طالبت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق رسمي في "الجرائم المرتكبة في
قطاع غزة والناجمة عن الحصار المشدد من قبل
إسرائيل ومصر والسلطة
الفلسطينية، والتي ترقى إلى جرائم حرب".
ودعت في بيان لها الثلاثاء أمين عام الأمم المتحدة إلى الضغط على الأطراف المعنية لرفع الحصار المفروض على القطاع من كافة الجهات والسماح للحالات الطبية التي تحتاج للعلاج بالسفر والعمل على توفير المستلزمات الطبية قبل حصول كارثة إنسانية.
وقالت :"يعاني المواطنون في قطاع غزة من آثار الحصار المستمر على القطاع منذ أكثر من 11 عاما من جانب سلطات الاحتلال الإسرائيلي من جهة، ومن جانب الحكومة
المصرية التي تسيطر على
معبر رفح من جهة أخرى، وازدادت الأمور تعقيدا مؤخرا بسبب القرارات التي اتخذها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تجاه قطاع غزة والتي تمس الحقوق الأساسية للمواطنين والقطاعات الحيوية داخل القطاع، وفي مقدمتها قطاع الصحة".
وأوقفت السلطة الفلسطينية في رام الله توريد الأدوية والمستهلكات الطبية منذ ما يقارب الشهرين، وهو ما يؤثر بحسب المنظمة بشكل كبير على قدرة المنشآت الطبية في تقديم الخدمات للمرضى، بالإضافة إلى قرار الرئيس محمود عباس في نيسان/ أبريل الماضي باقتطاع 30% إلى 50% من رواتب الموظفين داخل القطاع بدون أي مبرر.
اقرأ أيضا: فيلت: هل تؤدي أزمة قطر لانفجار الأوضاع في قطاع غزة؟
وأشارت المنظمة إلى "تصاعد أزمة نقص الأدوية والمعدات اللازمة لأصحاب الأمراض الخطيرة والمزمنة، مثل مرضى السرطان، وهو الأمر الذي بات يهدد المنشآت الطبية بالتوقف الكامل، حيث تعاني مستودعات الأدوية من نفاد 270 صنفا من المستلزمات الطبية و170 صنفا من الأدوية في تخصصات أمراض الكلى والغدد والأعصاب والجهاز التنفسي والهضمي".
واستطردت قائلة:" يأتي هذا في ظل منع السلطات الإسرائيلية دخول أية أجهزة أو معدات طبية حديثة، بالإضافة إلى عدم إيجاد حل لأزمة الكهرباء، والتي تنقطع بمعدل 18 إلى 20 ساعة يوميا، ما يؤثر بشكل كبير على قدرة المرافق الصحية على تقديم خدماتها وعمل الأجهزة وحفظ الأدوية".
وتابعت: "سيفاقم الأزمة بشكل خطير قرار الحكومة الإسرائيلية الأخير بخفض إمدادات الكهرباء إلى قطاع غزة بناء على طلب رسمي من السلطة الفلسطينية بحيث لا تتجاوز فاتورة الكهرباء التي تدفعها السلطة 25 مليون شيكل (حوالي 7 ملايين دولار)".
وأردفت:" يعاني المواطنون أصحاب الأمراض في قطاع غزة من أزمة كبيرة تهدد حياتهم بالخطر، حيث توفي خلال العام الجاري طفلان، وثلاث سيدات، ورجل مُسن، نتيجة عجز المرافق الصحية في القطاع عن علاجهم، هذا بالإضافة إلى معاناة عشرات الآلاف من المرضى الذين لا يجدون علاجا لهم، بينهم 6000 شخص يعانون من مرض السرطان، منهم 480 طفلا، لا تتوافر جرعات العلاج الكيماوي اللازمة لهم".
وأضافت:" نتيجة افتقار أغلب المستشفيات في القطاع إلى الأجهزة والمستلزمات الطبية للأسباب السالف ذكرها، يضطر المرضى إلى البحث عن العلاج سواء داخل فلسطين أو خارجها، في ما يسمى بالتحويلات الخارجية للعلاج، أو بروتوكولات العلاج، وهي طريقة باهظة التكاليف لا يستطيع المواطن تحملها، حيث يتم التقدم بطلب للحكومة الإسرائيلية للتصريح للمريض للمرور عبر حاجز بيت حانون (إيرز) إلى مستشفيات في الضفة الغربية أو إسرائيل لتلقي العلاج".
ولفتت المنظمة العربية لحقوق الإنسان إلى أن السلطات الإسرائيلية تتأخر في الموافقة على الطلبات التي يتقرر قبولها للخارج حتى مع الحالات الطارئة، وكذلك تقوم أجهزة الأمن الإسرائيلية بابتزاز المرضى.
وأشارت إلى أن عدد طلبات التحويلات الخارجية المقدمة للسلطات الإسرائيلية خلال الثلاثة أعوام الأخيرة، بلغ 66252 طلبا، تم رفض ما يزيد على 3500 طلب منها، وتعليق الرد على حوالي 10 آلاف طلب لم يتم البت فيها حتى الآن.
اقرأ أيضا: من أيد ومن رفض داخل حكومة نتنياهو إقامة جزيرة قبالة غزة؟
وأوضحت أن الحكومة المصرية تستمر في تعنتها مع المواطنين الفلسطينيين الراغبين في السفر من وإلى قطاع غزة عبر معبر رفح، حيث لم يفتح خلال العام الجاري للمرور من الجهتين سوى عشرة أيام فقط، آخرها كان منذ قرابة الثلاثة أشهر، كما أنه فتح لمدة أربعة أيام فقط منذ حوالي شهر أمام بعض العالقين في الجانب المصري للعودة إلى القطاع.
وبحسب إحصاءات رسمية، فقد بلغ عدد المسافرين الذين تمكنوا من السفر خارج القطاع 2624 تقريبا، من بين أكثر من 25 ألف مواطن مسجلة أسماؤهم في قوائم وزارة الداخلية الفلسطينية وبحاجة للسفر، فيما عاد إلى القطاع 3106 أشخاص، بينما قامت السلطات المصرية بإرجاع 203 مسافرين أثناء مغادرتهم دون الإفصاح عن الأسباب، بحسب نص البيان.
وشدّدت على أن "ما يتعرض له قطاع غزة في هذه الأيام هي عملية خنق شاملة تشترك فيها ثلاث جهات بشكل واضح وصريح هي إسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية في مسعى من هذه الجهات لإخضاع من يتولون إدارة قطاع غزة لأجندات سياسية".
وقالت إن "العقوبات الجماعية التي فُرضت على قطاع غزة منذ 11 سنة وتشديدها مؤخرا تشكل خرقا فاضحا لقواعد القانون الدولي الإنساني وعلى وجه الخصوص اتفاقيات جنيف التي تُحرم المس بحقوق المدنيين وتمنع استخدامهم كورقة ضغط لتحقيق أجندات سياسية".
وشدّدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا على أن "ممارسات السلطة الفلسطينية في رام الله ضد قطاع غزة هي ممارسات لا أخلاقية وغير قانونية تضاعف معاناة المواطنين الذين يعانون أصلا آثار الحصار الإسرائيلي منذ ما يزيد على الـ11 عاما، ما يوجب ملاحقة قادة السلطة الفلسطينة بتهم ارتكاب جرئم ضد الإنسانية".