يحل
عيد الفطر المبارك على
اليمنيين للمرة الثالثة وحالهم لم يتغير كثيرا، بل مازال يراوح مكانه، قتال ووباء وفقر، وغياب أية مؤشرات للحل وإنهاء الحرب التي دخلت عامها الثالث، وهو ما يبعث على التساؤل؛ هل مر العيد في هذه البلاد؟
ففي مدينة تعز (جنوب غرب اليمن)، لم يوقف حلول العيد أصوات المدافع والمعارك الدامية بين القوات الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي والمتمردين
الحوثيين وقوات حليفهم علي صالح، فضلا عن استمرار الحصار المفروض عليها منذ نحو عامين.
أجواء العيد غائبة تماما
الصحفي والناشط في المقاومة الشعبية بتعز، مازن فارس، يصف أجواء العيد في هذه المدينة الأكثر كثافة سكانية في البلاد قائلا: "أجواء العيد تبدو غائبة تماما عن تعز، في ظل الحرب والحصار المفروض عليها منذ عامين".
وأضاف في حديث لـ"
عربي21" أن مظاهر العيد لدى السكان المحليين، تقتصر على التهاني والتبريكات التي يتبادلونها بينهم، خالية من أي أجواء الفرح كما كانت في سنوات ما قبل الحرب.
وأشار فارس إلى أن عيد الفطر يعود مجددا، في ظل تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي أثرت على حياة الكثيرين من الناس، وبالأخص ذوي الدخل المحدود من الموظفين الذين انقطعت رواتبهم فتقطعت سُبل عيشهم.
وأكد أن كل تلك المعطيات ساهمت في غياب مظاهر العيد، فلا متنزهات ولا حدائق حاضرة، وانحسرت الرحلات التي اعتادت العائلات التعزية على تنظيمها مع حلول الأعياد، بالإضافة إلى أن أطفال تعز باتوا محرومين من الاستمتاع واللهو بهذه الفرحة؛ بفعل الحرب والقصف العشوائي على الأحياء السكنية من قبل الحوثيين.
فرحة رغم المنغصات
أما في مدينة عدن (جنوبي اليمن)، قال الصحفي، أدهم فهد، إن فرحة العيد حضرت جزئيا في هذه المدينة التي باتت عاصمة مؤقتة للبلاد، لاسيما أن هذه المناسبة تزامنت مع حلول الذكرى السنوية الثانية لاستعادة قوات الشرعية للمدينة الساحلية، وطرد المسلحين الحوثيين وقوات المخلوع صالح منها.
وأضاف في حديث خاص لـ"
عربي21" أن ما يميز هذا العيد عن سابقيه في العامين الماضيين، هو "تمكن الحكومة الشرعية من صرف مرتبات الجزء الأكبر من موظفي الدولة مدنيين وعسكريين في عدن"، وهذا ما يفسر الزحام الشديد الذي شهدته أسواق المدينة، في الأيام القليلة الماضية.
إلا أن هذا الجو السائد في يوم العيد بعدن لم يكتمل، بحسب الصحفي العدني أدهم فهد، بل تبرز "أزمة الكهرباء" كمنغص لفرحة المواطنين الذين حاولوا تجاوز هذه المعضلة، من خلال الخروج مع عائلاتهم إلى المتنفسات والحدائق.
ووفقا للصحفي فهد، فإن الألعاب النارية التي زينت أجواء المدينة الجنوبية في أول أيام العيد، واحدة من أبرز ملامح الفرحة التي عبر عنها أطفال عدن، رغم محدودية الحدائق والملاهي الخاصة بهم.
مغيبون في السجن
من جانب آخر، حرمت الكثير من الأسر في اليمن من الاحتفاء بعيد الفطر لأسباب عدة، لعل أبرزها "حالة الاعتقال التي غيبت ذويهم القابعين في زنازين الحوثي"، وهو ما يجعل هذا يوما عاديا بالنسبة إليهم.
مروان المنيفي، الابن الأكبر للصحفي اليمني المعتقل لدى الحوثيين منذ عامين، يحكي عن صور الألم والبعد والمأساة التي فرضها غياب والدهم للمرة الثالثة عن هذه المناسبة.
وقال لـ"
عربي21": "يمر العيد علينا صعبا جدا نظرا لغياب والدنا المختطف من قبل الحوثي... فهو العائل الوحيد لنا". مضيفا: "للمرة الثالثة يعود عيد الفطر والصحفي المنيفي القابع في سجن "الثورة" بمنطقة نقم شرقي صنعاء، مغيب عن أسرته.
وناشد نجل الصحفي المنيفي المنظمات الحقوقية بإنقاذ المختطفين والصحفيين لدى جماعة الحوثي، جراء استمرار حفلات التعذيب ونقلهم من سجن إلى آخر. لافتا إلى والده المختطف تعرض للتعذيب من قبل الحوثيين في سجن الأمن القومي (مخابرات) في صنعاء، دون أن توجه له أي تهمة سوى أنه "صحفي".
واختطف الحوثيون المنيفي، الصحفي الذي يعمل محررا في صحيفة "الصحوة" التابعة لحزب الإصلاح، في شباط/ فبراير 2016، من محافظة ذمار قبل أن يتم نقله إلى صنعاء.
وباء الكوليرا
وحل عيد الفطر مع أسوأ تفش لوباء الكوليرا في العالم، وفقا لما ذكرته منظمة الصحة العالمية، أمس السبت.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) ومنظمة الصحة العالمية، في بيان مشترك، إن عدد الحالات المشتبه بإصابتها بالوباء في البلد الذي تمزقه الحرب فاق 200 ألف حالة، وأضافت الوكالتان أنهما تفعلان كل شيء ممكن؛ بغية وقف الوباء من الانتشار.
وجاء في البيان: “نواجه الآن أسوأ انتشار للوباء في العالم“، وتابع البيان قائلا: “في غضون شهرين، تفشى الوباء إلى كل محافظة تقريبا في هذا البلد، بحيث تشير التقديرات إلى أن 5000 حالة جديدة تُسجل كل يوم".
وتشير آخر إحصائية نشرتها منظمة الصحة يوم السبت، إلى ارتفاع حصيلة الوفيات جراء الكوليرا إلى 1310 حالات، فيما تجاوزت حالات الاشتباه 200 ألف حالة.
وتتصدر محافظتا حجة (شمال غرب) وإب (وسط) قائمة الأكثر وفاة وإصابة بهذا الوباء.
معارك مستمرة في مأرب
وفي سياق مواز، تتواصل المعارك لليوم الرابع على التوالي، بين الجيش الوطني والمسلحين الحوثيين وقوات صالح في الأطراف الغربية من محافظة مأرب الغنية بالنفط (شمال شرق البلاد).
وبحسب مصدر ميداني، فإن وحدات الجيش الوطني مستمرة في دحر مسلحي الحوثي وحلفائهم من المواقع التي يتحصنون فيها في جبهتي المخدرة وصرواح غربي مأرب.
وأضاف في تصريح لـ"
عربي21" أن المعارك أسفرت عن مقتل قيادي كبير بقوات الانقلابين في صرواح (آخر معاقلهم في مأرب).
ووفقا للمصدر، فإنه العميد ناصر العكيمي، المعين من قبل الحوثي، أركان حرب اللواء 312، المرابط في منطقة "كوفل" بصرواح، والخاضع القوات الحكومية.
ويأتي مقتل العميد العكيمي، بعد يوم من مقتل قائد اللواء المعين أيضا من الحوثي، حسين السقاف، في المعارك التي دارت يوم السبت بمدينة صرواح.
وكان الجيش اليمني بدأ عملياته العسكرية في المحور الغربي من مدينة مأرب، الخميس الماضي، وسط إحراز وحداته تقدما ميدانيا على حساب الحوثي وكتائب علي صالح، في مسعى لطردهم من مديرية صرواح التي ما زالت أجزاء واسعة منها خاضعة لسيطرتهم.