وسط ما يعيشه
المصريون من غضب مع إقرار البرلمان أحقية السعودية في جزيرتي
تيران وصنافير؛ رصد محللون تسع نقاط ربما يستفيد منها مناهضو قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي.
وتسود في مصر حالة من الغضب إثر التصديق على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية بشكل نهائي، عبرت عنها فئات ثورية بالتظاهر في نقابتي الصحفيين والمحامين، الثلاثاء، وحاولت بعض الرموز الثورية الاعتصام في ميدان التحرير الأربعاء، كما دعت جماعة الإخوان المسلمين والمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي للتظاهر، الجمعة.
واعتبر محللون أن أولى النقاط هي "تعرية" السيسي وقيادات المؤسسة العسكرية، وأعضاء البرلمان المؤيدين للاتفاقية، وكشف خداعهم للشعب.
ثانيا، ظهور حقيقة بعض الشخصيات العامة من (الإعلاميين والصحفيين والسياسيين وعلماء الدين)، وتسجيل ما سمي بـ"قائمة العار" من الداعمين للتنازل عن الجزيرتين.
كما أن عودة الحراك الثوري عبر النقابات (الصحفيين والمحامين) الثلاثاء، وخروج مسيرات غاضبة على أبواب ميدان التحرير مساء الأربعاء، ومن منطقة بولاق الدكرور الخميس، يعد ثالث المكاسب. كما خرجت
مظاهرات بعد صلاة الجمعة في عدة مناطق مصرية.
والرابع؛ هو قرب عودة روح ثورة كانون الثاني/ يناير 2011، وذلك بدعوة بعض القوى الثورية للتظاهر سوية الجمعة، لأول مرة منذ الانقلاب العسكري منتصف 2013.
وخامسا، هو خسارة السيسي عددا كبيرا من مؤيديه من المثقفين واليساريين والليبراليين، من الرافضين أيضا لجماعة الإخوان المسلمين، وخسارته أيضا جل أنصاره من الطبقات الشعبية.
وسادسا، رصد محللون شعورا متزايدا بالشارع المصري وبين المثقفين؛ بأن ما وقع لجماعة الإخوان والرئيس محمد مرسي إثر الانقلاب شابه كثير من الظلم، فيما طالب بعض النشطاء (ممدوح حمزة وحازم عبد العظيم) بعودة أفراد الجماعة للشارع الثوري.
سابعا، أكد محللون تحول معركة التزييف الإعلامي التي تقودها أذرع الانقلاب بالقنوات والصحف إلى معركة وعي للشعب عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ثامنا، تحدث البعض عما أسموه "عودة الروح المصرية"، وعدم ربط صورة رأس النظام بهيبة وكيان الدولة، ونهاية حالة الخوف من أن انتقاد السيسي يعني هدم مصر.
وأخيرا، يرى محللون أن أهم المكاسب؛ هي ظهور محاولات لرأب الصدع في الشارع الثوري على الأرض.
ليست كلها سوادا
وأكد الإعلامي والمحلل السياسي، عماد البحيري، أن حكاية "تيران وصنافير" ليست كلها سوادا. وتحدث عن وجود جوانب إيجابية في المعركة مع النظام، ومطالبا جميع الفئات المصرية بمحاولة البناء على الإيجابيات والتعلم من أخطاء الماضي.
وقال البحيري، عبر صفحته في "فيسبوك"، إن السيسي والمؤسسات التابعة له تعرت تماما ولم يبق حوله غير المنتفعين بحكمه، واعتبر أن عددا كبيرا من أنصار السيسي؛ تحولوا عنه ويكيلون له الشتائم، موضحا أن المعارضة "كسبت معركة الوعي مع الشعب".
لم يحن الوقت
من جانبه، قال مستشار وزير التجارة والصناعة الأسبق، إبراهيم نوار، أن أزمة تيران وصنافير كشفت "حقيقة مشاعر المخلصين من أبناء مصر"، وخلفت إيجابيات عدة مثل "توحيد الصف والكلمة والهدف، وانكشاف زيف كثير من الشخصيات، ووقف معركة تزييف الوعي وبناء وعي حقيقي للشعب"، معتبرا أنها جميعها بدايات لمكاسب أكبر يجب استثمارها.
وقال نوار الكاتب بصحيفة الأهرام، لـ"
عربي21": "أظن أن المصريين أمامهم فترة للاستفادة من تلك الإيجابيات، ولاستيعاب معاني ما حدث في أزمة التنازل عن التراب الوطني، وكيفية الرد عليها والتعامل معها".
وأضاف: "ما يزال أمام المصريين وقت، وأن عمر الشعوب يعد بآلاف السنين لا بعمر السياسيين"، مطالبا الثوريين بـ"ألا يتعجلوا"، بحسب تعبيره.
بشائر يناير الثورية
وأكد إبراهيم فايد، المستشار والمتحدث الإعلامي لدى المجلس القومي للعمال والفلاحين، أن قضية تيران وصنافير برمتها "تمثل كارثة، بل ويمكن أن نطلق عليها نكسة القرن الواحد والعشرين، بما تحمله من سلبيات سوداوية كارثية تتعلق بالأرض والعرض"، وفق قوله.
وقال فايد لـ"
عربي21": "الأمر الإيجابي يمكن حصره في عودة الروح الثورية وبروز نجم بشائر ملحمة يناير الثورية، حتى رأينا كم الرفض والشجب والتخوين الذي وجهته الأحزاب والحركات السياسية، بل وجنود وضباط وقدامى المحاربين، وعشرات الشخصيات العامة مدنيا وعسكريا؛ للنظام والبرلمان".
وأشار إلى استقالة أحد نواب البرلمان الخميس، معتبرا أن هذا التحرك الشعبي هو "الإيجابية الأبرز"، وفق فايد.
وفي المقابل، شدد فايد على ضرورة "رأب الصدع بين مختلف الحركات والأحزاب السياسية ليمارسوا دورهم الأصيل الذي أقره لهم الدستور، وليعودوا كتلة واحدة كما جمعهم يناير من قبل، قبل أن يفرقهم هذا النظام ببطشه وقمعه وإعلامه".
وقال إنه يمكن الاستفادة أيضا "من روح الثورة الملتهبة وتقارب الرؤى في إبراز رأي الشعب بعدم اعترافه بالاتفاقية الخبيثة، وأن البرلمان لم يعد يمثل الشعب"، ورأى أن "تلك إشارة واضحة للجيش بضرورة التدخل، وأن نسمع منه قولا فصلا بعدم التفريط في الأرض مهما وافقت حكومات وأنظمة وبرلمانات".