كشفت تحقيق أجرته "
إذاعة أوروبا الحرة"، عن قنصلية روسية سرية في مدينة فارنا البلغارية، على الرغم من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة البلغارية بطرد الدبلوماسيين الروس في عام 2022، وإغلاق القنصلية الروسية في المدينة في عام 2023.
وأشار التحقيق إلى أن
روسيا تواصل تقديم خدماتها القنصلية في المدينة البلغارية المطلة على البحر الأسود، على الرغم من هذه الإجراءات الدبلوماسية الصارمة التي اتخذتها صوفيا.
ولفت التحقيق إلى أن مجموعات يديرها الناطقون باللغة الروسية على منصات التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" و"واتساب"، تواصل الإعلان عن وجود خدمات قنصلية تُقدَّم في مقر الحزب الاشتراكي البلغاري (BSP) المؤيد للكرملين.
وبحسب التحقيق، فإن هذه الإعلانات تشير إلى أن الخدمات القنصلية لا تزال تُقدم في مقر الحزب الاشتراكي في فارنا، الواقع في 33 شارع مقدونيا.
وفي حزيران/ يونيو عام 2022، أمرت الحكومة البلغارية تحت قيادة رئيس الوزراء آنذاك، كيريل بيتكوف، بطرد 70 دبلوماسيا روسيا من البلاد، متهمة إياهم بأنهم يعملون ضد مصالح
بلغاريا.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر عام 2023، تم إغلاق القنصلية الروسية في فارنا نهائيا بعد انتهاء عقد إيجار المنشأة التي كانت تشغلها، بحسب التحقيق.
ونقل التحقيق عن مارينا ناتشيفا، التي تمت تسميتها كجهة اتصال لهذه الخدمات القنصلية السرية في مجموعات الدردشة على "فيسبوك" و"واتساب"، قولها إن هذه الخدمات تُقدم بالفعل في مكتب الحزب الاشتراكي البلغاري في المدينة.
وعندما توجه مراسل "إذاعة أوروبا الحرة" إلى العنوان المذكور، وجد أنه على الرغم من أن امرأة ردت على الباب ونفت تقديم أي خدمات قنصلية في المكان، فإن منشورات على مجموعات فيسبوك تشير إلى عكس ذلك. هذه المنشورات تكشف أن الخدمات القنصلية ما زالت متاحة في أوقات معينة، وقد تم تحديد يوم 26 تشرين الثاني/ نوفمبر كموعد لتقديم الخدمات القنصلية التالية.
تظهر بعض الأدلة التي تربط ناتشيفا بالقنصلية السرية عبر صفحتها الشخصية على فيسبوك، حيث إنه تم نشر صور لها في مناسبات قنصلية سابقة في فارنا، بما في ذلك صورة جماعية أُدرجت تحت عنوان "حفل استقبال قنصلي في فارنا".
هذه الصور تتزامن، بحسب التحقيق، مع صور أخرى التقطت في نفس المكان الذي يُستخدم كمقر للحزب الاشتراكي البلغاري في فارنا.
وأشار التحقيق إلى أن الحزب الاشتراكي البلغاري نفسه يُعرف بصلاته الوثيقة مع روسيا، وهو يعتبر خلفا للحزب الشيوعي البلغاري الذي حكم البلاد بين عامي 1946 و1990. وفي الحملة الانتخابية الأخيرة للحزب، فإنه تم نشر إعلان في مدينة بلوفديف تحت شعار "روسيا صديقتنا".
هذا الحزب يضم حاليا عشرين نائبا في البرلمان البلغاري الذي يتألف من 240 مقعدا. وتظهر التحقيقات علاقات وثيقة بين الحزب الاشتراكي وروسيا، ما يزيد من الشكوك حول استمرار الدعم الروسي في بلغاريا من خلال هذا الحزب، وفقا لـ"إذاعة أوروبا الحرة".
ومن خلال مزيد من البحث، فإن التحقيق اكتشف أن ناتشيفا كانت قد حضرت العديد من الفعاليات في القنصلية الروسية في فارنا قبل إغلاقها رسميا. كذلك، تم العثور على اسمها في مواقع الإنترنت حيث تم تصنيفها كرئيسة لجمعية غير مسجلة تحت اسم "الروس في القرن الحادي والعشرين"، وهي جمعية لم يتم تسجيلها في السجل التجاري البلغاري.
وعندما تواصلت "إذاعة أوروبا الحرة" مع وزارة الخارجية البلغارية، فقد أكدت الوزارة أنها ليست على علم بأي أنشطة دبلوماسية تجري في فارنا.
يشار إلى أن العلاقات بين روسيا وبلغاريا تدهورت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة. ففي أيلول/ سبتمبر 2023، أقدمت الحكومة البلغارية على طرد رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في صوفيا، إلى جانب اثنين من القساوسة البيلاروسيين، بتهمة خدمتهم للمصالح الجيوسياسية الروسية.
بالإضافة إلى ذلك، منعت الحكومة البلغارية في وقت لاحق من نفس العام العديد من المواطنين الروس من دخول بلغاريا بسبب تورطهم في "أنشطة مشبوهة".
وفي السياق ذاته، تعرضت السفيرة الروسية في بلغاريا، إليونورا ميتروفانوفا، لانتقادات حادة من قبل البلغاريين، واتهموها بنشر معلومات مضللة حول الحرب الروسية على أوكرانيا وتشويه سمعة معارضي روسيا في بلغاريا.
وفي رد فعل روسي على ما وصفته موسكو بالتحركات العدائية من قبل بلغاريا، فإنه تم إدراج بلغاريا في قائمة "الدول المعادية" بعد وقت قصير من بداية الحرب على أوكرانيا في عام 2022.