أوقفت قوات الأمن الوطني المغربي عددا من نشطاء حراك الريف صباح السبت، بعد أن أصدر النائب العام مذكرة بحث في حق ناصر الزفزافي قائد الحراك، في أحدث تطورات ما بات يعرف بـ"حادث الجمعة".
وأصدرت السلطات الأمنية المغربية بإقليم الحسيمة (شمال) مذكرة بحث واعتقال في حق 57 شخصا من بينهم قائد حراك الريف، ناصر الزفزافي، بحسب ما أفادت منابر إعلام محلية.
وذكر موقع "اليوم24" اعتقال قوات الأمن لنشطاء الحراك داخل مدينة الحسيمة وفي المناطق المجاورة مثل إيمزورن وبني بوعياش.
وعلم "اليوم24"، من مصادر خاصة، أن حملة الاعتقالات ستشمل نشطاء في الحراك من خارح إقليم الحسيمة، خصوصا في تطوان، مشيرا إلى وجود لائحة بأسماء 57 شخصا على رأسهم الزفزافي.
فيما ذكر بلاغ للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، أوقفت بتاريخ 26 و27 ماي (أيار)، 20 شخصا وذلك للاشتباه في ارتكاب جنايات وجنح تمس بالسلامة الداخلية للدولة وأفعال أخرى تشكل جرائم بمقتضى القانون.
وقال بلاغ الوكيل العام للملك بالحسيمة، السبت، توصلت "
عربي21" بنسخة منه، إن "تكليف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بإجراء البحث في هذه القضية، جاء بعد تبليغ النيابة العامة بالاشتباه بارتكاب أفعال تقع تحت طائلة القانون الجنائي وذلك في أعقاب الواقعة التي عرفتها مدينة
الحسيمة منذ حوالي سبعة أشهر".
ومن أجل توفير المعلومة للرأي العام ودون الإخلال بسرية البحث، يضيف البلاغ، "فإن المعطيات الأولية للبحث أفضت إلى توفير شبهة استلام المشتبه فيهم تحويلات مالية ودعم لوجيستيكي من الخارج بغرض القيام بأنشطة دعائية من شأنها المساس بوحدة المملكة، وزعزعة ولاء المواطنين للدولة
المغربية والمؤسسات الشعب المغربي، فضلا عن إهانة ومعاداة رموز المملكة في تجمعات عامة إضافة إلى أفعال أخرى".
وأوضح البلاغ ذاته، أن "المعطيات الأولية للبحث المأذون به من طرف النيابة العامة والمنجز تحت إشرافها كشف عن جمع وتحصيل قرائن وأدلة حول الاشتباه في تورط الأشخاص الموقوفين في التحريض والمشاركة في ارتكاب جنايات وجنح تمس النظام العام وضد سلامة موظفين عموميين تجسدت في الأفعال الإجرامية التي وقعت بمدن الحسيمة وامزورن وبني بوعياش، ما ترتب عنها من تخريب وإضرام للنار وأفعال إجرامية أخرى".
كما أصدر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة، أمرا بإلقاء القبض على ناصر الزفزافي، قصد البحث معه وتقديمه أمام النيابة العامة، وذلك عقب توقيفه لخطيب أحد المساجد من إتمام خطبته أمس الجمعة.
وبات ناصر زفزافي منذ مساء الجمعة مطلوبا رسميا من قوات الأمن المغربية، بسبب قيامه بـ"فوضى عارمة ترتب عنها عدم إلقاء الخطبة الثانية مما أفسد الجمعة وأساء إلى الجماعة" بحسب بلاغ لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية.
اقرأ أيضا: توتر شمال المغرب بعد توقيف خطيب وانسحابات من المساجد (شاهد)
وشهد أمس الجمعة محاولة توقيف زفزافي، كما شهد وقوع مواجهات محدودة مع قوات الأمن المنتشرة في الحسيمة.
قرار الاعتقال
وقال بيان رسمي للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة، إن الأخير "أمر بإلقاء القبض على المعني بالأمر ناصر الزفزافي، قصد البحث معه وتقديمه أمام النيابة العامة".
وأوضح البيان أن قرار اعتقال الزفزافي أتى نتيجة "إقدام الزفزافي بمعية مجموعة من الأشخاص أثناء تواجدهم داخل مسجد محمد الخامس بالحسيمة، على عرقلة حرية العبادات وتعطيلها أثناء صلاة الجمعة".
ولفت البيان إلى أن الزفزافي "أقدم على منع الإمام من إكمال خطبته وألقى داخل المسجد خطابا تحريضيا أهان فيه الإمام، وأحدث اضطرابا أخل بهدوء العبادة ووقارها وقدسيتها، وفوت لك على المصلين صلاة آخر جمعة من شهر شعبان".
وأظهر تسجيل فيديو انتشر على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" زفزافي وهو يهاجم الإمام وينعته بـ"الدجال".
وطالب الزفزافي في كلمته بالمسجد وسط جموع المصلين، خطيب الجمعة بأن يقول كلمة الحق عوض التملق للمخزن، وتساءل موجها سؤاله للناس: "هل المساجد بيوت لله أم بيوت للمخزن؟".
وأضاف: "يقولون لنا الفتنة. هناك شباب لا يجدون قوت يومهم وهناك شباب هجروا خارج البلد".
وكانت عناصر الأمن حاولت اعتقال الزفزافي من أمام منزله إلا أن المتعاطفين وأنصار "قائد الحراك بالريف" حالوا دون ذلك.
وظهر زفزافي عبر مواقع التواصل الاجتماعي في بث مباشر من على سطح منزله محاطا بحشد من أنصاره، وقال: "لست خائفا. إذا أرادوا اعتقالي فليأتوا".
إغلاق المحلات
وأكد نشطاء أن الزفزافي استطاع الإفلات من الحصار الأمني الذي ضرب بمحيط منزله، وظهر في تسجيل آخر من مكان مجهول وهو يناشد نشطاء حراك الريف للاستمرار في سلمية الاحتجاجات بالمنطقة وقال إن "هذه السلمية هي التي زعزعت أركان هذا المخزن".
كما دعا الزفزافي أرباب المحلات التجارية إلى إغلاق متاجرهم تضامنا مع حراك الريف.
دعوات لسحب القرار
وانتشرت دعوات عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بسحب قرار اعتقال الناشط ناصر الزفزافي ونشطاء آخرون قامت السلطات الأمنية باعتقالهم أمس الجمعة واليوم السبت.
ودعت لجنة دعم الحراك الشعبي بالريف ببروكسيل، في هذا الصدد، السلطات إلى "تغليب صوت العقل على صوت التصعيد والانتقام"، مشيرة إلى أن "الأجهزة الأمنية المغربية ارتكبت خروقات واسعة لحقوق الإنسان أثناء محاولتها اعتقال الناشط ناصر الزفزافي أحد الناشطين بالحراك الشعبي بالريف بمدينة الحسيمة".
وثمن بلاغ "أبناء الجالية الريفية المهجرة ما قام به الناشط ناصر الزفزافي ومواطنون بمختلف مناطق الريف من انسحاب من المساجد، وكذا مقاطعة للقذف الذي تعرضوا له من على منابر مساجد أصبحت بعيدة كل البعد عن هموم المواطن الريفي، بل أصبحت منصة لتمرير أفكار الدولة في تعارض مع المادة السابعة الصادرة في الجريدة الرسمية والتي جاءت بناء على توجيهات من الملك محمد السادس لمنع تدخل رجال الدين في السياسة، وعليه فإنها تدعو لسحب قرار اعتقال الناشط ناصر الزفزافي وتغليب صوت العقل على صوت التصعيد والانتقام".
وعبرت لجنة الدفاع عن حراك الريف ببروكسيل، في البلاغ ذاته عن "استنكارها بأشد العبارات اعتقال عدد كبير من النشطاء في اختلاف مع الشعارات التي ترفعها الدولة، من قبيل الحرية والديمقراطية والعهد الجديد".
إصابات في صفوف رجال الأمن
أشارت وكالة أنباء المغرب العربي الرسمية إلى حصول "صدامات" بين متظاهرين وعناصر من الشرطة ما أوقع عدة جرحى "ثلاثة منهم في حالة الخطر" بين صفوف قوات الأمن.
وقال المندوب الإقليمي لوزارة الصحة بالحسيمة، محمد بادي، إن عدة عناصر من القوات العمومية أصيبت في مواجهات مع متظاهرين أمس الجمعة بالحسيمة، إصابة ثلاثة منهم خطيرة.
وقد تم نقل المصابين إصابات خطيرة إلى المستشفى العسكري بالرباط، فيما خضع المصاب الثالث لعملية جراحية بمستشفى محمد الخامس بالحسيمة، للعلاج من الكسور التي تعرض لها، فيما غادر باقي المصابين المستشفى بعد تلقيهم العلاجات الضرورية، وفق المصدر ذاته.
وحل وفد وزاري مغربي رفيع المستوى مكون من 7 وزراء، الإثنين الماضي، بمدينة الحسيمة لاحتواء الاحتجاجات التي شهدتها المنطقة منذ ما يقارب 6 أشهر.
اقرأ أيضا: بعد مسيرة الغضب.. 7 وزراء يصلون الحسيمة شمال المغرب
وتعرف الحسيمة وبعض مدن وقرى الريف المغربي احتجاجات ومظاهرات منذ تشرين الثاني/ أكتوبر الماضي، بعد وفاة تاجر السمك محسن فكري، الذي قتل طحنا داخل شاحنة لجمع النفايات، خلال محاولته الاعتصام بها، لمنع السلطات المحلية والأمنية من مصادرة أسماكه، ولا تزال المسيرات الاحتجاجية تنظم بهذه المناطق للمطالبة بالتنمية و"رفع التهميش".