جدد ملتقى ضباط من جنوب ليبيا وغربها، رفضهم العمل تحت إمرة من وصفوه بـ"مجرم الحرب" اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
وأكد البيان الختامي للملتقى الذي عقد في مدينة زوارة غربي العاصمة الليبية طرابلس، الأحد، أن الضباط والجنود لن يقبلوا إلا بقيادة عسكرية، غير ملوثة بجرائم الحرب، وأنهم مصرون على أن يتولى "الضباط الشرفاء" إعادة بناء جيش ليبيا وتأسيسه.
وطالب الضباط وزير خارجية حكومة الوفاق الوطني محمد سيالة، بتقديم اعتذار إلى الشعب الليبي، عن تصريحاته التي قال فيها: "إن اللواء المتقاعد خليفة حفتر هو قائد عام الجيش الليبي، وإنه معين من قبل برلمان منتخب، وإنه لا غبار في ذلك".
اقرأ أيضا: تصريحات لوزير خارجية الوفاق تثير توترا أمنيا في طرابلس
اقرأ أيضا: تصريحات وزير خارجية ليبيا عن حفتر تضعه بأزمة.. هل تطيح به؟
وحمّل الملتقى، مجلس رئاسة حكومة الوفاق الوطني مسؤولية ما وصلت إليه أوضاع المؤسسة العسكرية في ليبيا، من تشرذم، وتدهور وضعها، وعدم تكليف رئيس أركان للقوات المسلحة.
ودعا الضباط مجلس رئاسة حكومة الوفاق ووزارة الدفاع، إلى العمل بشكل عاجل على وقف إطلاق النار في المنطقتين الشرقية والجنوبية، والمساعدة في رفع الحصار عن مدينة درنة شرق ليبيا، التي تحاصرها قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر من جميع مداخلها منذ أكثر من عام.
هيئة أركان مشتركة
واقترح ضباط الملتقى تشكيل هيئة أركان مشتركة من مناطق ليبيا العسكرية الخمس (الشرق، الغرب، الجنوب الشرقي، الجنوب الغربي، والوسط" على أن يكون الرئيس أقدم أعضاء الهيئة، وتتبع مباشرة للقائد الأعلى للقوات المسلحة.
وقال البيان: "في حالة عدم الاتفاق على تشكيل هيئة أركان مشتركة، يجب تكليف رئيس أركان للقوات المسلحة من الضباط الذين يتم اقتراحهم من الملتقى، على أن يكون قرار تحريك القوات ومنح الرتب العسكرية، وإعادة تفعيل وافتتاح الكليات العسكرية في ليبيا، يتبع رئاسة الأركان.
ملء الفراغ
أشاد المحلل السياسي الليبي وليد رتيمة، بخطوة ملتقى ضباط ليبيا، معتبرا أنها "مهمة في ملء فراغ المؤسسة العسكرية في المنطقتين، الغربية والجنوبية، التي تمثل قرابة ثلثي الجيش في ليبيا".
وطالب رتيمه في تصريح لـ"عربي21"، مجلس رئاسة حكومة الوفاق الوطني، التعامل بإيجابية مع مثل هذه المبادرات، وعدم إهمالها، لأن من شأن ذلك استفزاز المؤسسة العسكرية، حتى وإن كانت ضعيفة.
وحذّر المحل السياسي الليبي من أن ينصرف عمل وانشغال ضباط الغرب الليبي وجنوبه، إلى بناء مؤسسة عسكرية موازية، لما يعرف بالقيادة العامة للجيش، في شرق البلاد، التي يتزعمها حفتر.
ودعا في المقابل إلى أن يهتموا ببناء مؤسسة عسكرية موحدة، تحت إمرة مجلس رئاسة حكومة الوفاق، بصفته القائد الأعلى للجيش.
مواءمة
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية الليبي، أحمد سالم، إن ملتقى ضباط زوارة لم يخرج بجديد عن الملتقى الذي عقد في شهر تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، برعاية وزارة دفاع حكومة الوفاق الوطني، من حيث المطالبة بإبعاد حفتر عن مؤسسة الجيش، واقتراح رئيس للأركان العامة.
وأضاف سالم في تصريح لـ"عربي21"، أنه على الضباط عدم الانجرار في صراع مع مجلس رئاسة حكومة الوفاق الوطني، بوصفه القائد الأعلى للجيش، بحسب نصوص اتفاق الصخيرات، لأن من شأن ذلك أن ينزع عن تحركهم وصف "المشروعية".
يذكر أن ضباطا من الجيش الليبي أعلنوا في الملتقى السادس في العاصمة طرابلس في تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، أن اللواء المتقاعد خليفة حفتر قائد عملية الكرامة "مجرم حرب".
ورفض الضباط الاستيلاء على السلطة بالانقلابات العسكرية، وأنهم ينأون بالمؤسسة العسكرية عن الصراع السياسي الجاري، ويتبعون مجلس رئاسة حكومة الوفاق الوطني.
رد عنيف
من جهتها، قالت الناشطة السياسية من مدينة مصراتة، ميرفت السويحلي، إن "بيان القيادات العسكرية كان واضحا برفضهم وجود
حفتر على رأس المؤسسة العسكرية التي يشكل ضباط الغرب الليبي منها أكثر من 80 في المئة، وهذا الرفض هو توجه أغلب القيادات العسكرية في غرب البلاد"، حسب قولها.
وأوضحت السويحلي، وهي مقربة من بعض القيادات العسكرية التي حضرت الاجتماع، أنه "إذا حاول السراج التواصل مع حفتر مرة أخرى؛ سيكون هناك رد عنيف من قبل ضباط الجيش الرافضين لحفتر، خاصة أن ما ما فعله السراج في أبو ظبي (تقصد لقاءه حفتر) ليس له علاقة بالتوافق الذى جاء من أجله"، كما قالت لـ"عربي21".
وقال المدون والباحث الليبي، فرج كريكش، إن "هذه الخطوة ليست إحراجا للسراج أو حفتر فحسب، إنها إحراج لكل الجهود المبذولة من أجل كتم أنفاس الثورة"، مضيفا لـ"عربي21": "حتى لو لم يكن لهؤلاء الضباط عظيم أثر في المشهد السياسي والعسكري، لكن هذه الرسالة تُفقد حفتر ورقة تكوين نواة الجيش الليبي بعد أن فقد ورقة محاربة الاٍرهاب، وهكذا حتى لا يتبقى معه سوى ورقة عشق البعض للفرعنة والعصا والعبودية"، على حد تعبيره.
لمن تبعية الضباط؟
عضو اللجنة العليا لتحالف القوى الوطنية في
ليبيا، صفوان المسوري، أكد من جانبه؛ أن "البيان مقلق جدا، خاصة أن حروفه يفهم منها أنه لا تبعية حقيقية لهؤلاء العسكريين لسلطة
حكومة الوفاق، إذ أنه من غير المتعارف عليه أن تخاطب مجموعة من الضباط رئيس السلطة المدنية، وهو القائد الأعلى للجيش بنص الاتفاق، الذي يدعون العمل تحته"، كما قال.
وتابع: "بيان هذه المجموعة تنقصه الحكمة والواقعية، وله صبغة سياسية واضحة، الأمر الذي يفتح باب التساؤلات حول تدخل الجيش في السياسة، ويؤكد أن المجموعة لا تتفهم متطلبات وأولويات المرحلة، وأنهم لا يقيمون وزنا إلى ما يحتاجه توحيد الجيش من تنازلات وتفاهمات في هذه الفترة"، وفق قوله لـ"عربي21".
لكن الناشط الحقوقي من الجنوب الليبي، طاهر النغنوغي، أشار إلى أن "موقف القيادات التي اجتمعت في زوارة سيكون له تأثير وسط الجنود وبعض الضباط، وبالأخص من في دفعتهم، لذا يجب على الساسة والمتحاورين في ليبيا وضع بيان هذه القيادات في عين الاعتبار وإلا سيؤثر سلبيا على دعم الحوار".
وبخصوص إصرار الاجتماع ومن قبله قيادات عسكرية أخرى على إقالة وزير الخارجية، قال النغنوغي لـ"عربي21": "دوافع هذا الإصرار هو تخوف هؤلاء من ترتيب الوزير بصفته مع الدول الأخرى لإقناعهم بشرعية ووجود حفتر"، وفق تقديره.
موقف مؤثر
ورأى الإعلامي الليبي أيمن خنفر؛ أنه "في حالة ملك هؤلاء الضباط القوة على الأرض سيكون موقفهم مؤثر ومهم جدا".
وأضاف لـ"عربي21": "بخصوص موقفهم من المشير حفتر، فهو موقف مبني على معطيات كثيرة، فهناك عدد كبير منهم اجتمع معه حفتر في السابق لتجميد عمل المؤتمر الوطني وحكومته في بيان 14 فبراير 2014 في طرابلس".
وقال: "عدم الترحيب بحفتر جاء طبقا للقوانين التي تنظم الجيش وعمله، والتي لا تمنح حفتر أي سلطة قيادية في الجيش، كونه أسير حرب ومفصول من المؤسسة العسكرية بتهمة الخيانة، كما أنهم (الضباط) يرون أن حفتر خرج من تحت الشرعية وانقلب علي السلطة في انطلاقه بعملية الكرامة"، وفق قوله.
وتواصلت "عربي21" مع المتحدث باسم وزارة الدفاع الليبية التابعة لحكومة الوفاق، للوقوف على ردها حول بيان هؤلاء القيادات أو تبعيتهم للوزارة، إلا أنها لم تتلق ردا.