قُتل مدنيان على الأقل، وأُصيب آخرون في تجدد للاشتباكات بين هيئة تحرير الشّام، وحركة "أحرار الشّام" في عموم ريف
إدلب في الشّمال السوري، في صراع يصفه ناشطون بـ"بصراع الرايات"، رغم المناشدات الكبيرة من قبل عدد من الشرعيين والسكان لوقف القتال.
ويأتي تجدد
الاشتباكات بين الطرفين، بعد يوم واحد من الاتفاق الشفهي بينهما على وقف التحشد، وتهدئة الخطاب الإعلامي، وتكليف لجنة شرعية لإعادة الأمور إلى نصابها، لكن لم تكن لتشكّل تلك اللجنة حتّى باغتت مدافع الفصيلين بعضهما، وعادت الاشتباكات بينهما أكثر حدة واتساعا، لتشمل كامل ريف إدلب.
وتبادل الفصيلان الاتهامات حول أسباب عودة الاشتباكات، ففي حين اتهم قادة في الهيئة، الحركة بنقض اتفاق عدم التحشيد على الأرض والتصعيد الإعلامي، اتهمت الحركة؛ الهيئة بـ"البغي" على عدد من معاقلها في ريف إدلب، مشيرة إلى أنها ترد البغي عن نفسها.
اقرأ أيضا: استنفار كبير بإدلب.. وتحذيرات من اشتباك "الهيئة" و"الحركة"
واتهم مسؤول العلاقات الإعلامية، في هيئة
تحرير الشام، عماد الدين مجاهد، في حديث لـ"
عربي21"،
أحرار الشام بنقض الاتفاق المتفق عليه مع الهيئة، من خلال نشر الحواجز في قرية شنان جنوب إدلب، وهذ بحسب مجاهد، يمثل انتهاكا للاتفاق بشقه العسكري، ثم تلا ذلك تصريحات للناطق باسم الحركة، عمر خطاب، تتهم الهيئة بعدم الالتزام بالاتفاق، فرّدت الهيئة، بحسب مجاهد، بالتوضيح لهم بأنه لا يوجد أي شرط يتضمن الانسحاب من بلدة تل الطوقان.
لكن خطاب أرجع أسباب الاشتباكات بين الجانبين إلى ما وصفها بـ"اعتداءات الهيئة" على عدد من حواجز الحركة في جبل الزاوية، وبالأخص في بلدة حزارين، وشاغوريت.
وقال خطاب لـ"
عربي21": "الهيئة هي التي أخلّت بالاتفاق بين الجانبين، وبالتالي، نحن نرد البغي عن أنفسنا لا أكثر"، مشيرا في الوقت ذاته إلى تبادل للسيطرة والنفوذ بين الحركة والهيئة في عدد من المناطق في جبل الزاوية، وريف إدلب الجنوبي والشّمالي.
وتُشير مصاد ميدانية لـ"
عربي21"؛ إلى تبادل للسيطرة والنفوذ بين الجانبين خلال الاشتباكات، حيث سيطرت الهيئة على عدد من معاقل الأحرار في جبل الزاوية، إضافة إلى بلدة الدانا التي استخدمت فيها الهيئة، بحسب رواية مسؤولين في الأحرار، الأسلحة الثقيلة، فيما طردت الأحرار حواجز تابعة للهيئة من محيط معبر باب الهوى الحدودي، ومدينة سرمدا القريبة.
وتؤكد المصادر أنّ الصراع بين الطرفين بدأ في بلدة حزارين في جبل الزاوية، إثر محاولة رتل تابع للهيئة "اقتحام البلدة" للقبض على "مطلوبين" لديها، بحجة رفع أعلام الثورة على عدد من مآذن المساجد في جبل الزاوية، فرفض حاجز تابع للحركة السماح لهم بالمرور، ما أدى لاشتباكات بين الرتل والحاجز، أدى إلى سيطرة الهيئة على الحاجز، ثم تطوّر ليشمل كامل ريف إدلب، ويستخدم فيه للمرة الأولى الأسلحة الثقيلة من دبابات ومدافع هاون، ما أسفر عن مقتل مدنيين في بلدتي حزارين واحسم.
اقرأ أيضا: هل تسمح "تحرير الشام" بإنشاء "إدارة مدنية" بإدلب السورية؟
بدوره، يقول مسؤول قطاع الهيئة في جبل الزاوية، حسام أبو عمران، لـ"
عربي21": "رفعت مجموعة أبو حفص بلين، التابعة للحركة العلم الذي تبنته الأحرار مؤخرا (في إشارة إلى علم الثورة)، في العديد من الأماكن في قرية بلين بجبل الزاوية، وفي نفس الوقت كنا قد رفعنا راية التوحيد على خزان مياه القرية، ليرسل أبو حفص مجموعة ومعها رشاشات متوسطة ليرفعوا العلم بجانب راية التوحيد، وكان هناك اثنان من الهيئة فقط، فحصلت معهما ملاسنة وتطورت بعدما قام عناصر الأحرار بتجريد عنصري الهيئة من سلاحمها والرماية على أحدهما وإصابته برجله"، وفق قوله.
وأضاف: "على أثرها قام أحد عناصر أحرار الشام بعد إصابته الأخ وتجريد الآخر من سلاحه، بسب الراية وتلفظ بألفاظ لا تليق عليها، وبدأت بإطلاق النار بالأسلحة المتوسطة والهجوم على بيوت الإخوة في القرية"، وفق رواية القيادي في الهيئة؛ الذي تحدث عن رفض مسؤول الحركة في بلدة إبلين حل الإشكال، ورفض مقابلته، معتبرا أن إصرار الحركة على خروج الهيئة من إبلين هو ما تسبب باندلاع الاشتباكات، كما قال.
ومما يُدلل على أنّ الصراع بين الجانبين، هو صراع على "الرايات"، ما غرّد به الشرعي في الأحرار أبو إبراهيم الحموي، حيث قال: "لمصلحة من... يتم إنزال علم الثورة السورية، أعظمِ الثورات العربية، على أكبر طاغية كافر؟ لمصلحة من... يتم حرق علم الثورة السورية، الذي أفتى بجواز رفعه المجالس الشرعية، والروابط العلمية، ومعظم المشايخ؟ لمصلحة من... يُداس علمُ الثورة السورية، الذي كُفن به مئاتُ آلاف الشهداء، ورفعته ملايين الأيادي الطاهرة، ونُصب على آلاف السواري والشواهد؟".
وكانت الحركة قد اعتمدت مؤخرا علم الثورة السورية، وتم رفع العلم على معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا.
إلى ذلك، دعا الشيخ عبد الرزاق المهدي، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلى حقن الدماء بين الطرفين، مشيرا إلى أنّ القرار لا يحتاج سوى لصدور أمر بذلك من قبل أبي جابر، قائد الهيئة، وأبي عمار، قائد الأحرار.
وأدت الاشتباكات بين الطرفين، وتبادل السيطرة بينهما، إلى تعطل حركة الطرق في ريف إدلب، وإغلاق المؤسسات المدنية في المعارضة، حيث يقول موظف في دائرة الشؤون المدنية ببلدة الدانا، فضّل عدم نشر اسمه، لـ"
عربي21": "لم نستطع الذهاب إلى العمل، بسبب انقطاع الطرق، وسيطرة الهيئة على المدينة".