نشرت مجلة "بوليتكو" تقريرا لمراسلها بريان بيندر، كشفت فيه عن تصريحات لعسكريين إسرائيليين وقادة أمنيين، قبل زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمنطقة، مشيرة إلى أن ما حصل عليه من انطباع يشكل صورة عن
الحرب الأهلية المتشابكة في
سوريا، التي دخلت عامها السابع.
وتكشف المجلة عن أن ضباطا إسرائيليين يقولون إن تنظيم الدولة لا يشكل تهديدا على إسرائيل مثلما يشكل المحور الذي تقوده إيران في المنطقة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الضباط الإسرائيليين حذروا، في مقابلات مع المجلة، من الآثار السلبية التي تنتهجها الولايات المتحدة في الحرب ضد تنظيم الدولة، وقالوا إن محاربة التنظيم في العراق وسوريا قد تدفع مقاتليه للبحث عن ملاجئ آمنة في لبنان، الذي يخشى الانهيار، والأردن، الذي يراقب التطورات في سوريا عن كثب.
وتذكر المجلة أن مراسلها "بيندر" شاهد من الخنادق، التي تعود لحرب عام 1973، في الجزء الذي تحتله القوات الإسرائيلية من مرتفعات الجولان السورية، القوات الموالية لنظام بشار الأسد وحزب الله تخوض معارك مع المعارضة المسلحة التي تسيطر على بلدتين، حيث يستطيع المراقب رؤية أعلام جبهة النصرة/ فتح الشام على موقع مهجور للأمم المتحدة، وبعيدا منها أعلام تنظيم الدولة، الذي يتقدم في الجنوب.
ويورد التقرير، نقلا عن ضابط إسرائيلي، قوله إن هذه الجماعات لم تعد قادرة على الذهاب شمالا أو غربا؛ ولهذا فإنها تتحرك في الجنوب أو في مناطق أخرى، وأضاف الضابط: "بعضها جاء إلى هنا، والأردن قلق من تنظيم الدولة".
ويلفت بيندر إلى أن مدير القسم الاستراتيجي في الجيش الإسرائيلي، رام يافين، يقلل من قدرة الاستراتيجية الأمريكية على هزيمة تنظيم الدولة، حيث تساءل عن سر الاهتمام الأمريكي بالتنظيم الجهادي الذي لا تراه إسرائيل تهديدا وجوديا عليها.
وتعلق المجلة قائلة إن إدارة الرئيس الأمريكي ترامب والمسؤولين العسكريين الأمريكيين يهتمون بموضوع تنظيم الدولة، وزادوا من الغارات، وتسليح الأكراد السوريين والقبائل العربية، ووعد وزير الدفاع، جيمس ماتيس، يوم الجمعة، بتدمير التنظيم في الرقة وملاحقته، وتنظيف شرق سوريا منه، مشيرة إلى أن الإسرائيليين حذروا من آثار هذه السياسة، وقال أحد العسكريين إن "القادم أسوأ".
وينقل التقرير عن مسؤول استخبارات في القيادة الشمالية في صفد، قوله إن هدف تنظيم الدولة ليس افتعال الحرب ضد أمريكا، لكن "تثوير" الإسلام، وإقامة الخلافة، وترتيب البيت الداخلي، ومن ثم البدء في المواجهة مع الخارج.
ويضيف المسؤول للمجلة أن الولايات المتحدة فشلت في فهم الجماعات المتقاتلة في سوريا، التي يزيد عددها على 500 فصيل، بالإضافة إلى الدعم المحلي للجهاديين، مشيرا إلى أن ثمانية آلاف مقاتل لم يكونوا ليسيطروا على مدينة سكانها مليون نسمة، مثل الموصل، لولا الدعم الداخلي.
وينوه الكاتب إلى أن تنظيم الدولة يحظى بدعم القبائل في شرق سوريا، حيث يحذر الضابط الأمني من أثر الغارات الجوية على السكان، ويقول إن "الغارات تتسبب أحيانا بضرر أكثر من المساعدة"، ويصف الضابط التنظيم قائلا إن "تنظيم الدولة مثل السرطان، فمن السهل التخلص من الأورام، لكن كيف يمكنك منع الخلايا الصغيرة من التوسع؟ وبمَ فكر التنظيم عند دخول الأمريكيين والعراقيين الموصل؟ بدأ بتدمير كل شيء -حوالي ألف عملية انتحارية في أشهر- وسيفعل الشيء ذاته في الرقة، التي ستسقط حتما، وبعدها ستبدأ الخلايا السرطانية الصغيرة بالانفجار في أنحاء سوريا كلها".
وتفيد المجلة بأن الإسرائيليين انتقدوا سياسة الولايات المتحدة في سوريا، ووصفوها بالمتناقضة؛ فمن جهة، دربت وكالة الاستخبارات الأمريكية "سي آي إيه" المعارضة لقتال الأسد، ومن جهة أخرى، ركزت وزارة الدفاع "البنتاغون" على تدريب مقاتلين للمشاركة في قتال تنظيم الدولة.
ويكشف التقرير عن أن المحللين الإسرائيليين أشاروا إلى عدد من السيناريوهات لمصير الحرب، منها استعادة الأسد السيطرة على البلاد، و"هو أمر مستبعد"، أو التعايش مع المعارضة ضمن مناطق حكم ذاتي، وهذا ما يحدث الآن، لافتا إلى أنهم يتفقون على أن الأسد يفوز في الحرب، والفضل يعود، كما يقولون، لحزب الله.
ويبين بيندر أن تنظيم الدولة فقد 1700 من مقاتليه، وسيحصل على مقابل، وهو التوسع في داخل سوريا، ما يعني توسعا لمجال النفوذ الإيراني، ويقول ضابط في مرتفعات الجولان: "لو انتصر الأسد، فلن نقابل حزب الله على حدود واحدة بل اثنتين".
وبحسب الصحيفة، فإن يافين يرى أن إيران أخطر من تنظيم الدولة والجماعات الأخرى، ويقول: "إن استطعت أن أكون صريحا، فإن المحور الراديكالي الذي تقوده إيران أكثر خطورة من الجهادية العالمية"؛ لأنه أقوى، ولديه معرفة أكثر وترسانة أكبر، مشيرة إلى أن الإسرائيليين يتحدثون عن سياسة ردع أكثر تأثيرا.
وتختم "بوليتكو" تقريرها بالتساؤل: هل يعني ذلك ترك تنظيم الدولة في كل من شرق سوريا والعراق؟ ويرد مسؤول أمني قائلا: "لم لا؟"، ويقول: "عندما سألوا مناحيم بيغين عن الطرف الذي تدعمه إسرائيل في الحرب العراقية الإيرانية، فإنه أجاب قائلا: (حظا سعيدا لهما، دعهم يقتلون بعضهم)، والشيء ذاته يقال الآن، فلديك تنظيم الدولة يقتل عناصر من تنظيم القاعدة بالآلاف، وتنظيم القاعدة يفعل الشيء ذاته، وكلاهما يقاتل حزب الله والأسد".