أكدت كاتبة
إسرائيلية بارزة أن كل ما فعلته "إسرائيل"، عبر أذرعها السياسية والعسكرية المختلفة، فشلت في تغييب الذاكرة
الفلسطينية، التي وقفت صامدة أمام آلة الدعاية الإسرائيلية "الكاذبة"، وبقي الفلسطيني مغروسا في أرضه جيلا بعد جيل.
الإبادة الجماعية
وفي مقال نشرته صحيفة "هآرتس"، أوضحت الكاتبة المختصة بالشؤون العربية في الصحيفة، عميرة هاس، أن المجتمع الإسرائيلي لم يتزعزع بعد كشف "هآرتس" الاثنين الماضي أن نائب رئيس "الكنيست"، بتسلئيل سموتريتش، يشعر بالأمان في تقديم "خطة الحسم" ببدلة دينية.
كما يتبين أن من يتحدث، وهو نائب عنصري متزوج وله خمسة أولاد ويسكن في مستوطنة "كدوميم"، "يعمل مثل حاكم للمستوطنين، يقترح على الفلسطينيين أيضا أن يختاروا بين الترانسفير أو الفصل العنصري أو الإبادة الجماعية".
رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، "لم يسارع للتنصل من أقوال سموتريتش، ويرجح أنه لم يقرأ أو لم يكلف نفسه عناء الاطلاع، كما أن رؤساء المعارضة الصهيونية لم يطالبوا بإقالته".
ويدير سموتريتش "جمعية رغافيم" اليمينية المتطرفة العنصرية، وهي متخصصة في ملاحقة الفلسطينيين في مناطق 48 و67، في مجال البناء، وتحث الحكومة على هدم البيوت العربية؛ بحجة عدم الترخيص، وكان للنائب اليهودي دور كبير في قيادة حركة التمرد على خطة إخلاء مستوطنات قطاع غزة.
الذكريات ذاتها
ونوهت الكاتبة إلى أن "المؤرخين في "يد واسم" (مؤسسة إسرائيلية بالقدس المحتلة) لم يعبروا عن مواقفهم، والشرطة لم تبدأ في التحقيق، ولم تقم باعتقال سموتريتش بتهمة طلب الإبادة الجماعية، في حين تقلق من صفحات في الـ"فيسبوك" لشاعرات فلسطينيات".
وأكدت هاس أن ما أطلق عليها "السموتريتشية هي لغة ليست غريبة في إسرائيل، بل إن الديالكتيك يزداد من يتحدثون به، كما يتأكد أن أوبئة المجتمع الإسرائيلي كثيرة ومتعددة"، موضحة أنه "رغم ذلك، فلدى الجيش الإسرائيلي نقطة ضعف، وهي الشعب الفلسطيني صاحب هذه الأرض".
وأضافت: "لقد قمنا بإجراء ترانسفير كبير واحد، إضافة إلى ترانسفيرات كبيرة أخرى، واختلقنا فكرة الأرض الخالية، لكنها تتفجر كل يوم أمام ناظرينا، خارطة ما قبل 1948 مع مئات القرى لم تمح، واللاجئون وأحفادهم يحرصون على أن تبقى هذه الخارطة في الوعي، يقومون بإحيائها رغم أنفنا، ويقنعون الكثير من الأشخاص في العالم بحقهم في العودة".
وتابعت في مقالها: "لقد تفرقوا وانتشروا في العالم، وعند اجتماع خمسة منهم من أرجاء المعمورة يتحدثون باللهجة ذاتها، وكأنهم عاشوا طوال حياتهم في حي واحد، ولديهم الذكريات ذاتها، كما أن النقاشات التي تجري في شفا عمر (مدينة فلسطينية تقع بالداخل المحل تعا 1948) تسمع كما هي في نابلس بالضفة الغربية المحتلة.
دهاء وغطاء
ورغم أن "إسرائيل لا تسمح للفلسطينيين بزيارة بلادهم التي ولد وعاش فيها أجدادهم، لكنهم مرتبطون بها ويعرفون ما يحدث"، بحسب الكاتبة الإسرائيلية، التي أشارت إلى أن "الكثيرين منهم عاشوا سبعة عقود، من كابوس إلى كابوس، وقمنا بقتلهم بالآلاف، وعن قرب من الجو، ومن خلال آخرين، في حين لا يمكننا الحديث عما بعد الصدمة؛ لأن الكارثة مستمرة، ونحن نعمل كي تستمر".
وقالت هاس: "يمكن للإسرائيليين التعلم من الفلسطينيين، في كيفية التمسك بالحياة واستثمار الأمل والجهود في الأجيال الشابة من أجل البناء والصحوة والإنتاج"، مؤكدة أن "إسرائيل فوتت فرصة الاستجابة لاستعداد الفلسطينيين ووقف دائرة الكارثية".
وقالت: "أقمنا نظام أبرتهايد، وقمنا بتقسيم المنطقة التي اعتبرها العالم دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، وأقمنا أجهزة مزدوجة، وها هم الفلسطينيون مغروسون عميقا في بلادهم"، منبهة إلى أنه "حين طبقت إسرائيل بدهاء مشروع الاستيطان عبر غطاء السلام، وهو أكبر من قدرة القيادة الفلسطينية على مواجهته، خرج لنا جيل فلسطيني جديد ينجح في التسبب بهستيريا للدعاية الإسرائيلية وأكاذيبها".
ويأتي مقال الكاتبة الإسرائيلية في ظل إحياء الشعب الفلسطيني للذكرى الـ69 للنكبة الفلسطينية، حيث تسببت العصابات الصهيونية بقتل وطرد وتشريد الشعب الفلسطيني من أرضه، في حين يجدد أبناء الشعب الفلسطيني حلمهم بالعودة إلى ديارهم التي طرد منها أجدادهم.