نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للكاتب سايمون تيسدال، يقول فيه إن الإرهابيين، الذين شنوا هجمات في طهران يوم الأربعاء، استهدفوا البرلمان وقبر آية الله الخميني، وهما أهم رمزين لثورة عام 1979.
ويقول الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، إن الهجمات شكلت صدمة بالنسبة لسكان طهران العاديين، الذين كانوا يشعرون بأمان نسبي من مثل هذه الفظاعات في السنوات الأخيرة.
ويشير تيسدال إلى أن "الحرس الثوري
الإيراني اتهم
السعودية بالوقوف خلف الهجوم المنسق، ومهما تكن صحة التهمة، فإن ذلك سيكون له أثر سياسي كبير أبعد بكثير من إيران، مذكيا التوتر مع أمريكا والسعودية والدول السنية في الخليج".
ويلفت الكاتب إلى أن "
تنظيم الدولة قام بالإعلان عن تبنيه العملية بشكل سريع، وإن كان ما أعلن عنه صحيحا، فإنه يعني أن هذه المجموعة نجحت أخيرا في تصدير إرهابها إلى عقر دار خصمها الشيعي الرئيسي".
ويبين تيسدال أن "الضريح الذي دفن به الخميني، قبل 28 عاما، بالضبط تقريبا في 5 حزيران/ يونيو عام 1989، هو عبارة عن بناء ضخم، يبرز في الأفق في جنوب طهران، ويقوم عشرات آلاف الإيرانيين بزيارة الضريح كل عام، حيث يتعاملون معه على أنه مزار، وبعكس المجلس، الذي يشبه القلعة في وسط العاصمة، فإن الأمن هنا قليل، ولكن ذلك سيتغير الآن".
ويجد الكاتب أن "الهجوم على ضريح الخميني بالنسبة للإيرانيين يعادل محاولة شخص تفجير النصب التذكاري لأبراهام لنكولن في واشنطن دي سي، وإن ثبتت صحة ادعاء تنظيم الدولة المسؤولية عن الهجوم، فإن هذه ستكون هي المرة الأولى التي ينجح فيها التنظيم بالضرب في قلب إيران، مع أنه حاول عدة مرات في الماضي القريب".
ويفيد تيسدال بأن "تنظيم الدولة في حرب أيديولوجية وعسكرية مع القوات الإيرانية وحلفائها في سوريا والعراق، حيث توعد التنظيم في شريط فيديو نشره في شهر آذار/ مارس، بأن (يغزو إيران، وبأن يعيدها إلى بلد مسلم سنّي، كما كانت سابقا)، ويدعي الجهاديون بأن الزعامات الدينية الشيعية ومن سبقها في النظام الملكي، اضطهدت السنة لقرون".
وينوه الكاتب إلى أن هناك حلفاء طبيعيين لتنظيم الدولة في جنوب شرق إيران المضطرب في إقليم سيستان وبلوشستان، الذي يحتوي على نسبة كبيرة من السنة، وقام متطرفون سنة مرتبطون بشبكة جند الله في 2010، بقتل 39 شخصا في مسجد في الإقليم، بالإضافة إلى أن هناك تاريخا من الهجمات الصغيرة من الأقلية الكردية والعربية في الشمال الغربي والجنوب الغربي على التوالي".
ويذكر تيسدال أن "فظائع يوم الأربعاء تأتي في وقت يتوقع فيه انهيار تنظيم الدولة في آخر معقلين له في العراق وسوريا، حيث تحاصر القوات العراقية المدعومة من إيران مدينة الموصل، وتحاصر المليشيات الكردية المدعومة من أمريكا وبريطانيا مدينة الرقة".
ويورد الكاتب أن "تنظيم الدولة دعا مؤيديه لنقل المعركة إلى أعدائه في بلادهم؛ ردا على هذا الضغط، وقد تكون الهجمات التي شنت في مانشستر وكابل وبغداد ومراوي في جنوب الفلبين ولندن في هذا السياق".
ويؤكد تيسدال أن "القادة والمعلقين الإيرانيين المحافظين سيذهبون إلى ما ذهب إليه الحرس الثوري من اتهام للسعودية، بالاشتراك مع الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، في هجمات الأربعاء".
ويقول الكاتب إن "طهران لم تنس الجهود السرية التي بذلتها إدارة جورج بوش الابن في العقد الأول من القرن الحالي؛ لزعزعة الاستقرار في إيران، بتمويل مجموعات معارضة متطرفة داخلية، ومن المعروف أيضا الدعم المتقطع لمجاهدي خلق، وهي مجموعة كان يدعمها صدام حسين سابقا، وكانت مسؤولة عن هجمات مسلحة كثيرة داخل إيران".
ويضيف تيسدال أن "السؤال المطروح هو إن كان العداء الذي أظهره ترامب تجاه إيران يشجع على إعادة جهود زعزعة الاستقرار الماضية، بشكل مباشر أو غير مباشر، حيث رفض ترامب سياسة الرئيس السابق باراك أوباما، التي قامت على انخراط محدود في التعامل مع إيران، فشن هجوما لاذعا عليها الشهر الماضي، وطالب بعزل إيران دوليا أثناء زيارته للرياض، مدعيا بأن طهران هي المصدر الرئيسي (لنيران الصراع الطائفي والإرهاب)".
ويشير الكاتب إلى أن الملك سلمان يتهم إيران بـ"نشر الإرهاب عالميا"، لافتا إلى أن ترامب هدد بتمزيق المعاهدة النووية، التي أبرمها أوباما مع إيران عام 2015، بتحفيز من إسرائيل.
ويفيد تيسدال بأن ترامب عقد اتفاقية بيع أسلحة ضخمة مع السعودية، مشيرا إلى أنه دعم السعودية في مقاطعتها لقطر، التي بقيت هي الوحيدة تقريبا التي حاولت أن تبقى على علاقة جيدة بإيران، ما دعا السياسين إلى التحذير من حرب وشيكة.
وبحسب الكاتب، فإن قادة إيران يرفضون اتهامات ترامب تماما، ويقولون إن الرياض هي أكبر الملهمين والمؤيدين لتنظيم الدولة، ويشيرون إلى أن إيران وأمريكا تقاتلان جنبا إلى جنبا ضد الجهاديين في العراق.
ويخلص تيسدال إلى القول إن "إيران على عكس الأنظمة الدكتاتورية في الخليج، فهي تملك نظاما شبه ديمقراطي، وبرلمانا ورئيسا يتم انتخابهما، وهذا يفند صورة (الداعم للإرهاب)، وهذه الحقيقة تزعج ترامب والسعوديين وتنظيم الدولة بالدرجة ذاتها".