نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا لرئيس حملة التضامن مع
فلسطين بن جمال، حول المراجعة القضائية التي طلبتها الحملة، بعد أن صدر قرار عن الحكومة البريطانية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، يمنع برامج التقاعد التابعة للمجالس المحلية من السعي "لسحب استثماراتها أو
المقاطعة لدول أجنبية، ولا للصناعات الدفاعية البريطانية.. عدا عن المقاطعة القانونية، والحظر والقيود التي تحددها الحكومة".
ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن هذه كانت محاولة من الحكومة لمنع مقاطعة
إسرائيل، وتم إصدار القرار بالرغم من أن استشارة شعبية أظهرت أن 98% ممن أجابوا عن الاستشارة اعتبروا أن من الخطأ اتخاذ هذا القرار.
ويذكر جمال أن لجنة التضامن مع فلسطين قررت تحدي قرار الحكومة، والذهاب إلى المحكمة، بالتعاون مع شهود من مؤسسة "وور أون وونت" و"حملة معارضة الاتجار بالأسلحة"، وجمعية "كويكرز"، لافتا إلى أن قاضي المحكمة السير روس غرانستون حكم في 22 حزيران/ يونيو، بأن قرار الحكومة ليس قانونيا، وأن الحكومة تصرفت لغرض غير سليم.
ويعلق الكاتب قائلا: "كان هذا انتصارا لحكم القانون وللديمقراطية المحلية ولحرية التعبير، وكانت أيضا لحظة حاسمة بالنسبة لحملة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات ضد إسرائيل حتى تلتزم بالقانون الدولي، وقد بدأت هذه الحملة عام 2005 استجابة لدعوة من 170 منظمة مدنية فلسطينية، أحبطتها عقود من شجب حكومات العالم لظلم إسرائيل للشعب الفلسطيني، ومع ذلك لم تحاول تلك الحكومات وضع أي ضغوط ذات معنى على إسرائيل".
ويلفت جمال إلى أن "نتائج هذه السياسة الفاشلة برزت هذا الشهر، حيث مر على احتلال القدس والضفة الغربية وغزة 50 عاما، وأعلن وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان بأن إسرائيل تخطط لأكبر توسع استيطاني منذ عام 1992، وهو العام الذي سبق اتقاقية أوسلو، التي أطلقت ما يدعى عملية السلام، وزاد عدد المستوطنين القاطنين في الضفة الغربية والقدس الشرقية خلال تلك الفترة بحوالي نصف مليون مستوطن، وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 20 حزيران/ يونيو، عندما بدأ العمل في أول مستوطنة جديدة منذ 25 عاما، بأنه فخور، قائلا: (بعد عقود، فإنه يكون لي الشرف بكوني رئيس الوزراء الذي يبني مجتمعا جديدا في يهودا والسامرة)، أي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يشعر بالشرف لانتهاكه القوانين الدولية".
ويقول الكاتب: "إن حركة المقاطعة هي رد فعل لثقة إسرائيل بأن بإمكانها أن تفعل ما تشاء وتفلت من المحاسبة، وتستخدم التكتيك ذاته، الذي استخدم بنجاح ضد نظام الأبارتايد في جنوب أفريقيا، وتدعو جميع الفاعلين لإنهاء الدعم الاقتصادي لأفعال إسرائيل غير القانونية".
ويضيف جمال أن "محاولة الحكومة البريطانية لفرض القانون المتعلق بالتقاعد كانت جزءا من محاولة أوسع لإسرائيل ومؤيديها لمقاومة النجاج المتنامي لحملة المقاطعة، وتبجح تقرير، تم تسريبه في نيسان/ أبريل، أعده معهد (ريوت)، وهو مركز فكري إسرائيلي، بالتعاون مع رابطة مكافحة التشهير الأمريكية، بالنجاح بإيجاد شبكة عالمية مؤيدة لإسرائيل، تعمل منذ عام 2010 لكبح نشاط حملة المقاطعة، واستخدام القوانين التي تمنع المقاطعة، كونها تكتيكا أساسيا؛ وقامت 14 ولاية أمريكية بسن قوانين كهذه".
ويجد الكاتب أن "حكم السير روس غرانستون يمثل خطا يمنع اتخاذ مثل هذه الإجراءات في المملكة المتحدة، حيث دعم الحق الأساسي في الاستثمار بناء على مبادئ أخلاقية، ويعطي هذا الحكم دفعة قوية لعمل الناشطين في حملة المقاطعة في المملكة المتحدة، ويظهر استطلاع حديث أجرته منظمة (يوغوف) بأن الرأي العام يؤيد المقاطعة، حيث رأى 43% من المستطلعة آراؤهم بأن المقاطعة هي رد فعل معقول للسياسات الإسرائيلية، ولم يعارضها سوى 13%، والحكم القضائي يجعل الحملة مؤيدة بالقانون أيضا، ومع زوال هذه العقبة القانونية بإمكاننا الآن الذهاب إلى المؤسسات المعنية، بما في ذلك المسؤولة عن صناديق التقاعد؛ لإقناعها بعدم الاستثمار في أنشطة غير قانونية، وفيها انتهاك لحقوق الإنسان".
ويختم جمال مقاله بالإشارة إلى أنه "عندما حاولت مارغريت تاتشر في ثمانينيات القرن الماضي منع مقاطعة النظام العنصري في جنوب أفريقيا، فإنها وجدت نفسها في الجانب الخطأ من التاريخ، وقالت لنا تيريزا ماي الأسبوع الماضي إن حكومتها تدرك الحاجة للتواضع، والاستماع للرأي العام، وإعادة التفكير في سياستها في مجموعة من القضايا، لقد حان الوقت لها لأن تعترف بأن السياسة الحالية تجاه الشرق الأوسط فشلت، وأن تستمع للأصوات الكثيرة التي تدعو لسياسة يتم بموجبها محاسبة إسرائيل بشكل صحيح".