهذا ما أثار القلق السوري، إذ يتوافق ذلك مع الدور الأردني الذي نص عليه مؤتمر الأستانا 4، وما يخطط لأبعد من ذلك من إنشاء مناطق عازلة في جنوب سوريا، مما يجعل الأطراف الأخرى تشعر بالقلق"، على حد قوله.
وكان الناطق باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، قد قال في مقابلة مع التلفزيون الرسمي، الاثنين الماضي، إن "المملكة ستتخذ الإجراءات الدبلوماسية كافة، وغيرها على صعيد الدفاع في العمق السوري من أجل حماية حدودها".