نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للمعلقة المعروفة بولي توينبي، تمتدح فيه النجاح الذي حققه زعيم حزب
العمال جيرمي
كوربين، في زيادة نصيب حزبه من المقاعد في البرلمان.
وتقول الكاتبة في مقالها، الذي ترجمته "
عربي21"، إن "كوربين ظهر بصورة جديدة، مليئا بالثقة بالنفس واللطف والتسامح تجاه المشككين، ويعطي شعورا بوجود أب جديد للبلد، وينتظر بهدوء صعوده إلى السلطة، عندما قابلته يوم الأحد شد على يدي، وبغمزة ووميض في عينيه شكرني على أشياء كتبتها".
وتضيف توينبي: "في الواقع حييت حملته الانتخابية، والتفاؤل، والبرنامج الذي لقي شعبية، لكني قبل ذلك كنت قد كتبت عن شكي العميق في مقدرته على تقريب حزب العمال من الفوز عندما كانت شعبيته بفارق عشرين نقطة عن الحزب الحاكم، وكان التحول في حظوظه مفاجئا وغير مسبوق".
وتتابع الكاتبة قائلة: "قد ينظر إلى الاستطلاعات على أنها أصبحت ليست أفضل من تنجيم سياسي، لكن النتائج الحقيقية للانتخابات المحلية قبل شهر من الانتخابات العامة، أظهرت تراجع العمال بـ11 نقطة، ولذلك ساد الخوف حزب العمال، والآن فإن أعضاء البرلمان العماليين بعد جهودهم الشخصية مدينون لكوربين، الذي حرك شريحة الشباب للتصويت، وكثير منهم كانوا من المصوتين الجدد".
وتمضي توينبي إلى القول: "أصبح الفوز قاب قوسين أو أدنى، فتحالف تيريزا
ماي مع الحزب الاتحادي الديمقراطي هش، وقد ينهار في أي لحظة، بالإضافة إلى أن فيروس البريكسيت قتل قيادات المحافظين كلها، منذ مارغريت ثاتشر، ولا يزال متفشيا في حزبها، لكن صحيفة (صن) قالت إن عدد أعضاء البرلمان الذين يريدون خروجا لينا من الاتحاد الأوروبي هم الأغلبية (ويقصد بالخروج اللين، البقاء في السوق المشتركة)".
وتقول الكاتبة: "علينا توقع خطاب قصير للملكة؛ لقلة الأمور التي يمكن الاتفاق عليها: فمعظم البنود على (أسوأ برنامج انتخابي في التاريخ) محكوم عليها بالفشل، وهناك شماتة يمكن الاستمتاع بها، فمثلا مع غياب الأغلبية، فإن ما يسمى تقليد ساليزباري -حيث يوافق مجلس اللوردات على ما يرد في البرنامج الانتخابي للحكومة- لن يتم تطبيقه".
وتشير توينبي إلى أن "إحداث تغييرات في حدود الدوائر الانتخابية لضمان هيمنة المحافظين هو أيضا غير ممكن؛ لأنه يحتاج إلى تشريع يلغي حوالي 50 دائرة انتخابية، معظمها عمالية، لكن سيتأثر أيضا بعض النواب المحافظين، الذين لن يدعموا حكومتهم في المشروع، أما الحزب الاتحادي الديمقراطي فلن يوافق على خسارة مقاعده في إيرلندا الشمالية، ولن يكون البرلمان كثير الانشغال، خاصة أن أعضاء الحزب الاتحادي الديمقراطي لا يحضرون إلا يوم الثلاثاء ظهرا، ويغادرون يوم الأربعاء مساء".
وتفيد الكاتبة بأن "إحدى القضايا التي تأمل ماي أن تغمز فيها حزب العمال، هي التشريع ضد الإرهاب، ومنع (التطرف)، لكن وضع قانون ضد الأفكار الخطيرة دون ارتكاب عمل إجرامي أمر صعب، إلى درجة يجعل استحالته هي التي ستربكه".
وتقول توينبي: "أما كبار أعضاء حزب المحافظين فيريدون من ماي البقاء سنتين لتتحمل وحدها المعاناة القادمة بسبب البريكسيت، وبعد أن يصل البريكسيت إلى النتيجة المشوشة، ستكون هي أو المتطرفون الراغبون في ترك أوروبا في حزبها قد أصيبوا بخيبة الأمل الكبيرة، أو إن كانوا راضين عن النتائج سيكون الاقتصاد قد انهار، حيث تتوقف الشاحنات بطوابير على الحدود الأوروبية، وسيغادر الأوروبيون بأعداد كبيرة، وحينها فقط سيقدمون ماي كبش فداء في الصحراء".
وتبين الكاتبة أن "الدعوة للانتخابات كانت جزئية؛ لأن الأمور في الطريق إلى الأسوأ، فمستوى المعيشة بدأ بالانحطاط، وزاد التضخم، ويضيق الوثاق حول الخدمات الطبية، والمدارس تقلل من عدد المدرسين، وهناك خفض للمساعدات الاجتماعية، وليس هناك ما يسر، وفرصة أن تستدير ماي وتتبنى سخاء حزب العمال هي صفر تقريبا؛ وذلك كله يضعف الدولة".
وتقول توينبي: "فلندع ماي تحتفظ لنفسها بالمعاناة الاقتصادية، التي تسبب بها حزبها، والبريكسيت، الذي كان نتيجة جنون المحافظين، وسيكون حزب العمال محظوظا ألا يتسلم زمام الحكم إلا بعد أن يصل هذا المشروع إلى النهاية المرة، لكن الصخب قد يغرق هذه الحكومة في أي وقت، وقد يرث حزب العمال حالة فوضى".
وتلفت الكاتبة إلى أن "كوربين حقق من الاحترام والمصداقية ما أسس لمنطقية تقلده رئاسة الوزراء، وفي المحصلة ما فعلته (صن) و(ديلي ميل) هو أنهما قدمتا خدمة لكوربين، عن طريق النبش عن كل الاتهامات ضده، ومع ذلك فشلتا في تخويف المصوتين من التصويت له، وعلى العكس فقد أحبطت تلك الصحف نفسها، فلن تفيدها في المستقبل العودة إلى الملفات الخاسرة ذاتها مرة أخرى".
وتقول توينبي: "هذا كوربين في أسبوعه الأول، رجل مجدد ومنقذ للشباب والكبار من سلاسل التقشف، ووصف نفسه في برنامج أندرو مار بأنه (أكرم الناس في العالم)، ولكن يجب أن تسكن هذه الروح فريقه أيضا، ولإظهار تسامحه يمكنه احتضان معارضيه في الحزب، بالتسامح معهم، وإبداء القبول لهم، بالإضافة إلى أن ظهور حزب العمال موحدا ومحتفيا سيكون بعكس حزب المحافظين، الذي أصبح في حالة فوضى".
وتجد الكاتبة أنه "في الوقت الذي يحضر فيه حزب العمال لانتخابات استثنائية أخرى، فإن على الحزب أن يعيد النظر في التعامل مع التحالف التقدمي، حيث قام مرشحون عن حزب الخضر بالانسحاب لمساعدة حزب العمال، فكان يجب رد المعروف بتنازل العمال عن مقعد على الأقل للخضر، فهذه المواقف مهمة في الانتخابات، كما هي الحسابات الانتخابية، ويجب الانفتاح تجاه فكرة التمثيل النسبي".
وتختم توينبي مقالها بالقول: "بدأ العمل على برنامج الانتخابات القادمة، بحيث يكون واقعيا، ويكسب قبول معهد الدراسات المالية، وليس فقط من خلال طرح التزامات بالنفقات يتم جذب الناخب، لكن أيضا بالتأكد من الأرقام والإمكانيات، فقد كانت النكتة التي يستخدمها
المحافظون ضد العمال هي من أين سيأتون بالأموال لتغطية تلك النفقات كلها من (شجرة النقود السحرية؟)".