تساءل محرر الشؤون الأمنية في هيئة الإذاعة البريطانية فرانك غاردنر، إن كانت
السعودية قد تمادت في الإجراءات التي اتخذتها ضد دولة
قطر.
ويقول غاردنر في مقاله التحليلي، الذي ترجمته "
عربي21"، إن "دولة قطر ذات السيادة تعرضت لعقوبات غير مسبوقة من طرف جيرانها العرب الخليجيين، بقيادة السعودية".
ويشير الكاتب إلى أن هذه العقوبات جاءت بسبب المزاعم التي قالت، إن قطر واصلت تمويل مجموعات إرهابية، وأثرت على استقرار المنطقة، لافتا إلى أن "مظاهر الوحدة الخليجية التي يجسدها مجلس التعاون الخليجي قد ذهبت"، وقال إن الخليج لن يعود كما كان، حتى لو تم حل الأزمة عبر المفاوضات.
ويلفت غاردنر إلى أن الدول التي تصدت لعزل قطر، ترى أنها تواجه تهديدين أساسيين، وهما
إيران والإسلام السياسي، وتقول إن الدوحة ساعدت الطرفين.
ويعتقد الكاتب أنه "فيما يتعلق بإيران، فيبدو أن الدول الأربع المقاطعة قد تجاوزت الحدود، فقطر تتقاسم مع إيران أكبر حقل غاز طبيعي في العالم، وهو حقل غاز الشمال، أو حقل فارس الجنوبي/ حقل القبة الشمالية، الواقع قبالة السواحل القطرية والإيرانية، فالجغرافيا حكمت علاقة جوار على البلدين، ولهذا يجب عليهما التعايش".
ويبين غاردنر أن "هذه الدول شعرت بعد زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بأنه يجب عليها اتخاذ موقف موحد، وأن قطر (قد خذلتها)".
ويقول الكاتب: "أما بالنسبة للإسلام السياسي، فإن قطر دعمت الإخوان المسلمين والحركات الإسلامية في مصر وليبيا وغزة وسوريا، وفتحت المجال أمامهم للتعبير عن موقفهم، عبر قناة (الجزيرة)، وتخشى الدول الخليجية من رؤية الإخوان، التي تتعارض مع أنظمة حكمها".
وينقل غاردنر عن ولي عهد
الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ما قاله له إن "حركة الإخوان المسلمين تشكل خطرا وجوديا على المنطقة".
ويرى الكاتب أنه "عندما يتعلق الأمر بدعم الإرهاب، فإن القضية أكثر غموضا، خاصة أن هناك من يرى أن في موقف السعودية نفاقا، وكما يقول المثل فـ(من كان بيته من زجاج فلا يرمي الناس بالحجارة)".
وينوه غاردنر إلى أن السعودية ضخت ملايين الدولارات لصالح جماعات متشددة في سوريا، في محاولتها الفاشلة للإطاحة برئيس النظام السوري بشار الأسد، مشيرا إلى أن بعض هذه الجماعات انتهى بها الأمر في صفوف ما يسمى تنظيم الدولة.
ويقول الكاتب إنه "لا يمكن نفي صلات قطر بجبهة النصرة، وفي إحدى زياراتي لعاصمة قطر الدوحة، أخبرني مسؤولون في جهاز الاستخبارات القطرية في عام 2014، بشكل شخصي، بأنهم أفلحوا في تأمين الإفراج عن رهائن كانوا محتجزين عند هذه المجموعة، ومن الطبيعي أن هذه المجموعة طالبت بمبالغ هائلة مقابل الإفراج عن الرهائن".
ويجد غاردنر أنه "في الوقت الذي تعكس فيه عملية محاصرة قطر رؤية هذه الدول الأربع، إلا أن من وجه وقاد هو ولي ولي عهد السعودية، ووزير دفاعها، محمد بن سلمان البالغ من العمر 31 عاما".
ويقول الكاتب إن "السؤال الذي يطرحه الكثيرون عما إذا كان ابن سلمان قد ذهب بعيدا جدا في موقفه، خاصة أن السعودية لديها أصلا ما يكفي من المتاعب على يديه"، مشيرا إلى مشاركة السعودية والإمارات خلال العامين الماضيين في حرب غير حاسمة ومدمرة جدا في اليمن.
ويورد غاردنر أنه تضاف إلى ذلك المتاعب التي تعانيها الدولة من التمرد الشيعي في شرق السعودية، حيث تواجه السعودية تمردا وغضبا تشهده المنطقة الشرقية التي يسكنها الشيعة بشكل أساسي.
ويذهب الكاتب إلى أن "الخسارة الحقيقية على المدى البعيد من الأزمة الحالية ستكون اقتصادية، فدول الخليج بحاجة للاستقرار حتى تكون قادرة على خلق فرص عمل لمواطنيها الشباب في غالبيتهم، ولا يعرف أحد كيف ستلحق الأزمة الحالية ضررا بالوضع الحالي أكثر من الضرر القائم فعلا".
ويختم غاردنر مقاله بالتحذير من تعميق الأزمة بين سكان المنطقة، ليس فقط بالنسبة لقطر الغنية ولسكانها قليلي العدد، لكن للمنطقة كلها بشكل عام.